التايمز: كيسنجر أسمع بوتين ما يطربه لكن تنازل أوكرانيا عن أراضيها قد يؤجج الصراع في المستقبل

Former U.S. Secretary of State Henry A. Kissinger attends the American Academy's award ceremony at Charlottenburg Palace in Berlin, Germany, January 21, 2020. REUTERS/Annegret Hilse
وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر (رويترز)

انتقد مقال في صحيفة "التايمز" (The Times) البريطانية دعوة السياسي المخضرم ووزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر أوكرانيا إلى التنازل عن بعض أراضيها لروسيا من أجل إنهاء الحرب.

وقال معدّ المقال، ديفيد آرونوفيتش، وهو كاتب عمود بالصحيفة، إن ما يدعو له كيسنجر يعني أن تقبل أوكرانيا بالاحتلال الروسي لشبه جزيرة القرم وتوافق على ضمّ روسيا لمقاطعتي دونيتسك ولوغانسك اللتين ما زال النزاع عليهما على أشدّه.

وأشار إلى أن القيادة الأوكرانية مصممة على عدم التنازل عن أراضي بلادها في مواجهة ما وصفه بـ"العدوان الإجرامي الروسي" وتتفق معها في هذا الموقف الغالبية العظمى من الشعب الأوكراني، لا مع ما ذهب إليه كيسنجر الذي وصفه بالسياسي "الأجنبي التسعيني الذي لم يسبق أن انتخبه أي أحد".

وأوضح آرونوفيتش أن نصيحة كيسنجر التي حث فيها الأوكرانيين على "التحلي بالحكمة" تأتي وقد دخلت الحرب مرحلة جديدة، بعد نهاية الانتصار المحدود الذي حمل روسيا على الانسحاب من المناطق المحيطة بكييف، وتجري الآن حرب استنزاف رهيبة في الشرق يمارس فيها الروس "وحشيتهم"، على حد تعبيره، حيث يدمرون المنطقة من أجل احتلالها.

حتى لا تتضرر مصالح الغرب

وقال إنه على الرغم من أن الأوكرانيين هم من يُقتلون في هذه الحرب، "فإننا نشعر بعدم الراحة باستمرار، رغم أننا لا نتعرض للقصف، لكن الأسعار ترتفع. لذلك ربما كان كيسنجر يشرح بعبارات واضحة ما يفكر فيه الآخرون ولكنهم يخشون التعبير عنه".

وأبرز الكاتب أن صحيفة "نيويورك تايمز" (New York Times) الأميركية كانت قد أوردت رأيا شبيها برأي كيسنجر في افتتاحية لها الأسبوع الماضي عن الحرب الروسية على أوكرانيا، حيث أوضح معدّا الافتتاحية أنهما كانا محقّين عندما قالا من قبل إن "أوكرانيا تستحق الدعم ضد العدوان الروسي غير المبرر وإن مقاومة عنف بوتين يجب أن تقودها الولايات المتحدة"؛ قبل أن يستدركا: "لكن الدعم الشعبي لحرب بعيدة عن شواطئ الولايات المتحدة لن يستمر إلى ما لا نهاية، والتضخم مشكلة أكبر بكثير للناخبين الأميركيين من أوكرانيا".

كما أشارت افتتاحية "نيويورك تايمز" -وفق الكاتب- إلى أن على كييف اتخاذ قرارات لإنهاء الحرب، وصفتها الصحيفة بأنها قرارات "مؤلمة تتعلق بالمناطق".

وتساءل الكاتب عن المناطق التي تقصدها الصحيفة، وقال إن معدّا الافتتاحية التي رآها مخجلة لم يكلّفا نفسيهما عناء شرح ما يقصدانه بتلك النقطة على عكس كيسنجر، لكنهما نصحا الرئيس بايدن "بأن يوضح للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وشعبه أن هناك حدًّا للمدى الذي يمكن أن تصل إليه الولايات المتحدة وحلف الناتو في مواجهة روسيا".

واقعية عرجاء

وانتقد آرونوفيتش سياسة الأمر الواقع التي ينطلق منها كيسنجر، موضحا أنها تقضي بإقناع الأوكرانيين الذين حاربوا من غزا بلدهم حتى أوصلوه إلى طريق مسدود ورفضوا التنازل عن أرضهم بأن عليهم الآن مساعدة هذا الغازي على حفظ ماء وجهه من خلال إعطائه جزءا من أرضهم.

وقال الكاتب إن هذا على ما يبدو هو "الواقعية"، لذا "لمواجهة الاستهتار الروسي المفرط، نحن مدعوون لتبنّي نظرية كيسنجر حول استهتار القوى العظمى؛ سنتحدث عن الحرية والسيادة على الأراضي الوطنية ثم نكافئ المعتدي المسلح نوويا بجزء من أرض بلد آخر".

وتساءل آرونوفيتش في ختام مقاله: "إذا كان كيسنجر يقدم نصائح صادقة، فلماذا لم يقدمها لزيلينسكي على انفراد، حيث لا يمكن لبوتين ومستشاريه سماعها واستمداد القوة منها؟"، وأضاف "ربما لأنك حتى في سن الـ98 قد تكون ما زلت مغرورا ومخطئًا بشكل فظيع".

وكان كيسنجر قد حث في كلمة ألقاها في منتدى دافوس يوم الاثنين الماضي الدول الغربية على التوقف عن محاولة إلحاق هزيمة ساحقة بالقوات الروسية في أوكرانيا، محذرًا من أن ذلك ستكون له عواقب وخيمة على استقرار أوروبا على المدى البعيد.

كما حذّر من إطالة أمد الحرب في أوكرانيا، وقال إن على قادة الغرب حمل أوكرانيا على قبول الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع روسيا حتى إن كانت شروط التفاوض أقل من الأهداف التي تريد الخروج بها من الحرب.

 

 

 

 

المصدر : تايمز