"رئيسا أركان" الشرق والغرب في طرابلس.. هل حان وقت توحيد الجيش الليبي؟

رئيسا أركان،محمد الحداد رئيس أركان قوات الجيش في طرابلس ( عن اليمين) وعبد الرزاق الناظوري رئيس أركان مليشيات حفتر ( عن الشمال)الذي يزور #طرابلس للمرة الأولى منذ أكثر من 8 سنوات
رئيس أركان قوات الجيش في طرابلس محمد الحداد (يمين) وعبد الرزاق الناظوري رئيس أركان قوات حفتر الذي يزور طرابلس للمرة الأولى منذ أكثر من 8 سنوات (مواقع التواصل الاجتماعي)

ليبيا- في خطوة غير مسبوقة ربما تقود إلى توحيد "الجيش الليبي"، أعلنت اللجنة العسكرية المشتركة "5+5" في ليبيا بقيادة رئيس الأركان العامة بحكومة الوحدة الوطنية محمد الحداد، ونظيره عبد الرزاق الناظوري ممثلا عن المنطقة الشرقية، في بيان، عقب اجتماعاتها للمرة الأولى بطرابلس، ضرورة تسمية رئيس أركان موحد للجيش الوطني.

البيان العسكري المشترك بين الفريقين قرر أيضا تشكيل لجنة مشتركة لمتابعة ملف المحتجزين والمفقودين من الطرفين، كما نص على إقرار تفعيل القوة المشتركة التي اتفق عليها سابقا في اتفاق وقف إطلاق النار بعد الحرب بينهما للسيطرة على العاصمة طرابلس في أبريل/نيسان 2019.

وتضم اللجنة 5 أعضاء من المؤسسة العسكرية التابعة لحكومة الوحدة في غرب البلاد، و5 من طرف قوات الشرق الليبي بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ويجري هؤلاء حوارا منذ عامين لتوحيد المؤسسة العسكرية تحت رعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم لدى ليبيا.

اللقاء الرابع.. فما الجديد؟

وكانت مدينة سرت (وسط ليبيا) قد احتضنت الاجتماع الأول للجنة في ديسمبر/كانون الأول 2021، الذي بحث خطة شاملة لتنظيم التشكيلات المسلحة واستيعابها وتأطيرها، وتشكيل لجان لتوحيد المؤسسة العسكرية. وبعد شهر واحد، وفي سرت أيضا، عُقد الاجتماع الثاني.

أما الاجتماع الثالث فاحتضنته القاهرة قبل نحو شهر، وبحث "إخراج المرتزقة من البلاد، وعدم تسييس المؤسسات العسكرية، والسعي لتوحيدها، وتشكيل لجان لهذا الغرض".

وأكدت مصادر صحفية -للجزيرة نت- أن اجتماع القاهرة جاء تحضيرا للخطوة الأهم التي جرت في طرابلس قبل أيام إذ يزور طرابلس لأول مرة منذ 2014 مسؤول عسكري رفيع من شرق البلاد.

مصالح شخصية

على الأرض، يرى الطاهر بن غربية، القائد الميداني في عملية "بركان الغضب" التي تصدت لهجوم اللواء المتقاعد خليفة حفتر على طرابلس، أن المباحثات بين طرفي المؤسسة العسكرية شرقا وغربا ليست جديدة، "لكن نجاحها مرهون بالمصالح بين حكومة الوحدة الوطنية وحفتر"، مؤكدا للجزيرة نت أنهم لا يتوقعون نجاحها مهما بلغت من تقدم بين الطرفين.

ويرى بن غربية أن البلاد ما زالت منقسمة فعليا بين شرق وغرب، غير أنه يؤيد بقوة تغيير مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط أخيرا، معتبرا أن الفرق الجوهري بين طرفي الصراع أن "المنطقة الشرقية تخضع لسيطرة شخص واحد، أما في المنطقة الغربية فلا سيطرة لشخص أو طرف بعينه بدليل التغيير المستمر في الحكومات والقيادات العسكرية والأمنية"، الأمر الذي يراه القائد الميداني حائلا في التوافق مع القيادات في شرق البلاد.

