فرنسا منقسمة والثمن أوروبي
قالت صحيفة ذي إندبندنت أون صنداي إن الرئيس الفرنسي الذي سينتخب اليوم سيرث بلدا مقسما أكثر من أي وقت منذ ثورات الطلاب والعمال في مايو/أيار 1986، في حين أن أوروبا هي التي ستدفع الثمن.
فسيجد الـ45 مليون ناخب فرنسي أنفسهم أمام الاختيار بين قائد براغماتي لتيار يساري متجمد في إشارة إلى المرشح فرانسوا هولاند، وبين رئيس يخاطب "بوقاحة" مشاعر القومية والتحيز العنصري لدى البرجوازية الفرنسية والطبقة العاملة من البيض، وهو الرئيس الحالي نيكولا ساركوزي.
فالمنافس هولاند يؤكد أن هذه الانتخابات هي انتخابات أوروبية مثلما هي فرنسية، وأن فوزه من شأنه أن ينقذ الاتحاد الأوروبي "الذي يتخبط" من هاجس التقشف الذي فرضته ألمانيا، ويخلق نموا وأملا جديدين عبر مشاريع الاستثمارات المالية في مختلف أرجاء الاتحاد.
غير أن المنتقدين يقولون إن ذلك ربما يكون بداية لتخفيف الضوابط المالية داخل المنطقة الأوروبية، وهو ما سيشجع على المضاربة في السوق والدفع باليورو نحو الهاوية.
وفي الداخل سيحاول هولاند أن يدير مشكلة البطالة المرتفعة والديون والعجوزات الكبيرة، وذلك رغم عدم استعداد اليمين واليسار لإصلاح الإسراف، ولكنه أيضا سيرث بلدا يشهد انقسامات عميقة بين اليمين المتطرف حديثا واليسار الراكد، وبين المدن والمناطق الريفية وبين الأجيال.
وإذا كان فشل هولاند قد يفتح الطريق أمام القومية المتطرفة واليمين الشعبوي في فرنسا عام 2017، فإن نجاحه سيغير نموذج السياسات الأوروبية تجاه اليسار الوسط وما يثيره من مضامين بالنسبة لبريطانيا وكذلك ألمانيا.
فكيف يمكن لرئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون أن يصوت هذا العام في بروكسل على "ميثاق النمو" الأوروبي بإلهام من هولاند، وهو يتنافى مع نهج التقشف الذي يقوده في بريطانيا؟
إذا نجح ساركوزي في إعادة انتخابه فلن يكون هناك مبرر للخوف من مد في المستقبل للشعبوية القومية المتطرفة وغير المتسامحة بأوروبا، لأنها ستكون هناك بالفعل |
نجاح ساركوزي
أما نجاح ساركوزي فسيحمل آثارا تتجاوز حدود فرنسا، ففي محاولة لاستمالة 17.9% كانوا قد صوتوا لأقصى اليمين في الجولة الأولى من الانتخابات الشهر الماضي، رفع الرئيس شعار إصلاح قوانين الحدود الداخلية للمهاجرين.
وبهذا -وفقا للصحيفة- يكون ساركوزي قد أقحم نفسه في جبهة سياسية لم يجرؤ أي قائد من يمين الوسط -ناهيك عن كونه رئيسا- على اقتحامها منذ الحرب العالمية الثانية.
وتشير ذي إندبندنت أون صنداي إلى أن بعض خطابات حملة ساركوزي -ومنها التأكيد زورا على أن 700 مسجد ناشدت المسلمين التصويت لهولاند- ربما تمخضت بشكل مباشر عن أساليب التشويه التي قادها أقصى اليمين في فرنسا وهولندا والنمسا.
فإذا ما نجح ساركوزي في إعادة انتخابه، فلن يكون هناك مبرر للخوف من مد في المستقبل للشعبوية القومية المتطرفة وغير المتسامحة بأوروبا، لأنها ستكون هناك بالفعل.