وجه آخر للحرب.. هل يتواجه شيشان وعرب في حرب أوكرانيا؟

وصل 150 من "المرتزقة السوريين" فعلا للقتال إلى جانب روسيا، وفق الاستخبارات الأوكرانية، لذا يبدو موقف السوريين المقيمين في أوكرانيا أصعب من غيرهم.

صورة لوقفة تأييد لبوتين في بيروت - وصلتني عبر تيليغرام
من وقفة تأييد لبوتين وحربه على أوكرانيا في العاصمة اللبنانية بيروت (مواقع التواصل)

ما إن أعلن الزعيم الشيشاني رمضان قديروف مشاركة شيشانيين مسلمين إلى جانب القوات الروسية في حربها على أوكرانيا، حتى اشتعل جدل "التعميم" في أوكرانيا، الذي شمل لاحقا عربا يقيمون في البلاد من دول شرق أوسطية، أعلنت روسيا أن فيها من هو مستعد للقتال لصالحها أيضا.

ووصل هذا الجدل حد التشكيك بموقف الشيشانيين والسوريين جميعا، واستخدام مسؤولين عبارات أثارت انتقادات واسعة من قبل مسلمي البلاد، أبرزها ما صدر عن النائب في حزب "خادم الشعب" الحاكم فيدير فينيسلافسكي الذي قال "سنرسلهم جميعا إلى الله".

على إثر ذلك، أصدر مجلس مسلمي أوكرانيا بيانا استنكر فيه التعميم واستخدام مثل هذه العبارات، مؤكدا أن "لقاء الله جائزة ورجاء يناله المؤمنون الصالحون" مستذكرا الآية (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا)، وأن عذاب الله وغضبه من نصيب الظالمين وقتلة الأبرياء وناهبي البيوت، ما دفع النائب فينيسلافسكي إلى الاعتذار.

Head of the Chechen Republic Kadyrov meets with Russia's President Putin near Moscow
أشعل إعلان الرئيس الشيشاني قديروف المشاركة في القتال إلى جانب روسيا جدلا في أوساط مسلمي أوكرانيا (رويترز)

شيشانيون إلى جانب أوكرانيا

ينفي "شيشانيو أوكرانيا" عن أنفسهم الولاء لقديروف، ويجاهرون بعدائه؛ ودفعا لهذا الجدل أيضا، بادر مسؤولو كتائب عسكرية تطوعية ونظامية بدفع "الشبهات" عن "أخوة الأرض ورفاق السلاح"، والتأكيد على وجود شيشانيين يقاتلون إلى جانب أوكرانيا منذ أن بدأت الحرب ضد الانفصاليين في 2014.

ويدور الحديث هنا -بالدرجة الأولى- عن كتيبتي "الشيخ منصور" و"جوهر دودايف" التطوعية، المناوئة لحكم الزعيم قديروف ونظام الكرملين الداعم له، بالإضافة إلى وجود أوكرانيين من أصول شيشانية داخل صفوف الجيش الأوكراني.

يقول دميترو كورتشينسكي، وهو قائد كتيبة "الأخوة" التطوعية المحسوبة على الفكر القومي الأوكراني "نحن بالفعل أخوة على هذه الأرض. نقف جنبا إلى جنب، كأوكرانيين مسيحيين وشيشانيين مسلمين. نقاتل معا من أجل الحق وحتى النصر".

من مظاهرة ضد حرب روسيا على أوكرانيا - المصدر موقع ميديل إيست أون لاين
من مظاهرة لبنانيين ضد حرب روسيا على أوكرانيا (موقع ميديل إيست أون لاين)

انقسام لبناني

وبمجرد أن أعلنت روسيا استعداد آلاف من بلدان الشرق الأوسط للقتال في صفوفها ضد الأوكرانيين، اتجهت الأنظار إلى أنصار النظام السوري ومواليه في لبنان، فانعكس ذلك في النظرة للعرب عموما، وللسوريين واللبنانيين خصوصا في أوكرانيا.

وخلال الأيام الماضية، شهدت العاصمة بيروت وقفات مؤيدة لروسيا وقرارها الاعتراف باستقلال "جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين" بإقليم دونباس، وشن الحرب "حماية ودفاع" عنهما. كما شهدت أيضا مظاهرة مؤيدة لأوكرانيا، ورافضة لـ"العدوان الروسي" عليها.

يقول أحد أبناء الجالية الأوكرانية في كييف، الذي فضل اختصار اسمه بـ"م ع" إن "مؤيدي بوتين الذين تظاهروا دعما له هم 10-15 من الشيوعيين "الختيارية"، الذين درسوا في روسيا خلال فترة الاتحاد السوفياتي، ولا يتقبلون -حتى اليوم- انهيار ماضيهم، بل "يقدسون" كل ما يصدر عن موسكو" على حد قوله.

ويقول رئيس المركز الثقافي اللبناني في أوكرانيا غسان الغصيني "نحن في لبنان دائما هكذا…، منقسمون بحسب الانتماءات السياسية والإقليمية".

  الدكتاتورية تجلب العار

وبينما أعلن حزب الله اللبناني أنه لن يرسل مقاتليه إلى أوكرانيا دعما لروسيا، وصل 150 من "المرتزقة السوريين" فعلا للقتال إلى جانب روسيا، وفق الاستخبارات الأوكرانية، لذا يبدو موقف السوريين في أوكرانيا أصعب من غيرهم.

يقول الناشط والمحلل السياسي عبد المجيد عقيل "مؤخرا، كلما التقيت بأناس جدد في أوكرانيا وعرفوا أنني سوري، إما يقابلونني بنظرات مشككة أو يسألونني صراحة عن "أبناء بلدي" القادمين للمشاركة مع الروس في الحرب ضدهم، أو الذين يخرجون في مسيرات "عفوية" يؤيدون فيها الحرب الروسية".

ويتابع عقيل للجزيرة نت "طبعا، بعد دقيقتين من الكلام يتحول التشكيك إلى احترام واهتمام بالاستماع إلى حقيقة ما يحدث في سوريا، الموضوع لا يقلقني على الصعيد الشخصي، ماعدا ذلك الشعور الداخلي بالعار الذي لحق باسم بلدي".

وقال أيضا "أضع نفسي مكان السوريين الذين لا يفقهون في السياسة، أو لا يجيدون التحدث بصورة جيدة، هؤلاء كم سيتعرضون لمواقف سيئة لا ذنب لهم فيها، إلا لأنهم من بلد يحكمها أحد أذيال بوتين؟ الدكتاتور يجلب العار لشعبه في كل مكان"، على حد قوله.

المصدر : الجزيرة