في أول قمة مع قائد خليجي.. بايدن يبحث ملفات إقليمية ودولية مع الشيخ تميم ويعلن قطر حليفا رئيسيا

أبلغ الرئيس الأميركي جو بايدن الكونغرس رسميا بتصنيف دولة قطر حليفا رئيسيا من خارج حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وذلك عقب مباحثات أجراها مع الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في أول لقاء قمة يعقده مع قائد خليجي في البيت الأبيض منذ توليه الرئاسة قبل عام.

وقال بايدن إن تصنيف قطر حليفا رئيسيا للولايات المتحدة هو "اعتراف بمصلحتنا الوطنية في تعميق التعاون الدفاعي والأمني معها".

وكان قد أكد في مستهل لقائه مع أمير قطر في البيت الأبيض أمس الاثنين أن الشراكة بين الطرفين محورية في العديد من المصالح الحيوية لكلا البلدين، وأشار إلى أن مباحثاته مع الشيخ تميم تشمل الأمن في الخليج والشرق الأوسط، واستقرار إمدادات الطاقة العالمية.

وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن تصنيف قطر حليفا رئيسيا من خارج الناتو سيفتح المجال أمام فرص متعددة من التعاون الدفاعي.

من جانبه، قال أمير قطر إن مباحثاته مع الرئيس الأميركي كانت مثمرة، وتناولت التطورات الإقليمية والدولية في سياق الشراكة الإستراتيجية التي تجمع البلدين.

وأضاف في تغريدة على تويتر أن هذه الشراكة "تزداد رسوخا يوما بعد يوم لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة".

وكان قد أشار في وقت سابق إلى أنه سيبحث مع الرئيس الأميركي عددا من قضايا المنطقة ومن بينها حقوق الشعب الفلسطيني، مجددا فخر بلاده بما تحقّقَ في عمليات الإجلاء في أفغانستان، ومشددا على مواصلة العمل من أجل إحلال السلام في المنطقة.

من جهته، وصف نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني العلاقات بين الدوحة وواشنطن بأنها عابرة للإدارات واختلاف الأحزاب.

وأشار الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى أن مباحثات أمير قطر مع الرئيس الأميركي ناقشت الاتفاق النووي الإيراني، وقال -في مقابلة مع الجزيرة- إن حديث الجانب القطري مع الإيرانيين والأميركيين ليس نقلا للرسائل، وإن الدوحة ترى أن العودة إلى الاتفاق النووي "عامل استقرار للمنطقة".

وأضاف أن الدوحة تستغل القنوات المفتوحة مع واشنطن وطهران "لتقريب وجهات النظر"، ويهمها التوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني. وأكد أيضا أن قطر تؤيد عرض مخاوف كل الأطراف لمناقشتها، وأشار إلى أن طهران تبدي حرصها على حسن الجوار.

وفيما يتعلق بالأحاديث المتداولة عن أزمة طاقة محتملة في أوروبا، قال وزير الخارجية القطري إن الدوحة مستعدة للتعاون مع منتجي الغاز ومستهلكيه، وأكد أن بلاده لن تكون طرفا في أي استقطاب سياسي في هذا المجال.

لقاء مع وزيري الدفاع والأمن الداخلي

وقبيل انعقاد القمة بين الشيخ تميم وبايدن، استقبل وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أمير دولة قطر في مقر وزارة الدفاع (البنتاغون) حيث جرت محادثات استمرت نحو ساعة.

U.S. Defense Secretary Lloyd Austin meets Qatari Emir Sheikh Tamim bin Hamad Al Thani at the Pentagon
مباحثات في البنتاغون بين أمير قطر ووزير الدفاع الأميركي (رويترز)

وقال الشيخ تميم بن حمد إنه أجرى اجتماعا مثمرا مع وزير الدفاع الأميركي.

وفي تغريدة على تويتر، أعلن الأمير أن نتائج اللقاء ستعزز التعاون الإستراتيجي والعسكري بين الدوحة وواشنطن، مؤكدا أن الجهود المشتركة بينهما موجهة كليا نحو السلام والاستقرار في المنطقة والعالم.

وبدوره، قال وزير الدفاع الأميركي إن بلاده ملتزمة بجعل الشراكة مع قطر أكثر قوة مما هي عليه الآن.

كما أعرب عن امتنانه لدعم الدوحة المتواصل في الأزمة الأفغانية، واستضافتها القوات الأميركية في قاعدة العديد.

وقد أورد الديوان الأميري في قطر أن أوستن أكد أن الثقة التي يحظى بها الأمير كقائد وشريك يمكن الاعتماد عليه ستعزز العلاقات الدفاعية، في ظل مواصلة البلدين جهودهما لضمان الأمن والاستقرار بالمنطقة وتحقيق الأهداف المشتركة وحل النزاعات وتقديم الدعم الإنساني للمدنيين وتخفيف حدة التوترات.

وذكر بيان الديوان الأميري أن الاجتماع "بحث أيضا علاقات التعاون الإستراتيجي بين البلدين في المجالات الدفاعية والعسكرية والأمنية، كما تمت مناقشة تطورات الأوضاع، إقليميا ودوليا، وخصوصا الجهود المشتركة للبلدين في إرساء السلام والاستقرار في المنطقة".

ونقل مراسل الجزيرة عن مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية قوله إن المباحثات جاءت لتؤكد متانة الشراكة بين البلدين.

وأضاف المسؤول الأميركي أن المباحثات شملت المصالح الأمنية المشتركة والوضع بأفغانستان وخفض التوترات في منطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى التعاون الدفاعي.

