من هم "الجهاديون" الفرنسيون الشباب؟

PARIS, FRANCE - NOVEMBER 20: A French police officer stands as Muslims arrive at the Great Mosque of Paris (Grande mosquee de Paris) after the Friday prayers on November 20, 2015 in Paris, France. Following the terrorist attacks in Paris last week, which claimed 130 lives and injured hundreds more, the Muslim community of Paris has seen an increase in security as Paris remains on a high security alert. (Photo by Thierry Chesnot/Getty Images)
بحث عالما الاجتماع منطق العنف السياسي ذا المرجعية الإسلامية (غيتي)

في كتاب "تفريخ التطرف"، يرسم عالما الاجتماع لوران بونيلي وفابيان كاريي تعريفات عكسية للأفكار المسلّم بها بشأن انتماء الشباب في فرنسا إلى الجماعات الجهادية، وقد قدم الكاتب فابيان ترونغ قراءة في ذلك، نشرت خلاصتها في مجلة لونوفال أبسرفاتور الفرنسية أمس الخميس.

ويوضح الكاتب ترونغ -وهو أستاذ مساعد بجامعة باريس 8- أن كلا من بونيلي وكاريي يمثلان نموذجا فريدا يكمل ببراعة التحقيقات القليلة بشأن منطق "العنف السياسي ذي المرجعية الإسلامية".

وأوضح أن عالمي الاجتماع الفرنسيين قاما بتحليل الأرشيف والمقابلات الخاصة بــ133 قاصرا تم التبليغ عنهم أو هم متورطون في قضايا الإرهاب، من خلال الاطلاع على ملفات الشرطة القضائية.

وقد حوكم أكثر من نصف هؤلاء الشباب بقليل، من أجل توجههم إلى مناطق عراقية وسورية ومحاولة شن هجمات بفرنسا، في حين تمّت إدانة الآخرين بتبييض الإرهاب أو لتبنيهم مواقف مثيرة للقلق.

وبحسب كاتب المقال ترونغ واستنادا إلى ما جاء في كتاب "تفريخ التطرف"، فإن غالبية المؤشرات لها صلة استطرادية خالصة بالعنف السياسي الإسلامي. من دون أي محتوى أيديولوجي ملحوظ، كما أنها منطقية فقط في سياقها، وبيّن أنه لا يمكن الحديث عن نوع فقط من "التطرّف" كمفهوم قائم بذاته، ولكننا نلاحظ وجود أربعة أشكال مختلفة له.

‪(غيتي)‬ تتخوف فرنسا من أية هجمات إرهابية
‪(غيتي)‬ تتخوف فرنسا من أية هجمات إرهابية

أشكال التطرف
ويتمثل الشكل الأول في "التطرف المطمئن"، حيث تكون الأسرة حاضرة نوعا ما، وهو يتطور عندما تكون الدوائر المجتمعية المحيطة منغلقة على نفسها بشكل أو بآخر، فضلا عن تقيدها الصارم بالتعاليم الدينية وتمسكها بالانتماء إلى مُثل بديلة بهدف حماية نفسها من العالم الخارجي.  ويُعد التبليغ عن هذه الفئة ذات الغالبية النسائية نادرا، ويمثل 5% من العينة التي تمت دراستها.

أما الشكل الثاني فيتمثل في "التطرف الصدامي"، وهو يمثّل 32% من العينة وأغلبها من الرجال، وهي تهمّ فئة الشباب المنتمين إلى عصابات صغيرة والمراقبين من المؤسسات. ولدى هذه الفئة يمثّل النزوع اللفظي للتهديد الإسلامي "مصدرا فعالا لزعزعة استقرار الوالدين أو المربين"، وذلك بهدف "إعادة الاعتبار لذواتهم" في العلاقات المأزومة بين الأشخاص.

وفي حال حضور الوالدين، فإن "تطرف المتمردين" -الذي يمثّل 8% من العينة- هو خيار للقصر الذين تكون دوائرهم المجتمعية ضعيفة جدا. وفي هذه الحال تسعى المرجعية الجهادية لمعارضة الأبوين الذين يبلّغون مؤسسات الدولة ببعضٍ من صراعهم مع أولادهم.

أما الشكل الرابع فهو "التطرف الطوباوي" الذي يخص الفئة التي حاولت الانضمام إلى الأراضي العراقية أو السورية، أو وضعت خطط هجمات، ويمثل هذا النوع 56% من العينة التي تمت دراستها، وأغلبها من الذكور.

والمنتمون إلى هذه العينة يعتمدون على التزام أيديولوجي قوي، ويقتنعون بالالتجاء إلى العنف لتحقيق مشروع سياسي، مع قدرتهم على الاندماج في مجموعات صغيرة.

حلّ سحري
وبحسب قراءة ترونغ لما جاء في الكتاب، فإن هؤلاء القاصرين "الطوباويين" (الذين ينشدون المثالية)، هم في البداية الأطفال الذين نشؤوا في الجزء الاجتماعي المستقر من الطبقات الشعبية، حيث يكون مشروع الارتقاء عبر المدرسة في قلب الإستراتيجيات العائلية.

وفي هذه الحالات يتكرر المسار ذاته: الاستثمار في التعليم واضح، والرغبة في الدراسة أمر ملحوظ، مع ضغط فكري شديد، إلا أن الانتقال إلى المدرسة الثانوية يصبح بمثابة لحظة قطيعة مع ما سبق، عندما يبدو وكأنه مهمة مستحيلة فجأة.

وفجأة يصبح التوجه إلى سوريا حلا سحريا يمكن من خلاله تسوية مجموعة من المشاكل المتعلقة بالاستقلال الذاتي تجاه الوالدين أو الجنس أو الحياة بصفة عامة.

المصدر : الصحافة الفرنسية