لماذا خسر القذافي؟

المسيرة النسائية يوم الأربعاء 9-3-2011

كاتب المقال: إطلاق الرصاص على المحتجين أطلق السخط المكبوت لدى المجتمع الليبي (الجزيرة)

اعتبر البروفسور الليبي علي عبد اللطيف احميدة أن العقيد معمر القذافي قد خسر المعركة حتى وإن تمكن مرتزقته من تحقيق النصر في الميدان.

ويقول احميدة في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز إن القتال لم ينته بعد، ولكن القذافي فقد كل شرعية يمتلكها سواء تمكن من إلحاق الهزيمة بالثوار في المناطق الشرقية من البلاد أم لا.

فالقذافي يملك السلاح والدبابات والطائرات، ولكنه خسر ولاء حتى أولئك العناصر في المجتمع الليبي الذين كانوا على استعداد للانتظار أملا في تحقيق الإصلاح السياسي، واقتصرت قاعدة الدعم له على أقرب حلفائه والمرتزقة من الأجانب.

ويشير الكاتب إلى أن نظام القذافي خرج إلى الوجود على إثر انقلاب أبيض عام 1969 بقيادة ضباط من الطبقة الدنيا يمثلون المناطق الليبية الثلاث ويحظون بدعم ريفي في مجمله.

ورغم أن الحكومة الجديدة كانت ضد الاستعمار والشيوعية وأيدت القومية العربية والهوية الثقافية الإسلامية، فإنها افتقدت الأجندة السياسية الواضحة.

رغم أن الحكومة الجديدة كانت ضد الاستعمار والشيوعية وأيدت القومية العربية والهوية الثقافية الإسلامية، فإنها افتقدت للأجندة السياسية الواضحة

وقام القذافي بتحويل المناهضة للاستعمار والقومية الليبية إلى فكرة ثورية مستخدما اللغة التي يفهمها الليبيون العاديون، وقد وظف سحر شخصيته لتعبئة الليبيين ضد المعارضين. وكان العقيد يأكل ويلبس كرجل قبلي ريفي.

وبهدف إضعاف المعارضة المؤلفة من الطلاب والمفكرين وغيرهم من الطبقة الوسطى، اتبع النظام سياسة "البداوة" للهجوم على الثقافية المدنية، وتعزيز الطقوس الريفية من موسيقى ولباس ومهرجانات، وإحياء المؤسسات كمجالس القيادة القبلية.

وقد حظيت الحكومة في ثمانينيات القرن الماضي بدعم على نطاق واسع من الطبقات الوسطى والدنيا، ولكن المركزية المفرطة والقمع الذي كانت تقوم به القوات الأمنية وتراجع سيادة القانون قوضت التجربة الشعبوية، وحتى المؤسسات مثل المحاكم والجامعات والاتحادات والمستشفيات.

ومما ساهم في الضغوط على النظام الليبي المناخ الدولي العدائي وتذبذب العائدات النفطية.

وفي تسعينيات القرن الماضي، تدهورت الرعاية الصحية -بفضل العقوبات الاقتصادية على البلاد- وارتفعت معدلات البطالة، وأضحى الاقتصاد أكثر اعتمادا على النفط، وتغلغل الفساد بشكل متزايد في النظام.

ويلفت الكاتب إلى أن ليبيا اليوم تملك اقتصادا حديثا ونسبة عالية من التعليم، كما أن قادة المعارضة تشمل المحامين والقضاة والصحفيين والكتاب والمفكرين والناشطين الحقوقيين، وهي النخبة الحضرية الكبيرة التي تتعرض للقمع.

ويشير إلى أنه كان يمكن للقذافي تجنب هذه الثورة لو أنه استجاب للمطالب الإصلاحية بانفتاح، غير أن السماح لجيشه بإطلاق الرصاص على المحتجين أطلق السخط المكبوت لدى المجتمع الليبي، وبات متأخرا على النظام أن يكبته مجددا، مؤكدا أن الثورة الليبية لن تتوقف مهما سفك من دماء.

المصدر : نيويورك تايمز