برلمان الأردن.. مشهد غامض

من حملة الاخوان لمقاطعة الانتخابات
تشكيك متزايد بالانتخابات من جانب المقاطعين (الجزيرة)

محمد النجار-عمان

 
فتحت نتائج الانتخابات الأردنية الباب لتساؤلات متزايدة, بشأن صورة البرلمان الجديد, وعزوف الناخبين من أصول فلسطينية عن التصويت وتراجع أعداد ممثليهم من النواب.
 
واعتبر سياسيون أردنيون أن المشهد السياسي الأردني بات أكثر غموضا بعد أن تشكلت صورة برلمان يضم 80 نائبا جديدا من أصل 120.
 
وبينما ارتفعت أصوات المعارضة مشككة بنسب المشاركة المعلنة, رصد سياسيون ظواهر يرونها مقلقة رافقت الانتخابات أبرزها العنف الدامي.
 
كما توالت تقارير تفاوتت في تقدير مدى نزاهة الانتخابات, من جانب مراقبين محليين وأجانب. ولفت مراقبون في هذا الصدد إلى انخفاض الأرقام التي حصل عليها النواب الجدد مقارنة بانتخابات 2007 التي حل العاهل الأردني برلمانها قبل نهاية مدته بعامين.
 
ويتوقع المحلل السياسي عريب الرنتاوي, رغم التغيير الكبير في وجوه الوافدين الجدد تحت قبة البرلمان أن يبقى الأداء السياسي كما هو دون تغيير, "إن لم يتراجع".
 
وقال إن "الانخفاض الكبير في الأرقام التي حصل عليها نواب فائزون مقارنة بالأرقام الفلكية التي حصلوا عليها في انتخابات 2007 تدلل على حجم الانتهاكات والتدخل والتزوير الذي شاب تلك الانتخابات".
 
العنف الانتخابي ترك أثرا على المشهد السياسي الأردني (ألجزيرة)
العنف الانتخابي ترك أثرا على المشهد السياسي الأردني (ألجزيرة)

وقال للجزيرة نت "في أفضل الحالات لدينا 10% من أعضاء المجلس المعروفين بتوجهاتهم السياسية، والباقون فازوا بناء على الولاءات العشائرية".

 
ويرى الرنتاوي أن نسبة المشاركة في الانتخابات "معقولة رغم قرار مقاطعة الإسلاميين"، وتابع "الامتحان الحقيقي للحكومة يتمثل بإعلان كل الأرقام التي حصل عليها كل المرشحين ليتسنى للجميع مقارنتها، خاصة أننا لم نحصل حتى الآن على عدد أصوات المرشحين في انتخابات 2007 سيئة السمعة".
 
والتفت الرنتاوي لتراجع عدد النواب في البرلمان من أصول فلسطينية والبالغ 15 نائبا مقارنة بـ20 نائبا في البرلمان السابق رغم زيادة عدد مقاعد البرلمان 10 مقاعد.
 
وعزا هذا التراجع إلى "عزوف الكتلة التصويتية للأردنيين من أصول فلسطينية عن الذهاب لصناديق الاقتراع نتيجة شعور هذه الفئة بالخوف على مستقبلها إثر شيوع عمليات سحب الجنسية وتعامل بعض الجهات الرسمية معهم على أنهم مجرد دافعي ضرائب".
 
وطالب الجهات الرسمية بقراءة هذه النتائج بعمق كونها تؤشر لحالة غير صحية في علاقة الدولة بنحو نصف مواطنيها.
 
وهنا تشير إحصاءات رسمية إلى أن نسبة الأردنيين من أصول فلسطينية يبلغ 43%، فيما تقول دوائر أخرى إن هذه النسبة تتجاوز الـ50%.
 

 أبو رمان دعا للتوقف عند تراجع التصويت بين الأردنيين من أصول فلسطينية (الجزيرة نت-أرشيف)
 أبو رمان دعا للتوقف عند تراجع التصويت بين الأردنيين من أصول فلسطينية (الجزيرة نت-أرشيف)

حالة انكفاء

ويوافق الكاتب والمحلل السياسي الدكتور محمد أبو رمان على ضرورة التوقف طويلا عند "استنكاف" الأردنيين من أصول فلسطينية عن التوجه لصناديق الاقتراع، وهو ما أظهره تراجع عدد نوابهم في البرلمان وتراجع نسب التصويت في عمان والزرقاء إلى 34% و36% على التوالي.
 
وقال للجزيرة نت "أعتقد أن مطبخ القرار التفت لهذه النتائج وبدأ بتحليلها كونها تؤشر لحالة انكفاء عن الدخول في العملية السياسية".
 
وحلل هذا العزوف بالإشارة إلى ثقل حضور الحركة الإسلامية لدى الأردنيين من ذوي الأصول الفلسطينية، والإحباط من العملية السياسية، خاصة أن محرك الانتخابات كان النزعات العشائرية والمناطقية، وهذا المحرك ضعيف عند الأردنيين من أصول فلسطينية.
 
وأضاف "أحد الأسباب الهامة أن المجتمع الفلسطيني في الأردن لا يعرف ماذا تريد الدولة منه، خاصة مع توالي عمليات سحب الجنسيات، وهناك من رفض منهم تجديد هويته الشخصية ليتاح له الانتخاب خوفا من سحب جنسيته منه".
 
ويرى أبو رمان أن البرلمان الجديد "غائب عن السياسة"، ويرى أن النواب الجدد "لم يدخلوا الحياة السياسية من أبوابها بل من خلال قانون الانتخاب والدوائر الفرعية التي حددت إلى حد بعيد شكل المجلس".
 
وقال "الفرق الوحيد بين المجلس الحالي والسابق أن الحالي ليس مدينا للحكومة كما السابق الذي جاء معظم نوابه بالتعيين".
 
وعبر أبو رمان عن قلق كثير من المراقبين إزاء "مشهد العنف الدامي" يوم الانتخابات، وقال "شاهدنا مظاهر للبلطجة والتفكك الاجتماعي الذي يعبر عن غياب الهوية الوطنية الجامعة".
 
وحذر من انهيار "حقيقي" للحياة السياسية الأردنية, بسبب ما سماها مشاهد العنف والصراعات العشائرية واللامبالاة عند فريق هام من الأردنيين.
المصدر : الجزيرة