استطلاعات الرأي الأميركية بين الواقع والتضليل

تصميم قائد القوات الأميركية في العراق ديفيد بتريوس David Petraeus والسفير الأميركي في العراق رايان كروكر Ryan Crocker

 

كريم حسين نعمة

في نتيجة لا تخلو من عنصر المفاجأة كشف استطلاع للرأي نشر الخميس أن أغلبية الأميركيين (54%) يعتقدون أن الولايات المتحدة لم تخسر الحرب في العراق.

ومكمن المفاجأة أن نتيجة هذا الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة "يو بي أيه/ الزغبي" جاءت مخالفة للتوقعات مع ارتفاع خسائر الجيش الأميركي في العراق، وعدم وجود تأييد أصلا لهذه الحرب من جانب الرأي العام كما كشفت عنه العديد من الاستطلاعات السابقة.

النتيجة جاءت مخالفة أيضا لوجهة نظر الكونغرس نفسه الذي خلص في تقرير كشفت عنه صحيفة "واشنطن بوست" الخميس إلى أن واشنطن لم تحقق سوى ثلاثة أهداف فقط من بين 18 هدفا حددتها لتحقيق تقدم على المستوى السياسي والأمني في العراق.

ويتساءل محللون عما إذا كانت هذه النتيجة تعكس الحقائق على الأرض أم أنها تدخل في إطار السباق الانتخابي المحتدم بين الجمهوريين الراغبين في سماع مثل هذه النتيجة لتبرير دفاعهم عن استمرار الحرب في العراق والديمقراطيين الداعين للبدء في سحب القوات الأميركية من هذا البلد.

"
محللون يرون أن نتيجة الاستطلاع تعكس طبيعة التفكير لدى الأميركيين وحبهم للربح وعدم ميلهم للاعتراف بالفشل أو الهزيمة
"

الباحث المحلل في شؤون الأمن القومي د. منذر سليمان يرى أن نتيجة الاستطلاع هي نوع من الدعم الذي يقدمه الأميركيون لقواتهم وتعبير عن ثقتهم بقدرتها العسكرية على تحقيق النجاح في العراق، في وقت يرون فيه أن المشكلة تكمن في القيادة السياسية وفي الإستراتيجية التي تتبعها هذه القيادة في إدارة الحرب بهذا البلد.

نتيجة الاستطلاع تعكس كذلك طبيعة التفكير لدى الأميركيين وحبهم للربح وعدم ميلهم للاعتراف بالفشل أو الهزيمة.

وحسب سليمان فإن طبيعة السؤال الذي تضمنه الاستطلاع ربما قادت إلى هذه النتيجة، موضحا أنه لو غير السؤال إلى "هل تؤيد الحرب في العراق؟" مثلا لكان الجواب بالتأكيد معارض لها لأن أغلبية الشعب الأميركي ترى أن هذه الحرب كانت خاطئة ولا مبرر لها، لأن العراق لم يشكل خطرا على الولايات المتحدة وليس له صلة بتنظيم القاعدة.

تقرير بتريوس
نتيجة الاستطلاع ربما تشكل أيضا جزءا من خطوات مقصودة تلجأ إليها إدارة الرئيس جورج بوش لتغيير المناخ المنتقد لها قبل التقرير الهام الذي سيقدمه قائد القوات الأميركية في العراق ديفد بتريوس والسفير الأميركي في العراق رايان كروكر منتصف سبتمبر/أيلول القادم.

ويشير سليمان في هذا الإطار إلى قيام ثلاثة من الباحثين بزيارة العراق بدعم من هذه الإدارة وقولهم إن هناك إنجازات في البلد وهناك حاجة لإعطاء الإستراتيجية الأميركية الجديدة في العراق بعض الوقت لتؤتي ثمارها.

الحديث عن هذه الإنجازات وطغيان صوت من يسمون بالمحافظين الجدد ووسائل الإعلام ومراكز الاستطلاع الموالية لهم خلق نوعا من التضليل لدى قطاعات من الشعب الأميركي وهو الذي قاد إلى النتيجة التي توصلت لها مؤسسة "يو بي أيه/ الزغبي"، حسب المحلل السياسي العراقي د. قيس العزاوي.

وأكد العزاوي أن هذه النتيجة تعبر عما سماه جهل بعض المستطلعة آراؤهم بما يجري في العراق واستمرار دوامة العنف فيه ومن يقف وراءه من مليشيات وجماعات مسلحة.

وقلل العزاوي من انعكاس هذه النتيجة على مضمون تقرير بتريوس وكروكر، مؤكدا في الوقت نفسه أن هذا التقرير لن يضيف شيئا جديدا وسيؤول إلى النهاية نفسها التي آل إليها تقرير لجنة بيكر هاملتون.

المصدر : الجزيرة