وأورد مراسل الجزيرة أن المباحثات بين الشيخ تميم وأوستن هي الثالثة خلال الأشهر القليلة الماضية بعد مشاورات هاتفية نهاية أغسطس/آب الماضي، وزيارة الوزير إلى الدوحة لشكر القيادة القطرية على دعم جهود الانسحاب من أفغانستان.

أمير دولة قطر (يمين) خلال استقباله وزير الأمن الوطني الأميركي (الجزيرة)

وكان أمير قطر استقبل في وقت سابق وزير الأمن الوطني الأميركي أليخاندرو مايوركاس، واستعرض الجانبان علاقات التعاون، وسبل تنميتها وتعزيزها في مختلف المجالات ولا سيما في المجال الأمني.

وقالت مراسلة الجزيرة وجد وقفي إنه تم أيضا توقيع اتفاق بين الخطوط الجوية القطرية وشركة "بوينغ" الأميركية، سيتم بموجبه بيع الخطوط القطرية 34 طائرة شحن، بالإضافة إلى مذكرة تفاهم لبيعها أيضا نحو 50 طائرة نقل مسافرين، على أن يتم تسليمها في غضون 5 سنوات.

إحاطة لمسؤول أميركي بشأن الزيارة

وقبيل انعقاد القمة الأميركية القطرية بين بايدن والشيخ تميم في البيت الأبيض، كانت هناك إحاطة لمسؤول أميركي رفيع بشأن الزيارة.

وقال المسؤول الأميركي، في إحاطة هاتفية، إن واشنطن عملت على برمجة هذه الزيارة منذ مدة، مشيرا إلى أن أمير دولة قطر هو أول قائد لدولة خليجية يزور واشنطن هذا العام.

ولفت إلى أن زيارة أمير قطر لواشنطن تأتي في الوقت المناسب، وتعد فرصة مهمة للتشاور في مجموعة من القضايا الإقليمية والعالمية.

وأعرب المسؤول الأميركي عن امتنان بلاده لدولة قطر على الدعم الهائل والمساعدة التي قدمتها في أفغانستان، وانخراطها في جهود إعادة توطين عشرات الآلاف منذ أغسطس/آب الماضي، إضافة إلى أنها كانت قبل ذلك شريكا في دعم عملية السلام.

وأوضح أن واشنطن تناقش مع مختلف شركائها، هذه الأيام، مسألة تزويد أوروبا بالطاقة حال غزو روسيا لأوكرانيا، وأنّ الرئيس بايدن سيطرح، في محادثاته مع أمير قطر، الجهود الدبلوماسية التي تبذلها الولايات المتحدة وشركاؤها الأوروبيون للتوصل إلى حل دبلوماسي للأزمة، والرد المحتمل عند الغزو الروسي لأوكرانيا.

ولفت المسؤول الأميركي إلى أن قطر وقفت إلى جانب الولايات المتحدة في مجال محاربة الإرهاب، وتصنيف المنظمات والشبكات في قائمة الإرهاب.

أقوى من أي وقت مضى

ويتفق الجانبان القطري والأميركي على وصف العلاقة بينهما بأنها أقوى من أي وقت مضى.

ويدلّلان على ذلك بجملة ملفات إستراتيجية ينخرطان فيها، في مقدمها التعاون في مجال الأمن الإقليمي والقضايا العالمية الطارئة، ولا سيما في أفغانستان حيث اضطلعت الدوحة بدور محوري في تسهيل الانسحاب الأميركي، ونقل الرعايا الأميركيين والأجانب والأفغان الراغبين بالخروج منها، فضلا عن دعم الاستقرار السياسي والعمل الإنساني، حيث تُوّج التعاون بتوقيع اتفاقية ترعى بموجبها قطر المصالح الأميركية بأفغانستان.

يضاف إلى ذلك التعاون في ملفات إقليمية أخرى، من بينها القضية الفلسطينية، والبرنامج النووي الإيراني، والحرب في اليمن وسوريا والقرن الأفريقي، ومسألة دعم النازحين والمهجرين. كما يلتقي البلدان في شراكة دفاعية وعسكرية واسعة.

وبرأي واشنطن، فإن قطر تعد شريكًا مهمًّا في تعزيز الاستقرار الإقليمي، ليس فقط باستضافة القوات الأميركية في قاعدة العديد التي توفر الأمن في جميع أنحاء المنطقة، بل أيضًا بتقديم المساعدات الاقتصادية والإنسانية في الأوقات الصعبة.

وعلى الصعيد الاقتصادي، تجمع الجانبين شراكة اقتصادية تتجاوز قيمتها مئات المليارات من الدولارات في مجالات التجارة والاستثمار.

بالإضافة إلى التعاون الوثيق في مجال الصحة، لا سيما ميدان مكافحة الأمراض، حيث برز في الإسهامات القطرية في دعم جهود مكافحة جائحة كورونا بالولايات المتحدة وعلى الصعيد العالمي.

علاوة على تعاون وثيق لضمان بطولة آمنة وناجحة لكأس العالم المقبلة "مونديال قطر 2022" والتشاور لاحقا قبل تنظيم البطولة في أميركا الشمالية سنة 2026، فضلا عن التنسيق في مجال مكافحة الإرهاب، والأمن الإلكتروني، ودعم الجهد الدولي في ذلك.

من ناحية أخرى، قال السيناتور الأميركي كريس مورفي للجزيرة إنه يأمل "أن نتمكن بمساعدة قطر من إعادة كل الأطراف إلى الاتفاق النووي".

وأضاف مورفي أنهم ممتنون للغاية لدور الدوحة في محاولة دفع الإيرانيين إلى طاولة المفاوضات.

كما عبّر عن أمله في عقد حوار أمني إقليمي، مؤكدا أن قطر مهيأة لأن تكون لاعبا رئيسيا في ذلك.

المصدر : الجزيرة