تحتضنها الدوحة.. محادثات إيرانية أميركية غير مباشرة بشأن الملف النووي ونقاط خلافية على الطاولة

الأمين العام لوزارة الخارجية القطري (وسط) يجتمع مع مساعد وزير الخارجية الإيراني (يسار) (وكالة الأنباء القطرية)

انطلقت في العاصمة القطرية الدوحة المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة؛ بحثا عن تسوية لأزمة برنامج طهران النووي في إطار مسار فيينا.

وتهدف المباحثات -التي تتم بوساطة أوروبية- إلى حل المسائل العالقة بين الجانبين التي تمنع الوصول إلى تفاهم حول إعادة إحياء اتفاق عام 2015 بشأن البرنامج النووي الإيراني.

وقالت وزارة الخارجية القطرية -في بيان- إنها تأمل أن تتوج محادثات الدوحة بنتائج إيجابية، وأعربت عن استعداد الدوحة لتوفير الأجواء التي تساعد على إنجاح الحوار.

وأكد المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري -في مقابلة مع الجزيرة- أن الدور القطري يتمثل في استضافة المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، وشدد على أن ذلك دليل على ثقة الأطراف في قطر وما قامت به من جهود.

وأضاف الأنصاري أن التركيز حاليا في هذه الجولة التكميلية ينصبّ على إعادة الثقة بين الأطراف، باعتبارها التحدي الأكبر.

خطوط حمر

من جانبه، أكّد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان جدية طهران في التوصل إلى اتفاق جيد ودائم خلال المباحثات التي تستضيفها الدوحة، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن إيران لن تتراجع عما تعتبرها خطوطا حمرا.

وأضاف عبد اللهيان أن إدارة بايدن أبلغت طهران إرادتها الجدية التوصل إلى اتفاق، لكنه أشار إلى أن الإدارة الأميركية تواصل نهج سياسة الضغوط القصوى في الوقت ذاته، مضيفا أن بلاده قررت إجراء مفاوضات غير مباشرة مع الأميركيين في قطر في هذه المرحلة من التفاوض، وأنها سترى إن كانت نيات وإرادة واشنطن في التوصل للاتفاق حقيقية.

وتحتضن العاصمة القطرية جولة المفاوضات هذه من أجل إنقاذ الاتفاق النووي، وذلك عقب جولات مفاوضات طويلة في العاصمة النمساوية فيينا.

وكانت وكالة الأنباء الإيرانية نقلت عن المتحدث باسم الخارجية ناصر كنعاني أن المفاوضات النووية ستُستأنف اليوم في الدوحة، وأن وفد البلاد سيشارك برئاسة كبير المفاوضين علي باقري.

كما أكدت الخارجية الأميركية المشاركة بوفد في جولة المفاوضات غير المباشرة مع طهران في الدوحة، معربة عن استعدادها لاستكمال الاتفاق النووي وتطبيقه والعودة إلى الامتثال الكلي والمتبادل للاتفاق.

لكنها أضافت أن تحقيق ذلك يتطلب من إيران التنازل عن مطالبها الإضافية التي هي خارج إطار اتفاق فيينا النووي.

جهود ونقاشات

ووصل إلى قطر المبعوث الأميركي الخاص لإيران روبرت مالي وكبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري وأعضاء الوفد المرافق له.

وكتبت السفارة الأميركية في الدوحة تغريدة على تويتر اليوم قالت فيها إن مالي التقى وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني لمناقشة "الجهود الدبلوماسية المشتركة بشأن إيران".

من جانبه، قال السفير الإيراني في قطر حميد رضا دهقاني، إنه يتمنى النجاح للوفد في هذه الجولة من المحادثات، لإعادة تفعيل الاتفاق النووي.

وأكد السفير الإيراني أن كبير المفاوضين الإيرانيين التقى الأمين العام لوزارة الخارجية القطرية أحمد الحمادي ونائب وزير الشؤون الإقليمية لمناقشة المحادثات، في حين أشارت الخارجية القطرية إلى أن اللقاء استعرض التعاون الثنائي بين البلدين.

