40 عاما على حرب فيتنام.. الدروس المستقاة

3rd June 1974: People flee with their belongings from their homes in war-torn Vietnam.
حرب فيتنام تركت خلفها العديد من المآسي بين المدنيين لا زالت آثارها مستمرة (غيتي)

تمر هذه الأيام الذكرى الأربعون لحرب فيتنام، التي تورطت فيها الولايات المتحدة أواخر ستينيات القرن الماضي، وتسببت في مقتل حوالي ثلاثة ملايين فيتنامي و58 ألف عسكري أميركي تقريبا.

وبهذه المناسبة، فتحت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية نقاشا بين عدد من المراقبين والمهتمين، وتساءلت إن كان الأميركيون قد استقوا أي دروس من تلك الحرب المدمرة.

أحد المشاركين في النقاش نيك تيرس، وهو مؤرخ وصحفي ومؤلف كتاب "اقتل أي شيء يتحرك"، والذي زار فيتنام أكثر من مرة لأغراض البحث والتوثيق.

يرى تيرس أن وزير الخارجية الأسبق أيام حرب فيتنام هنري كيسنجر كان من الشخصيات التي أثرت تأثيرا كبيرا في إطالة أمد الحرب لخمس سنوات.

‪كيسنجر كان من معسكر الصقور الذي دعم شن حرب فيتنام واستمرارها‬ (غيتي)
‪كيسنجر كان من معسكر الصقور الذي دعم شن حرب فيتنام واستمرارها‬ (غيتي)

وفي هذا السياق، يستذكر العقيدة العسكرية للجيش الأميركي في ذلك الحين، والتي تجذرت فيها عقيدة "اقتل كل شيء يتحرك"، ويرى أن سبب ذلك يعود إلى قلة خبرة العسكريين الأميركيين الذين زُجوا في تلك الحرب، وخاصة الشباب منهم.

ويقول تيرس إن ما رأيته علمني أن أقسى دروس تلك الحرب هو إدراك معاناة المدنيين المستمرة منذ عقود واستخدام الولايات المتحدة القوة المفرطة وبدم بارد.

ويختم الباحث والمؤرخ المتخصص في حرب فيتنام بالتساؤل: يا ترى، هل لدى نظراء كيسنجر في البيت الأبيض اليوم ودعاة الحرب في واشنطن أي نية لأخذ ما تقدم في الاعتبار أكثر من كيسنجر؟

ويذهب مشارك آخر هو لورينس كورب إلى ما ذهب إليه تيرس، ويقول إن حرب فيتنام أثبتت أن الولايات المتحدة بحاجة إلى جيش أكثر خبرة وتدريبا.

ويرى كورب -الذي شارك في حرب فيتنام- أن تلك الحرب أسهمت في رفع مستوى تدريب الجيش الأميركي، وساعدت على استحداث قواعد أكثر نجاعة في خلق وحدات مقاتلة ذات كفاءة وفاعلية.

المشارك الثالث في النقاش هو ماكيوبن أوينز رئيس تحرير سابق لصحيفة معهد أبحاث السياسة الخارجية، ويرى أن حرب فيتنام لا تختلف عن أي حرب أخرى في التاريخ.    

ويرى أوينز أن الحرب فقدت قدرتها على إعطاء أي دروس فريدة، حيث حدثت في سياق دولي اختفى في الوقت الحاضر، وهو الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والغرب من جهة والاتحاد السوفياتي والكتلة الشرقية من جهة أخرى.  

نستطيع أن نتعلم من التاريخ، ولكن علينا تعلم الدروس الصحيحة، وذلك لا ينطبق على حرب فيتنام التي يدعي الكثيرون أنهم تعلموا دروسا منها

ويقول "متهكما" إن الدرس الوحيد الذي استفاده الأميركيون قد يكون 45 عاما من الانقسام في الرأي بشأن تلك الحرب.

ويشرح أوينز وجهة نظر المعسكرين، حيث يرى قسم من الأميركيين أن بلادهم ما كان يجب أن تدخل تلك الحرب لأن احتمالات الخسارة كانت واضحة ولا تخطئها عين، بينما يرى القسم الآخر أن الولايات المتحدة أبلت بلاء حسنا، وكان يمكن أن تربح الحرب لولا بعض القرارات السياسية الخاطئة.

ويشرح المتحدث وجهة نظره قائلا إن الحرب -منها حرب فيتنام- تحتاج إلى وضوح في الرؤية وتحديد واضح للأهداف، تلك الأهداف يجب أن تكون محسوبة طبقا للموارد المتاحة، وأن تكون مهيأة لأي تغير مفاجئ، ويجب على من يخطط للحرب أن يأخذ العدو بالحسبان، وإن أي حرب تقوم على رهان تعاون من كتل معينة داخل العدو مصيرها الفشل.

ويختم بالقول إننا نستطيع أن نتعلم من التاريخ، ولكن علينا تعلم الدروس الصحيحة، وذلك لا ينطبق على حرب فيتنام التي يدعي الكثيرون أنهم تعلموا دروسا منها.

المصدر : الصحافة الأميركية