بدوره، يرى الكاتب صلاح الشلوي أن الكلام على وحدة المؤسسة العسكرية، بل تأسيس مؤسسة عسكرية وطنية وليست قوات مسلحة تابعة لأشخاص، يحتاج أولا إلى مؤسسات سياسية موحدة، وتقف على أرضية رصينة دستوريا وسياسيا؛ بمعنى نزاهة انتخابها والتوافق على أسس ذاك الاختيار، مؤكدا "أن خطوات اليوم تخرج عن حدود ملعب السياسة وتجري على هامش المصالح الشخصية لعائلة رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة وعائلة حفتر".

استعراض عسكري سابق لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر في قاعدة بنينا الجوية ببنغازي (مواقع التواصل الاجتماعي)

زيارة تكتيكية لا إستراتيجية

مسألة المصالح يوليها مدير مركز بيان للدراسات نزار إكريكش اهتماما كبيرا، قائلا -في حديثه للجزيرة نت- إن الدبيبة فتح ملفات متعددة عن طريق وسطاء مع خليفة حفتر، ويريد فتح كل ملف منفصل عن الآخر، لذا فهذه الزيارة -أي زيارة الناظوري- يبدو أنها محاولة للشروع في حوارات من الجانب العسكري، غير أنها تتعلق بقضايا تكتيكية وليست إستراتيجية، وهذا يشمل الوضع العسكري في وسط البلاد والقضايا المتعلقة بالنفط والقضايا المالية التي هي الشغل الشاعل لخليفة حفتر.

وبالعودة إلى التوترات العسكرية، لا يرى الخبير الأمني جهاد الباجقني مفاجأة في زيارة رئيس أركان حفتر لطرابلس، بل يرى أن "طرابلس، عاصمة كل الليبيين، لا مشكلة لديها في استقبال الناظوري أو عقيلة صالح أو حتى حفتر ما دامت الزيارة سلمية"، مؤكدا أن دخول طرابلس بالقوة مرفوض تماما كما أثبتت ذلك التجارب مرات عدة.

وحسب الباجقني، فإن زيارة رئيس الأركان عن الشرق إلى طرابلس ليست إلا انعكاسا للمصالحات الإقليمية، وستتبعها زيارات أخرى متبادلة بين أعداء الأمس.

وأوضح الباجقني -للجزيرة نت- أن "حالة اللاحرب واللاسلم في ليبيا أصبحت غير مقبولة الآن، خصوصا للولايات المتحدة وأوروبا التي أعادت النظر إلى ليبيا بوصفها أحد مصادر الطاقة للاستغناء في المستقبل عن النفط والغاز الروسيين".

رأي يؤيده الكاتب صلاح الشلوي الذي قال إن "مطلب رفع حالة القوة القاهرة عن النفط الليبي مطلب عابر للحدود"، مضيفا للجزيرة نت أن وضع الطاقة العالمي لم يعد يحتمل مثل هذا الإغلاق، مرجحا أن الأطراف الليبية حاولت استغلال الأمر.

Troops patrol the area near Abu Qareen
الاجتماع العسكري الأخير دعا إلى دمج جميع التشكيلات المسلحة بالجيش الوطني (رويترز)

الأزمة الدولية تعيد تعريف ليبيا

ويرجح الخبير الأمني جهاد الباجقني سبب الوصول إلى هذه الخطوة بعدم قدرة أي طرف محلي أو إقليمي أو دولي مؤثر في الصراع الليبي على الحسم لمصلحته، إضافة إلى ما وصفه بفشل جميع مشاريع الأمم المتحدة في اجراء انتخابات برلمانية أو رئاسية.

ويضيف أن التوازن الآن هو سيد الموقف، مرجحا أن يكون لتركيا الدور الأبرز في إدارة الملف الليبي بموافقة جميع أطراف الصراع، مضيفا "كان لا بد للمصالحات واللقاءات بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وخصوم الأمس، ثم الحرب الروسية الأوكرانية، وكذلك ضغط النفط والغاز على أوروبا أن تعيد الملف الليبي إلى الواجهة بعد إهمال دام سنوات".

المصدر : الجزيرة