استلمت طلبات متكررة دون رقابة ورفضت أي اعتراض.. لجنة تعويضات غزو الكويت من وجهة نظر عراقية

لجنة التعويضات تأسست وفقا لقراري مجلس الأمن 687 و692 عام 1991 لمعالجة المطالبات ودفع التعويضات عن الخسائر والأضرار التي تكبدها الأفراد والشركات والحكومات والمنظمات الدولية نتيجة مباشرة لغزو العراق واحتلاله الكويت.

United Nations Holds Security Council Meeting On Upholding UN Charter
مجلس الأمن الدولي صادق على حل لجنة التعويضات يوم 22 فبراير/شباط 2022 (الفرنسية)

بعد أكثر من 30 عاما على بدء دفع العراق تعويضات غزوه الكويت، صادق مجلس الأمن الدولي يوم 22 فبراير/شباط 2022 على إنهاء عمل لجنة التعويضات التابعة له بعدما سددت بغداد كامل المستحقات البالغة 52.4 مليار دولار.

ووفقا لما أدلى به رئيس مجلس إدارة لجنة الأمم المتحدة الخاصة بالتعويضات السفير مايكل غافي، فإن مجموع المطالبات الكويتية للتعويض التي تقدمت بها بلغت 2.7 مليون طلب منذ بداية الغزو بمبالغ تبلغ 352 مليار دولار.

وأضاف غافي، في تصريح ورد في الموقع الرسمي للأمم المتحدة، أن اللجنة أدرجت منذ بداية عملها 1.5 مليون طلب بقيمة تعويض بلغت 52.4 مليار دولار، أي ما يمثل 15% من قيمة التعويضات التي طالبت بها الكويت بعد الغزو العراقي.

التميمي: القرار الأممي قضى بألا تتجاوز التعويضات التي يدفعها العراق نسبة 30% من مبيعات نفطه (الجزيرة)

متى تأسست؟

تأسست لجنة التعويضات بوصفها جهازا فرعيا لمجلس الأمن الدولي عام 1991 وفقا لقراري مجلس الأمن 687 و692 لمعالجة المطالبات، ودفع التعويضات عن الخسائر والأضرار التي تكبدها الأفراد والشركات والحكومات والمنظمات الدولية نتيجة مباشرة لغزو العراق واحتلاله للكويت للفترة الممتدة من الثاني من أغسطس/آب 1990 إلى الثاني من مارس/آذار 1991.

ويقول الخبير القانوني علي التميمي إن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 705 في أغسطس/آب 1991 وضع العراق تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وتضمن ألا تتجاوز التعويضات التي تدفعها بغداد إلى لجنة الأمم المتحدة للتعويضات الناشئة عن القرار 687 نسبة 30% من القيمة السنوية للصادرات العراقية من النفط والمنتجات النفطية.

وقد سمح القرار بتصدير النفط مقابل الحصول على مساعدات إنسانية، غير أن العراق -في حينها- رفض هذا القرار، ورفض القرار اللاحق 712 حيث تم حظر صادرات النفط من العراق بعد غزوه الكويت في الثاني من أغسطس/آب 1990، وفق التميمي.

ونص القرار 712 المقر في سبتمبر/أيلول 1991 على تفويض الأمين العام للأمم المتحدة بالسحب من حساب الضمان للجزء الأول من الثلث في لجنة الأمم المتحدة للتعويضات لتمويل شراء المواد الغذائية والأدوية والإمدادات الأخرى للاحتياجات المدنية.

الجنابي: العراق لم يكن طرفاً في تحديد قيمة التعويضات أو الاعتراض عليها
الجنابي: العراق لم يكن طرفا في تحديد قيمة التعويضات أو الاعتراض عليها (الجزيرة)

حصار العراق

يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة جيان بأربيل مهند الجنابي إنه في 20 مايو/أيار 1991 اتخذ مجلس الأمن قراره 692 عملاً بتقرير الأمين العام للأمم المتحدة، وتشكّلت لجنة الأمم المتحدة للتعويضات التي اتخذت من مكتب الأمم المتحدة في مدينة جنيف السويسرية مقرا لمجلس إدارتها.

ويتابع الجنابي في حديثه للجزيرة نت أن اللجنة اقترحت على مجلس الأمن الدولي أن تستقطع نسبة 30% من القيمة السنوية لصادرات العراق من النفط والمنتجات النفطية، وإيداعها في صندوق التعويضات، وأقر مجلس الأمن هذه النسبة في قراره 705 يوم 15 أغسطس/آب 1991.

وفيما يتعلق بتحديد قيمة التعويضات، يقول الجنابي "أنشأت الحكومة الكويتية الهيئة العامة لتقدير التعويضات في مايو/أيار 1991، وأوكلت لها مهمة حصرية في جمع البيانات الشاملة عن الخسائر والأضرار، إذ قسمت المتضررين إلى 6 فئات تتمثل في مطالبات الأفراد عن مغادرة العراق أو الكويت، ومطالبات الأفراد عن الوفاة أو الإصابات، ومطالبات الأفراد عن الخسائر المادية (أقل وأكثر من 100 ألف دولار)، ومطالبات المؤسسات والمنظمات والهيئات الأخرى، ومطالبات التعويض عن خسائر القطاع الحكومي والبيئة والموارد الطبيعية، وتقدمت هذه الهيئة بما مجموعه 3 ملايين طلب تعويض إلى لجنة الأمم المتحدة لتعويضات الكويت".

