واشنطن تفعل آلية تعود للحرب العالمية الثانية وبوتين يحذر من "الخطر الكبير" للناتو وأوروبا

أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن قرار روسيا بدء عملية عسكرية في أوكرانيا كان اضطراريا وصحيحا وفي توقيته، في حين فعّلت واشنطن آلية لدعم أوكرانيا يعود تاريخها للحرب العالمية الثانية.

واتهم بوتين -خلال كلمته بمناسبة الاحتفال بالذكرى 77 للنصر على ألمانيا النازية- الغرب بأنه كان يستعد لغزو الأراضي التاريخية لروسيا.

وقال إن أوروبا وحلف شمال الأطلسي (ناتو) أصبحا يشكلان خطرا كبيرا على روسيا، حسب تعبيره.

في المقابل، قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس إن حرب روسيا على أوكرانيا كانت "غير مبررة على عكس ما سمعناه في كلمة الرئيس الروسي".

وأوضح برايس أن بلاده لا تزال قلقة بشأن احتمال ضم روسيا لإقليم دونباس، مشيرا إلى أن موسكو سعت لضم مناطق في أوكرانيا، وتنظيم انتخابات صورية لإضفاء الشرعية على احتلالها هذه المناطق، حسب تعبيره.

قرار أميركي

في غضون ذلك، وقّع الرئيس الأميركي جو بايدن أمس الاثنين قرارا يجيز تسريع تزويد أوكرانيا بالأسلحة، مفعلا بذلك آلية يعود تاريخها للحرب العالمية الثانية.

President Biden signs into law S. 3522, the "Ukraine Democracy Defense Lend-Lease Act of 2022" in Washington
بايدن خلال توقيعه قرار تسريع تسليم الأسلحة لأوكرانيا أمس في البيت الأبيض (رويترز)

كما دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى إنشاء "منظمة سياسية أوروبية" لضم أوكرانيا بالتوازي مع آلية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي التي قد تستغرق "عقودا".

ودعا ماكرون -أمام البرلمان الأوروبي -في أول خطاب له حول أوروبا منذ إعادة انتخابه رئيسا لفرنسا- إلى أنه في سبيل إنهاء الحرب التي يشنها الجيش الروسي في أوكرانيا يجب بناء السلام دون "إذلال" روسيا.

وأكد ماكرون أن بلاده ستستمر في دعم أوكرانيا، والتنسيق لفرض عقوبات جديدة على روسيا، وتلافي عودة الحرب إلى القارة الأوروبية، مبديا أمله أن تكون أوروبا مستقبلا أكثر قوة أمام التحديات التي قد تواجهها.

من جهته، أعرب المستشار الألماني أولاف شولتز عن أمل بلاده في أن تستأنف المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا بأسرع ما يمكن، وأن تصل إلى نتائج إيجابية.

وشدد شولتز -خلال مؤتمر صحفي مشترك مع ماكرون في برلين أمس الاثنين- على ضرورة تحقيق وقف لإطلاق النار في أوكرانيا التي تقف ألمانيا إلى جانبها بلا هوادة، على حد تعبيره.

من ناحيتها، قالت وزيرة خارجية إستونيا إيفا ماريا ليميتس -في مقابلة مع الجزيرة- إن أوكرانيا "تقاتل بالنيابة عن الديمقراطيات الأوروبية"، مؤكدة أنها لا تعتقد أن روسيا مقبلة على مواجهة مع حلف شمال الأطلسي، وأن هناك كثيرا من الجهود للتنسيق والتعاون بشأن كيفية إيجاد خط غاز بديل للخط الروسي.

ودعا الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ الرئيس الروسي إلى الوقف الفوري للأعمال القتالية وسحب قواته وبدء مفاوضات السلام.

وقال ستولتنبرغ -في تصريحات لصحيفة "فيلت" الألمانية- إن الناتو يقف بحزم إلى جانب أوكرانيا، وسيواصل مساعدتها في فرض حقها في الدفاع عن النفس، رافضا اتهامات موسكو لتحالف الدفاع الغربي "بالعدوانية"، ومذكرا بأن الحلف تمكن خلال أكثر من 7 عقود من منع الحرب عن حلفائه.

تحقيق النصر

كما أعلنت الخارجية الأميركية أنها تعمل على تعزيز موقف أوكرانيا على طاولة المفاوضات حتى تتمكن من "تحقيق النصر"، مشيرة إلى أن كييف أجبرت موسكو على تغيير خططها، وأن واشنطن ستستمر في دعمها في وقت تواصل فيه تصديها للعدوان الروسي.

ودعا وزير الدفاع البريطاني بن والاس المجتمع الدولي لمساءلة الروس، قائلا -خلال كلمة له بمتحف الجيش الوطني في لندن- إن الرئيس فلاديمير بوتين والمحيطين به يجسدون الفاشية والطغيان اللذين سادا قبل 70 عاما، ومشددا على أهمية أن يلقى بوتين مصير الهزيمة نفسه الذي لقيه النازيون خلال الحرب العالمية الثانية.

