ربيع دمشق سبق ربيع العرب بعقد من الزمن

الأسد يتهم قوى خارجية بشن حرب على بلاده
undefined
قالت صحيفة واشنطن بوست الأميركية إن دمشق شهدت إرهاصات ربيع عربي قبل هبوب رياح الربيع العربي عام 2011 بعشر سنين، وإن الرئيس السوري بشار الأسد استهل حكمه الذي استلمه عام 2000، بإرسال إشارات إصلاحية أوحت بعزمه على إرخاء القبضة الحديدية التي كانت سائدة إبان الحكم المستبد لوالده الراحل.

وكان نتاج تلك المرحلة اجتماعات علنية لمعارضين سوريين في الداخل وإصدار مجلتين مخصصتين لمقالات معارِضة. ولكن قوات النظام تدخلت وسجنت أولئك الذين جاهروا بآرائهم المعارِضة وجمدت إجراءات الإصلاح، وانتهى ذلك الربيع القصير بصورة مفاجئة كما بدأ.  

أحد الذين سجنوا في تلك المرحلة، الناشط السوري محمد العبد الله الذي يعلّق بالقول "رأينا كيف أن ذلك الربيع كان الغرض من ورائه ضمان تقبل الناس للتغيير وانتقال السلطة من الأب للابن. من الواضح أن الأسد لم يكن مصلحا".

اليوم، ومع استمرار قوات الأسد في الرد بالقوة والنار على الاحتجاجات الشعبية التي تسود سوريا منذ أكثر من عام، اعتنق الأسد فكرة أنه أصبح شخصية مرفوضة ومعزولة عالميا، وقال في السر والعلن إنه لن يغادر سوريا ولن ينحني للضغوط الخارجية.

وترى الصحيفة أن الأسد يعتقد أن بقاءه في السلطة هو السبيل الوحيد لحماية الأقلية العلوية التي ينتمي لها من التصفية الجماعية.

الأسد مقتنع بأن الأساليب التي اتبعها والده بالأمس ستنجح اليوم أيضا، ويغفل عن حقيقة أننا اليوم في عصر البث الفضائي والإنترنت الذي يمكن من نقل كل ما يجري للعالم الخارجي في ثوان معدودة

وتعود الصحيفة إلى استذكار ماضي بشار الأسد، وتقول إنه كان منفتحا وطبيبا ومتحمسا للتقنيات الحديثة ودرس في بريطانيا وتزوج امرأة بريطانية بالولادة، وتحدث كثيرا عن بناء مجتمع ديمقراطي منفتح. كل ذلك ولّد انطباعا بأن بشار الأسد الذي كان أكثر لينا من أخيه الراحل باسل، سيأتي بشيء مختلف لسوريا، لكن كل ذلك ذهب أدراج الرياح.

لقد لجأ بشار إلى نفس الأسلوب الذي اتبعه والده من قبل في مواجهة معارضيه، وحبس نفسه داخل فقاعة من الوهم بأن سوريا مستهدفة من الولايات المتحدة وإسرائيل والجماعات الإسلامية المتشددة. وفي خطابه أمام مجلس الشعب السوري في وقت سابق من الشهر الجاري، بدا جليا أن بشار الأسد غير مهتم بالتفكير في أي سبيل آخر للخروج من الأزمة سوى منطق القوة.

ويصر الأسد على إغماض عينيه عن حقيقة ما حوله، ويرفض الاعتراف بأن ما يجري في سوريا نابع من حنق الشباب على وضع البلاد الذي لا يرون فيه أي مستقبل لهم، حيث البطالة والمحسوبيات والفساد تنهش جسد الدولة، والرئيس مستمر في اعتبار أن ما يجري مخطط استعماري ويرمي باللوم على القوى الخارجية، و"الفبركات الإعلامية" والتحريض من الداخل.

ويرى العبد الله أن الأسد في قرارة نفسه يعلم أن كل ذلك هراء، ولكنه مقتنع بأن الأساليب التي اتبعها والده بالأمس ستنجح اليوم أيضا، ويغفل عن حقيقة اختلاف اليوم عن الأمس حيث أصبحنا في عصر البث الفضائي والإنترنت الذي يمكن من نقل كل ما يجري للعالم الخارجي في ثوان معدودة.

وتنقل الصحيفة عن روثي بيرتسيس، المختصة في علم النفس السياسي في جامعة جورج واشنطن الأميركية أن هناك عددا من القادة يصنفون في علم النفس السياسي على أنهم "قادة الخيار الثاني" أي قادة جاؤوا إلى الحكم نتيجة ظروف خارجة عن الإرادة أي الموت المفاجئ للقريب الذي كان معدا لاستلام الحكم، وبشار الأسد واحد من أولئك حيث كان الخيار المتاح بعد الموت المفاجئ لأخيه باسل في حادثة سيارة في سوريا عام 1994.

ورغم أن الأسد عاش 18 شهرا في بريطانيا وأبدى احترامه للحضارة الغربية في غير مناسبة، فإن الصحيفة تشير إلى أن شخصية الأسد لم تتشكل في بريطانيا بل في سوريا التي ترعرع فيها تحت كنف والده، وأنه بحكم الغريزة لن يسمح بإنهاء سلالة العلويين الحاكمة.

وبناءً على معلومات أدلى بها أشخاص عارفون بالأسد فإنه لن يترك سوريا إلا إذا ضاع كل شيء.

المصدر : واشنطن بوست