وعن الدور العراقي في تحديد قيمة التعويضات، أوضح الجنابي أن العراق لم يكن طرفا في تحديد قيمة التعويضات أو الاعتراض عليها، إذ حدد مجلس الأمن ولجنة الأمم المتحدة للتعويضات آليات احتساب التعويض، كما تحددت مراحل التعويض بالمرحلة الأولى الممتدة بين عامي 1991 و1995 والتي قيدت العراق بمبيعات النفط بما لا يتجاوز 1.6 مليار دولار سنويا، في حين شهدت المرحلة الثانية الممتدة بين عامي 1995 و2003 الاتفاق على برنامج النفط مقابل الغذاء، ورفع الحد المسموح به للعراق لبيع النفط بقيمة مليار دولار كل 3 أشهر، وصولاً إلى 5.2 مليارات دولار عام 1997، أما المرحلة الثالثة التي بدأت بالغزو الأميركي للعراق ورفع العقوبات عام 2003، امتدت حتى القرار الأممي الأخير.

عمل اللجنة بعد الغزو

جدير بالذكر أن العراق كان قد توقف عن تسديد التعويضات للكويت في عام 2014 ولمدة 3 سنوات بعد تقديمه طلبا بهذا الشأن إلى مجلس الأمن حينها بسبب تكاليف الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية، الذي سيطر على ثلث مساحة البلاد بين عامي 2014 و2017، ثم عاد لدفع التعويضات عام 2018 باستقطاع 0.5% من قيمة كل برميل نفط يتم تصديره.

ويتابع الجنابي أن نسبة الاستقطاع ارتفعت إلى 1.5% عام 2019، وفي عام 2020 أصبحت نسبة الاستقطاع 3%، شريطة أن ينتهي العراق من سداد التعويضات خلال 4 سنوات، وهو ما أوفى به حين سدد آخر دفعة من التعويضات نهاية العام الماضي، وقبل انتهاء المهلة لذلك مستفيدا من ارتفاع أسعار النفط.

السامرائي رأى أن محكمة العدل الدولية كانت الجهة المناسبة لبحث ملف التعويضات (الجزيرة)

مفارقات لجنة التعويضات

في غضون ذلك، يقول الخبير في القانون الدولي الدكتور محمد السامرائي إن تعويض العراق للكويت بهذا الحجم من الأموال يعد سابقة في القانون الدولي من حيث الآليات وحجم التعويضات المغالى فيها جدا، بحسب وصفه، ولم يسبق لمجلس الأمن أن اتخذ قرارا مشابها بحق أي دولة.

وأضاف السامرائي في حديثه للجزيرة نت أن عمل اللجنة فيه الكثير من المفارقات، إذ إن ميثاق الأمم المتحدة لم يشر في أي بند إلى أن يتولى مجلس الأمن الدولي أو أي لجنة منبثقة عنه تحديد قيمة التعويضات، لافتا إلى أنه كان من الأجدر أن يحال الملف منذ البداية إلى محكمة العدل الدولية على أن يكون لكل من العراق والكويت ممثلون في هذه القضية.

ليس هذا فحسب -بحسب السامرائي- فقد اعتمدت لجنة التعويضات الأممية فقط على بيانات الحكومة الكويتية ولم يكن للعراق أي دور أو ممثل في هذه اللجنة، ولم تسمح اللجنة لبغداد بالدفاع عن نفسها أو بتقديم الأدلة التي تدحض أو تفند ما تم تقديمه من أدله للمطالبة بالتعويض، وفق السامرائي.

وتابع "لجنة التعويضات لم تكن منصفة، إذ إنها كانت تستقبل الطلبات الكويتية طيلة سنوات، وعمدت لاستقبال الطلب ذاته بشكل متكرر وتعويضه أكثر من مرة دون أن يكون هناك أي رقابة أو تدقيق في هذه الملفات، فضلا عن استبعاد ممثلي العراق من عمل اللجنة ورفضهم لأي اعتراض عراقي".

الفصل السابع

ورغم أن وزارة الخارجية العراقية أكدت أنه بإنهاء ملف التعويضات الكويتية يكون العراق قد خرج فعليا من طائلة البند السابع، فإن للخبير القانوني علي التميمي رأيا آخر، إذ يقول في حديثه للجزيرة نت إن القرار 2621 لم يشر صراحة لخروج العراق من طائلة البند السابع ولا لمصير الأموال العراقية المودعة في البنوك الأميركية والتي تقدر بـ65 مليار دولار، فضلا عن أن العراق لا يزال خاضعا لـ25 قرارا تتعلق بالفصل السابع الذي يمنع العراق من تعامله مع أمواله بصورة مباشرة.

وأكد التميمي أن القرار الأخير كان مجتزءا ولا يعني بأي حال من الأحوال خروج العراق من هذا الفصل الذي أرّق العراقيين لأكثر من 30 عاما.

المصدر : الجزيرة