حرب صعدة تستعصي على الحل

المتحدثون في الندوة

المشاركون كشفوا أن خسائر حروب الحوثيين بلغت أرقاما فلكية

إبراهيم القديمي-صنعاء

استبعد باحثون يمنيون توقف حرب صعدة بين القوات اليمنية وجماعة الحوثي بدون إعادة إعمار البنية التحتية ودفع التعويضات في الأرواح والممتلكات وإعادة المشردين إلى منازلهم.

وأشار المشاركون في الندوة التي نظمتها اللجنة التحضيرية للحوار الوطني بصنعاء اليوم الأحد إلى أن خسائر الحروب الست بين الحكومة والحوثيين بلغت أرقاما فلكية لا يستطيع تحملها الاقتصاد اليمني الذي يعاني من اختلال كبير.

وأكدت مداخلات الندوة على ضرورة وجود وسيط خارجي قوي التأثير يعمل على تقريب وجهات النظر بين الطرفين المتنازعين، ويدعو إلى تأسيس صندوق لتلقي المساعدات من المجتمع الدولي للمساهمة في إعادة ما دمرته الحروب الماضية.

اتهامات

عبد الله الفقيه اتهم الحكومة بعدم إعطاء تنازلات حقيقية
عبد الله الفقيه اتهم الحكومة بعدم إعطاء تنازلات حقيقية

واتهم أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء عبد الله الفقيه الحكومة اليمنية بعدم إعطاء تنازلات حقيقية، موضحا أن إصرار السلطات على موقفها عقد المشكلة إلى أبعاد مخيفة.

وقال الفقيه للجزيرة نت إن حرب صعدة لا يمكن أن تتوقف ما لم يتم إعادة بناء البنية التحتية المدمرة ودفع التعويضات العادلة لمتضرري الحرب وإطلاق المعتقلين على خلفية هذه الحرب.


من جهته لفت عضو اللجنة التحضيرية العليا للمؤتمر الوطني للإنقاذ أحمد سعيد الدهي في مداخلته إلى أن كلفة الأشهر الستة الماضية من الحرب الدائرة حاليا بلغت 2.52 مليار دولار وهو مبلغ يعادل ثلث موازنة عام 2010.

ونقلت دراسة عن السفارة الأميركية في صنعاء أن الكلفة البشرية والاقتصادية للحروب الخمس الماضية بلغت ثلاثة مليارات دولار، فيما وصلت قيمة الخسائر اليومية للحرب السادسة الحالية إلى 24 مليون دولار يوميا.

ووفقا للدراسة فإن أعداد القتلى والجرحى والمعوقين من المتنازعين والمدنيين بلغت منذ الحرب الأولى إلى نهاية الحرب الثالثة 727 قتيلا وخمسة آلاف و296 جريحا، فيما بلغ عدد القتلى في الحرب الرابعة بمفردها تسعة آلاف قتيل وعشرين ألف جريح وعشرين ألف يتيم وتسعة آلاف أرملة، وهو ما يرفع معدل التعويضات إلى أرقام عالية.

وقد نتج عن حروب صعدة المتوالية -كما يقول الدهي- آثار اجتماعية خطيرة تمثلت في نزوح 250 ألف شخص وتشريدهم من منازلهم وفقدان الأرواح وتدمير النسيج الاجتماعي وزرع نوازع الشر وحب الانتقام والتربص والاقتتال بين الشعب الواحد فضلا عن فقدان الممتلكات الإنتاجية والعقارية والتجارية التي نتج عنها مزيد من الفقر والبطالة وخلق بيئة خصبة للتطرف.


الخروج من الأزمة

جانب من الحضور بالندوة
جانب من الحضور بالندوة

وحاول الباحث عبد الله الفقيه في ورقته تحليل الاتفاقيتين التي توصلت إليهما الحكومة اليمنية مع الحوثيين في يونيو/حزيران 2007 ومارس/آذار 2008 بوساطة قطرية.

وكشف الفقيه عن وجود نقاط ضعف في بنود الاتفاقيتين أدت إلى عدم تنفيذهما من قبل الطرفين وفي مقدمتها إصرار الحكومة اليمنية على مغادرة القيادات الحوثية إلى قطر وعدم مغادرتها إلا بإذن الحكومة اليمنية، وهو ما جعل الحوثيين يتهمون النظام بنزع الجنسية اليمنية منهم.

ورأى الفقيه أنه في الوقت الذي قامت فيه الحكومة بالمناورة كسبا للوقت قبيل اتفاق 2007، فإن اتفاق 2008 أدى إلى جولة جديدة من الحرب نتيجة عدم رضا الكثير من القيادات الأمنية والعسكرية عن الاتفاق.

وعزا أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء فؤاد الصلاحي في ورقته أسباب بقاء الأزمة بين الحكومة والحوثيين إلى وجود قوى محلية نافذة ترى مصلحتها في استمرار هذه الحرب وتجعل منها نشاطا اقتصاديا يتقاطع مع مصالح خارجية.

ولفت الصلاحي إلى عدم قدرة النخبة السياسية على وضع تصور لمشروع دولة مدنية يشكل انعتاقا من هذه الأزمة، مؤكدا أن ذلك لن يتأتى إلا من خلال تجديد الممارسات السياسية التقليدية والخطاب السياسي الذي يستلزم إرادة فاعلة تعبر عن رؤى وطنية تتجاوز القبيلة.

المصدر : الجزيرة