باحثون: هل يمكن لوئام سعودي إسرائيلي أن ينجح؟

كومبو محمد بن سلمان ونتنياهو
ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الإٍسرائيلي بنيامين نتنياهو (الأوروبية)

تساءل مقال بمجلة ناشونال إنترست عن إمكانية نجاح أي وئام إسرائيلي سعودي وذلك على خلفية ما ألمح إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكثر من مرة دون مواربة عن رعايته لعلاقات سرية مع دول عربية ليس لإسرائيل علاقات رسمية معها.

وأشار الباحثون المشاركون في كتابة هذا المقال إلى وجود قيود على الإعلان العلني عن تلك العلاقات، مثل العلاقات بين تل أبيب والرياض على سبيل المثال. وهذا بدوره يضع بعض القيود على العلاقات نفسها ويؤثر في إستراتيجية إسرائيل الإقليمية تجاه إيران.

وأضاف الباحثون بمعهد دراسات الأمن الوطني في إسرائيل وجامعة حيفا، يويل غوزانسكي وخضر سويد وآري هيستين، أن هذا الموضوع له أهمية خاصة لأن الولايات المتحدة تخطط لكشف مبادرة سلام إسرائيلية فلسطينية جديدة مقترنة بإستراتيجية إقليمية شاملة لمواجهة الأخطار التي يشكلها المحور الذي تقوده إيران.

وذكر الباحثون أن التعاون الإسرائيلي السعودي والعلاقة الاستخبارية الأمنية بين البلدين، رغم أنها ليست جديدة، بلغ الآن مستويات غير مسبوقة، والأكثر إثارة للدهشة من العلاقات السرية هو توجه السعودية الواضح والمحدد في توددها لإسرائيل في المجال العام الذي يتجسد في سماحها لمسؤولين غير رسميين، بما في ذلك كبار المسؤولين السابقين وأعضاء بالأسرة الحاكمة، للاجتماع علنا مع الإسرائيليين. ويتضح ذلك أيضا في توجه الصحافة السعودية المسيطر عليها التي تصور إسرائيل بطريقة أكثر إيجابية.

أولويات الدفاع
ويرى الباحثون أن هذه الخطوات ربما يكون دافعها جزئيا هو رغبة الرياض في جعل الشعب السعودي يعتاد على احتمال المزيد من العلاقات العامة بين السعودية وإسرائيل، بعد سنوات من المواد المناهضة لإسرائيل وأحيانا المعادية للسامية التي تنشرها الهيئات التعليمية والدينية والسياسية.

الوضع الداخلي في المملكة حساس بشكل خاص في الوقت الراهن، حيث يسعى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى توطيد سلطته، وهناك ما يدعو للشك فيما إذا كان مستعدا للانتقادات والمعارضة التي ستلي أي خطوة من هذا القبيل

والسؤال الذي يطرح نفسه، كما يقول الباحثون، هو: في ضوء أولويات الدفاع المتماثلة في تل أبيب والرياض فيما يتعلق بالتهديد الإيراني، هل الأخيرة مستعدة للتنازل عن بعض مطالبها بشأن الفلسطينيين؟

ورأى الباحثون أن هذا السؤال له أهمية كبيرة للحكومة الإسرائيلية التي عززت "نهجا من الداخل إلى الخارج" لبناء علاقات أوثق مع بلدان مثل السعودية من أجل المساعدة في تحقيق انفراج في عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية. لكنهم استبعدوا خطوة إعلان علاقات السعودية بإسرائيل على الملأ وأن هذا التوجه قد يثير معارضة أكبر من الشعب والمؤسسة الدينية ومنافسي المملكة الإقليميين.

بالإضافة إلى أن الوضع الداخلي في المملكة حساس بشكل خاص في الوقت الراهن، حيث يسعى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى توطيد سلطته، وهناك ما يدعو للشك فيما إذا كان مستعدا للانتقادات وما هو حجم المعارضة التي ستواجه أي خطوة من هذا القبيل.

جبهة إسرائيلية سعودية
ويمضي الباحثون في تحليلهم بأن ما يمكن أن يحدث تغييرا في موقف المملكة هو خطوات إيجابية وملموسة لدفع عملية السلام إلى الأمام مع وعد من واشنطن بزيادة الضغط على إيران، يليها ما هو أكثر من مجرد الكلام. وفي هذا السياق فإن تدابير بناء الثقة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين يمكن أن تخدم المصالح السعودية والأميركية من حيث عملية السلام (وربما إسرائيل أيضا)، ومن ثم ستستفيد هذه الدول الثلاث جميعها من مزيد من التعاون في مقاومة محاولة إيران للهيمنة الإقليمية.

ويعتقد الباحثون أن إسرائيل والسعودية لديهما العديد من المصالح المشتركة وأن السعودية لديها الكثير الذي تقدمه لإسرائيل، بما في ذلك الموارد المالية والقرب الجغرافي لإيران، بما يسمح بمجموعة واسعة من القدرات الاستخبارية والعملياتية، والتأثير بين الأقليات في إيران التي يمكن استخدامها كقوات بالوكالة، وهذه من المزايا التي يجب على إسرائيل أن تستفيد منها.

ومع ذلك من المهم أيضا الاعتراف بقيود المملكة وكذلك المخاطر التي تنبع من الاعتماد على نظام متقلب كالذي في الرياض. ولذلك ينبغي على إسرائيل أيضا أن تكون مستعدة لانهيار محتمل للنظام السعودي وإمكانية أن يقع نصيب الأسد من الصراع ضد إيران على عاتق إسرائيل.

وختم المقال بأن التعاون الإٍسرائيلي السعودي لا يزال بعيدا عن تحقيق كامل إمكاناته، ومع ذلك لا ينبغي تجاهل العلاقة بسبب محدوديتها، ولكن على إسرائيل أن تسعى إلى تعميقها إلى أقصى حد ممكن في ظل القيود القائمة. والواقع هو أنه حتى ظهور جبهة إسرائيلية سعودية موحدة سيكون لها قيمة رادعة ضد إيران.

المصدر : الصحافة الأميركية