تحديات أمام ملك الأردن

r_Jordan's King Abdullah speaks at Zahran Palace in Amman February 20, 2011. King Abdullah said on Sunday that "reform is our firm will and an interest of our people

undefined
قال الكاتب الأميركي ديفد إغناتيوس إن الملك الأردني عبد الله الثاني يواجه تحديات جمة وإنه يجب عليه التوفيق سريعا بين من وصفهم بالحرس القديم وبين الإصلاحيين الجدد في الأردن، إذا كان يريد الاستقرار لمملكته.

وأوضح أن الأردنيين مثل بقية الشعوب العربية يطالبون بإصلاحات في بلادهم هذه الأيام، وأن طبيعة الإصلاحات تعتمد بشكل كبير على الأصول التي ينحدر منها أبناء الشعب الأردني وهم الأردنيون الأصليون والأردنيون من أصل فلسطيني، مشيرا إلى أن كلا الجانبين يسعيان إلى الحفاظ على نظام الملكية في البلاد، وهو أحد الأسباب التي تمنع الأردن من الانجراف وسط الأعاصير التي تعصف بالساحة العربية في الجوار.

فعندما يتحدث الأردنيون من أصل فلسطيني عن الإصلاح المطلوب فهم عادة ما يقصدون به مزيدا من حرية التعبير والتقليل من معدل البيروقراطية والحصول على تمثيل أكبر لمجتمعهم المقدر بحوالي نصف عدد السكان في البلاد.

أما الأردنيون الأصليون، في المقابل، فيعني الإصلاح عندهم التراجع عن الخصخصة التي يرون فيها الفساد بعينه، ويعني قوة أكبر للجيش وللحكومة ووضع قيود على تجنيس الفلسطينيين وعلى قوانين الانتخاب.

"
عبد الله الثاني يقف وسط الطرفين محاولا ركوب موجة التغيير، وهو يود الاعتماد على النخبة من رجال الأعمال الأردنيين من أصل فلسطيني من أجل تنمية اقتصاد البلاد، لكنه يحتاج إلى أن تبقى القبائل الأردنية الأصلية مهيمنة على الجيش للحفاظ على أمن واستقرار البلاد

"

وقوف في الوسط
وأشار الكاتب إلى المظاهرات التي شهدها الشارع الأردني عبر الأسابيع الماضية والتي خرج فيها من وصفهم بالإصلاحيين الشباب، وإلى بيان المتقاعدين العسكريين الأردنيين الذين قالوا إنه ينحدرون من أصول أردنية أصلية، والذين يحتجون فيه على العبث بمقدرات الوطن عبر الصفقات المشبوهة التي يجريها بعض من وصفوهم بالنخبة من رجال الأعمال، وعلى وقوع مشاكل أخرى في البلاد.

وأما عبد الله الثاني فيقف في الوسط بين الطرفين محاولا ركوب موجة التغيير، وهو يود الاعتماد على النخبة من رجال الأعمال الأردنيين من أصل فلسطيني من أجل تنمية اقتصاد البلاد، لكنه يحتاج إلى أن تبقى القبائل الأردنية الأصلية مهيمنة على الجيش للحفاظ على أمن واستقرار البلاد.

وأوضح الكاتب أن هذا التوازن بين الجانبين ضمن نسيج المجتمع الأردني هو ما جعل المملكة الأردنية الهاشمية تبقى صامدة على مدار تسعين سنة ماضية، برغم الحروب الأهلية ومحاولات الاغتيال والاضطرابات والفوضى في المنطقة.

وفي ظل تنامي الثنائية في النسيج الاجتماعي الأردني بين أردني أصلي وأردني من أصل فلسطيني، نسب الكاتب إلى أحد المواطنين الأردنيين رغبته في فتح صفحة على الفيسبوك ينادي فيها بشعار "كلنا أردنيون".
 
وأضاف الكاتب أنه يبدو أنه حتى عبد الله الثاني نفسه ربما يرى في ظل الثورات الشعبية العربية الملتهبة، أن من الخطر بمكان الإبقاء على ما يشبه الحالة العالقة في الأردن، موضحا أن الملك تحدث عن المضي بالأردن نحو ملكية دستورية في غضون ثلاث سنوات، على أمل انبثاق بعض الأحزاب الحقيقية التي يمكنها التنافس، وبالتالي يكون لدى البلاد رئيس وزراء منتخب بدلا من أن يتم تعيينه من جانب القصر.

"
الملك عبد الله والملكة رانيا نموذجان غربيان من القادة العرب يلقيان رضا الغرب، فهما شابان ذكيان وجذابان ويتحدثان الإنجليزية بطلاقة، ويعملان على جذب الاستثمارات الغربية إلى الأردن المحدود الموارد

"

نموذجان غربيان
ويرى إغناتيوس أن الملك عبد الله والملكة رانيا يعتبران نموذجين غربيين من القادة العرب ويلقيان رضا الغرب، حيث إنهما شابان ذكيان وجذابان ويتحدثان الإنجليزية بطلاقة، ويعملان على جذب الاستثمارات الغربية إلى الأردن المحدود الموارد.

ويضيف الكاتب أن الأردنيين ينظرون إلى الملكة رانيا على أنها شخصية متحدثة ومستقلة، وأنها فلسطينية فوق العادة في ظل انحدارها من سلالة فلسطينية، وأن عبد الله ورانيا يواجهان انتقادات تتمثل في أنهما غربيان فوق العادة بشكل كبير، موضحا أنه كلما اكتسبا رواجا ونجاحا لدى الغرب، قلل ذلك من انسجامهما مع الشعب الأردني على المستوى المحلي.

وأما الاختبار الذي يواجهه عبد الله الثاني فيتمثل في مدى قدرته على معالجة دوامة الفساد في عمان حسب قول الكاتب الذي نسب إلى أحد أبرز القادة العسكريين المتقاعدين وهو الجنرال علي الحباشنة أن الصفقات التي تمت في إطار الخصخصة على مدار السنوات العشر الماضية أدت إلى ارتفاع مديونية الأردن من خمسة مليارات إلى حوالي 15 مليارا.

وأشار إلى أن بعض تلك الصفقات وخاصة الكبيرة منها وُضعت في غير محلها وأنها غير مضبوطة ولا لائقة، وأضاف أن رانيا دفعت بمزيد من النساء في أجهزة الدولة الوظيفية بما في ذلك جهاز المخابرات، وأن الأدوار التي تظهر فيها أو تقف وراءها رانيا لا تروق للبدو في الأردن.

وأما خطاب الملك الأردني الأخير الذي ألقاه الأحد الماضي وأثار فيه قضايا متعددة، فيرى الكاتب أن بعض تلك القضايا صحيح وأن بعضها مبالغ فيه وأن بعضها غير صحيح البتة، موضحا أن هناك قضايا تتعلق بالفساد والوساطة والمحاباة وفشل المؤسسات، وهناك قضايا بشأن الخصخصة ومدى كونها ناجحة أم فاشلة، وأن الملك أصدر تعليمات لتشكيل لجنة مكافحة فساد جديدة للتحقيق في الاتهامات، وأنه يفكر في تشكيل هيئة تشرف على عمل المحققين في اللجنة الجديدة.

واختتم الكاتب بالقول إن للأردن مشاكله، وإن الملك يمكنه اتباع سياسات والده الراحل الملك حسين، بحيث يتمكن من إيجاد الحلول المناسبة للمشاكل قبل تفاقمها، وإنه يحتاج إلى الموازنة بين الحرس القديم والمصلحين الجدد، وهنا تكمن الخطورة وصعوبة اتخاذ القرار.

المصدر : واشنطن بوست