لديها أملاك بأكثر من تريليون جنيه.. لماذا تطلب وزارة الأوقاف من المصريين التبرع؟

واجهة مبنى وزارة الأوقاف المصرية
واجهة مبنى وزارة الأوقاف المصرية (الجزيرة)

القاهرة – تحفظ مراقبون على جمع وزارة الأوقاف المصرية تبرعات لمشاريعها الحكومية وإصدار وزيرها محمد مختار جمعة فتاوى وصفوها بـ "المزاحمة لحق الجمعيات الخيرية في ذات نشاطها" على الرغم من وجود ريع للأوقاف، وصفته الوزارة في آخر إحصائياتها بأنه غير مسبوق.

وفي تصريحات خاصة للجزيرة نت، طالب هؤلاء المنتقدون الوزارة بالإفصاح عن موقف ريع الوقف الذي يصل وفق أرقام رسمية إلى تريليون و87 مليار جنيه (الدولار نحو 15.7 جنيها) وهو ما يجلب ريعا يتطلب الكشف عن مصيره، في ظل وجود صندوق الوقف الخيري الذي يفترض أن يصرف موارده على الأنشطة الخيرية.

صكوك وتبرعات

ودشن وزير الأوقاف مشروعا جديدا يعتمد على الصكوك النقدية التي تجمع من المصريين عبر التبرعات، وهو مشروع "صكوك الإطعام" وذلك بعد مشروع "صكوك الأضاحي". وأطلق جمعة الخميس الماضي أول قافلة لتوزيع لحوم صكوك الإطعام بمحافظتي القاهرة والجيزة، على أن تستمر في كافة المحافظات تباعا.

وأفتى جمعة في بيان رسمي على صفحته الرسمية على فيسبوك بجواز إخراج المصريين قيمة الصكوك من الزكاة، مضيفا أنه "يجوز إخراجها من الصدقات والكفارات والفدية وإفطار الصائم".

اللافت في الأمر -وفق مراقبين- وجود جهات عديدة في المجتمع المدني تقبل التبرعات لذات الأمر ومعترف بها حكوميا، منها بنك الطعام المصري، وكذلك بيت الزكاة والصدقات المصري الذي يخضع لإشراف شيخ الأزهر أحمد الطيب.

وبالتوازي مع طلبها للتبرعات، أعلنت الأوقاف في بيان رسمي مطلع فبراير/شباط الجاري أن "هيئة الأوقاف تواصل إنجازاتها في مجال الاستثمار وتحقيق الأرباح والإيرادات، حيث حققت رقما قياسيا جديدا في التحصيل خلال يناير/كانون الثاني الماضي بلغ 156 مليون جنيه.

وأوضح البيان أن هيئة الأوقاف حققت أعلى عوائد إيرادات وأرباح خلال النصف الأول من العام المالي 2021/ 2022 مقارنة بهذا النصف من أي عام ماض منذ تأسيسها، حيث يبلغ إجمالي الإيرادات والأرباح نحو 900 مليون جنيه، بزيادة تقدر بنحو 98 مليونا.

الاستثمار أم التبرعات؟

من جانبه، يرى النقابي والمعارض ياسر صديق أن ما يحدث من وزارة الأوقاف من إصدار فتاوى بعينها لجلب أموال تبرعات من المواطنين، بدل دعمها للمواطنين وتطوير ريع الوقف، يؤكد أن مصر في زمن اللامعقول وغير المفهوم، بحسب وصفه.

وفي حديثه للجزيرة نت، يتساءل صديق: ماذا يعني عدم استثمار أموال الريع وتنمية وتوسيع مصادر التمويل لمشروعات الوزارة، في الوقت الذي يبحث فيه الوزير عن التبرعات؟ وهل هذا صراع على اقتطاع جزء من تورتة التبرعات؟ وهل هناك نسب تحصيل من التبرعات تذهب لخزينة القائمين عليها؟ وأين موارد الوزارة للصرف على المحتاجين؟

وأضاف صديق أن اجابة هذه الأسئلة تكشف كثيرا من الحقائق في تحركات وزارة الأوقاف التي باتت تنافس المجتمع المدني في دوره الأصيل، وتناست أنها جهة حكومية من المفترض أن تكون داعمة وليست طالبة للأموال والتبرعات، بحسب وصفه.

وأشار إلى أن هناك العديد من جمعيات المجتمع المدني التي تم تكبيلها لكي لا تقوم أساسا بهذا الدور المنوط بها، وهو ما فتح الطريق للآخرين للاستيلاء على أموال الفقراء والمساكين، معربا عن خشيته من تأميم أموال الوقف وريعه لتنويع مصادر دخل الدولة لا دخول المواطن، مستخدمين الدين في ذلك.