على صعيد آخر، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إن أوكرانيا قريبة جدا من الاتحاد الأوروبي، وإن مستقبل أوروبا هو مستقبل الأوكرانيين.

وأعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي -عبر قناته على تليغرام بعد محادثات عبر الفيديو مع المسؤولة الأوروبية- أنه تلقى إشارات دعم واضحة لبلاده من قبل المفوضية الأوروبية في مسار العضوية في الاتحاد.

تقدم بطيء

ميدانيا، أعلن البنتاغون أن الروس يحرزون تقدما تدريجيا نحو دونباس لكنه بطيء ويواجه بمقاومة أوكرانية شديدة، مؤكدا أن القوات الروسية متأخرة -كما نعتقد- في جدولها الزمني، وأن التقدم الميداني الذي تحرزه محدود للغاية.

كما قال البنتاغون إن هناك مؤشرات على نقل الأوكرانيين من بلادهم إلى روسيا قسرا.

من ناحية أخرى، قال دينيس بوشيلين رئيس الانفصاليين في مقاطعة دونيتسك إنه سيحسم موضوع الانضمام إلى روسيا بعد إكمال السيطرة على حدود مقاطعة دونيتسك، وهو أمر يحتاج إلى رأي سكانها، وفق تعبيره.

وأضاف بوشيلين أن الهدف الأساسي الآن هو إكمال السيطرة على كامل المقاطعة، ثم إعادة إعمار المدن التي تمت السيطرة عليها أخيرا، مشيرا إلى أن توجهاتهم معروفة جيدا منذ عام 2014.

من جانبهم، قال الانفصاليون في لوغانسك إنهم سيطروا على قرية "نيجني" بعد معارك مع القوات الأوكرانية؛ وبثوا صورا قالوا إنها من داخل القرية بعد سيطرة قواتهم عليها.

في المقابل، قالت هيئة الأركان الأوكرانية إن القوات الروسية تواصل شن هجماتها لبسط سيطرتها الكاملة على لوغانسك ودونيتسك، وتعيد تجميع قواتها وتجهيز وحدات هجومية إضافية، وتقوم بعمليات استطلاع مستمرة في إيزيوم (جنوب خاركيف).

كما أعلنت أن الجيش الروسي نفذ 48 غارة جوية على منطقتي خاركيف ودونيتسك خلال 24 ساعة الماضية.

وذكر رئيس الوزراء الأوكراني دنيس شميغال أمس الاثنين -خلال اجتماع مع رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال- أن نحو 70 سفينة محاصرة في موانئ البلاد بسبب الحرب الروسية على بلاده.

وفي جنوبي أوكرانيا، قال عمدة مدينة خيرسون الموالي لروسيا فلاديمير سالدو -في حوار مع وكالة "تاس" الروسية- إن منطقة خيرسون بالكامل تخضع لسيطرة الجيش الروسي، وإن تحولا إلى النظام الروسي سيجري مستقبلا لبناء هيئات السلطة من الأعلى للأسفل.

وأضاف أنه لا توجد خطط لتغيير الهيكل الإداري للمدينة أو الانضمام لشبه جزيرة القرم، وأن المدينة لم تتعرض للدمار وجميع مؤسساتها ومرافقها آمنة وسليمة.

تراجع وإعادة انتشار

أما في شرقي البلاد، فقد نفى حاكم مقاطعة دونيتسك بافلو كرولينكو -في حديث للجزيرة- احتمال أن تشهد جبهات دونيتسك تراجعا أو إعادة انتشار على غرار ما حدث في لوغانسك، قائلا إن الجيش الأوكراني أعد العدة جيدا لهذه المواجهة منذ عام 2014.

وعن عمليات الإجلاء في ماريوبول، قال كرولينكو إن السلطات الأوكرانية تبذل كل ما في وسعها لإنقاذ المحاصرين في آزوفستال، نافيا خروج جميع المدنيين من المصنع.

وفي خاركيف (شرقي البلاد)، قال عمدة المدينة إن 3 أشخاص قتلوا وأصيب 9 في قصف روسي استهدف مناطق مختلفة من المقاطعة.

وأضاف أن القوات الأوكرانية سيطرت بالكامل على بلدة "تسيركوني" ضمن تقدمها على محاور عدة، وأنها تواصل هجومها المضاد بهدف دفع القوات الروسية باتجاه الحدود الروسية الأوكرانية.

بدوره، أعلن الجيش الأوكراني أن روسيا تواصل حشد قوات في مدينة بولغورود الروسية المحاذية لمقاطعة خاركيف.

وفي جزيرة الأفعى الواقعة بالبحر الأسود التي سيطرت عليها روسيا خلال الأيام الأولى للحرب، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن كييف قامت خلال اليومين الماضيين بمحاولات يائسة لإنزال قواتها بحرا وجوا، وأن قواتها تكبدت خسائر كبيرة خلال محاولاتها السيطرة على الجزيرة.

كما قالت إنها تمكنت من تدمير 6 مروحيات أوكرانية في مطار عسكري بمنطقة أوديسا (جنوبي البلاد).

المصدر : الجزيرة + وكالات