محادثات وتوقعات

ووفق المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي بيتر ستانو، فإن هذه المحادثات غير المباشرة ستكون برعاية أوروبية، على أن تتركز على حل المسائل التي تمنع التوصل لاتفاق في فيينا.

وقال "سنتناقش ابتداء من اليوم في الدوحة بتسيير من وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل" وفريقه.

وشدد على أن المحادثات في الدوحة ليست بديلا عن مفاوضات فيينا، بل تهدف إلى حل المسائل العالقة بين الولايات المتحدة وإيران للسماح بالتقدم في المحادثات الأخرى مع الدول الكبرى.

وقال "لا يزال من المقرر عقد محادثات حول إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة (الاسم الرسمي للاتفاق النووي) في فيينا. ما يجري في قطر الآن هو محادثات غير مباشرة بين إيران والولايات المتحدة".

 

انسحاب وتشاؤم

وانسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق حول الملف النووي الإيراني عام 2018 في عهد رئيسها السابق دونالد ترامب وأعادت فرض عقوبات اقتصادية على طهران. وردّت إيران بعد عام ببدء التراجع عن كثير من التزاماتها الأساسية، أبرزها مستويات تخصيب اليورانيوم.

وسعت إدارة الرئيس جو بايدن للعودة الى الاتفاق، معتبرة أن هذا المسار هو الأفضل مع إيران على الرغم من إعرابها عن تشاؤم متنام في الأسابيع الأخيرة.

ووفق المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني أبو الفضل عمويي، فإن بلاده لن تتفاوض بشكل مباشر مع الولايات المتحدة قبل عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي.

وأضاف عمويي أن منسق اللجنة المشتركة للاتفاق النووي إنريكي مورا يتولى مسؤولية نقل الرسائل بين الجانبين خلال محادثات الدوحة.

واتهم المسؤول الإيراني الولايات المتحدة بانتهاك القرارات والقوانين الدولية وأنها لم تتخذ أي خطوة للتراجع عن قرار الانسحاب من الاتفاق النووي لحد الآن، وفق قوله.

وأكد عمويي أن مباحثات الدوحة تهدف لإحياء الاتفاق النووي، مشيرا إلى أنه إذا عادت واشنطن إلى الاتفاق، والتزمت بتعهداتها كافة، يمكنها طرح مواقفها بشكل مباشر مع الجانب الإيراني في إطار مجموعة 1+5، وفق تعبيره.

نقاط خلافية

وتتجسد النقاط الخلافية المتبقية بين إيران والولايات المتحدة -المتوقع مناقشتها خلال المحادثات القادمة بهدف إحياء الاتفاق النووي- في شروط وشروط مضادة؛ أبرزها مطالبة إيران برفع العقوبات المفروضة بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، ومختلف العقوبات التي فرضت ضمن سياسة الضغوط القصوى الأميركية.

في المقابل، تقول واشنطن إن إيران تطالب بما هو خارج الاتفاق، ويجب أن تستجيب للمخاوف التي تتجاوز الاتفاق النووي.

وتطالب إيران أيضا بضمانات سياسية وحقوقية وتجارية من الجانبين، الأميركي والأوروبي، كي لا يتكرر الانسحاب من الاتفاق.

لكن واشنطن أعلنت سابقا أنه لا يمكن تقديم ضمانات لإيران بأن الإدارة الأميركية القادمة لن تنسحب من الاتفاق النووي.

كما تطالب إيران بإخراج الحرس الثوري من القائمة الأميركية للمنظمات الإرهابية، لكن واشنطن تقول إن إخراج الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية يحتاج لمفاوضات أوسع، تشمل ملفات أخرى أيضا؛ وهذا الأمر ترفضه إيران.

المصدر : الجزيرة + وكالات