مزاحمة وعدم رؤية

يرى رئيس مركز الشهاب لحقوق الإنسان، خلف بيومي، أن المشكلة هي عدم وجود رؤية جيدة للعمل الأهلي في مصر واتجاه السلطة لتأميمه والسيطرة عليه، وهو ما يتضح من خلال نسخة قانون الجمعيات الأهلية عام 2017 وتعديله الصادر عام 2019.

وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف بيومي أن الأزمة كذلك تكمن في رغبة وزارة الأوقاف بمزاحمة الجمعيات وأن مشاركتها في الأنشطة وجمع التبرعات نوع من أنواع إرضاء النظام، وهو ما يأتي على حساب الفعالية المرجوة للمجتمع المدني.

ويستنكر بيومي ما سماه "انحراف وزارة الأوقاف" عن دورها الأساسي في رعاية الوقف وتنميته والاستفادة به، ومحاولة القيام بأدوار أخرى، وهو ما يستغرق الوقت والمال المملوك للوزارة في غير الهدف الصحيح.

من جهته، دعا مدير تحرير صحيفة الجمهورية الحكومية، مجاهد خلف، وزارة الأوقاف بحكم امتلاكها قواعد وبنية أساسية من مشروعات زراعية، إلى توظيف واستثمار جزء من أموالها الخيرية لبناء القواعد اللازمة للانطلاق في مشروعات استثمارية لخدمة العمل الخيري.

وفي مقال بعنوان "صكوك الإطعام وضبط العمل الخيري" قال خلف إن الاتجاه نحو العمل المؤسسي سيفتح أبوابا كثيرة لضخ دماء وأموال جديدة للأوقاف وزيادة مساحة ورقعة المساهمة في قضايا المجتمع، بعد أن توقفت الأمور في كثير من الأحيان، واقتصر الأمر على أشياء روتينية، وتعرضت أموال الوقف للنهب والسرقة على مدى عقود، وفق وصفه.

تريليون و87 مليارا

في هذا السياق، كشف وكيل مجلس النواب محمد أبو العينين، في وقت سابق، أن حجم أموال الوقف يصل إلى تريليون و87 مليارا. وطالب -في جلسة برلمانية العام الماضي- وزارة الأوقاف بالاستثمار الأفضل لأموال الوقف وإعادة تقييمها واستثمارها، وإعلان كيفية توزيع أموال الوقف على الأنشطة المختلفة.

وفي لقاءات عدة، آخرها أغسطس/آب الماضي، طالب رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي من وزير الأوقاف استمرار جهود الحفاظ على مال الوقف وتنميته وحسن إدارته.

وشدد السيسي على صون مال الوقف، مع اتخاذ الإجراءات العاجلة لإزالة أي تعد عليه، وسرعة تحصيل أي متأخرات مالية لصالحه، وأن تكون جميع التعاملات المستندية للوقف صادرة من مركز الوثائق المؤمنة، وأن تتم التعاملات المالية بشأن جميع الأوقاف وفقا للقيمة السوقية العادلة.

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، صادق السيسي على القانون رقم 145 لسنة 2021 بإنشاء صندوق الوقف الخيري، والذي أقره مجلس النواب في 28 يونيو/حزيران الماضي.

وينص القانون على إنشاء صندوق باسم الوقف الخيري تكون له الشخصية الاعتبارية، ويتبع رئيس الوزراء، وعضوية وزير الأوقاف (نائبا لرئيس مجلس الإدارة) و4 أعضاء من الشخصيات ذات الخبرة الاقتصادية يختارهم رئيس الوزراء، و3 يختارهم وزير الأوقاف أحدهم من داخل الوزارة، والثاني من هيئة الأوقاف، والثالث من الشخصيات العامة من ذوي الخبرة بهذا المجال.

ووفقا للقانون، فإن الصندوق يستهدف تشجيع نظام الوقف الخيري، لإقامة ورعاية المؤسسات العلمية والثقافية والصحية والاجتماعية، إلى جانب المساهمة في نشر الدعوة الإسلامية بالداخل والخارج، كما يستهدف مُعاونة الدولة في إقامة مشروعات خدمية وتنموية، وكذلك المساهمة في تطوير مشروعات البنية التحتية، وتطوير العشوائيات، فضلا عن المساهمة في الحد من ظاهرة أطفال الشوارع.

المصدر : الإعلام المصري + الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي