مظاهرات في الخرطوم تطالب بمحاكمة "قتلة المتظاهرين" وواشنطن والخرطوم تتفقان على تشكيل حكومة كفاءات بالسودان

Anti-military protests continue in Sudan
استمرار الاحتجاجات المناهضة لسيطرة الجيش على الحكومة بالسودان (الأناضول)

شارك آلاف السودانيين في مظاهرات جديدة تحت اسم "الوفاء للشهيد" للمطالبة بحكم مدني ديمقراطي كامل في البلاد، في وقت اتفق مجلس السيادة الانتقالي مع وفد أميركي على تشكيل حكومة كفاءات وإجراء انتخابات بالسودان.

وتجمع المتظاهرون في أحياء بري والمنشية والرياض والطائف والجريف وسوبا والمجاهدين والمعمورة، قبيل التوجه إلى النقطة الرئيسية للمظاهرة في شارع الستين أكبر شوارع العاصمة.

ورددوا شعارات تندد ببقاء المكون العسكري في السلطة، وتدعو لمحاسبة "المتورطين" في قتل وإصابة المحتجين خلال المظاهرات الرافضة للإجراءات التي اتخذها قائد الجيش رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

كما رفع المتظاهرون لافتات كتب عليها "دولة مدنية كاملة، الشعب أقوى والردة مستحيلة، حرية.. سلام.. عدالة، نعم للحكم المدني الديمقراطي" بحسب شهود عيان.

وفي وقت سابق، نشرت قوى "إعلان الحرية والتغيير" (الائتلاف الحاكم سابقا) -عبر حسابها على فيسبوك- صورا قالت إنها لوقفات احتجاجية نفذها عاملون بشركتي "بترو إنرجي، بابكو" ومصفاة "الجيلي" شمالي الخرطوم رفضا للانتهاكات ضد المتظاهرين السلميين، ودعما للتحول المدني الديمقراطي.

كما نفذت مجموعة من القضاة وقفة احتجاجية، أمام مقر رئاسة الجهاز القضائي بالخرطوم، رفضا للانتهاكات بحق المتظاهرين السلميين، وللمطالبة بالحكم المدني الكامل، وفق مراسل الأناضول.

وكانت قوى سياسية وناشطون دعوا إلى التظاهر اليوم، في جولة احتجاجات جديدة تحت شعار "الوفاء للشهداء" غداة مقتل متظاهر بأم درمان أمس، بالتزامن مع وصول مبعوثَين أميركيين وإجرائهما محادثات بالخرطوم.

وقالت "تنسيقيات لجان مقاومة الخرطوم شرق" (تجمع ناشطين بالاحتجاجات) -في بيان- إن استمرار العمل الثوري السلمي الجماهيري يشكل ضامنا حقيقيا لإسقاط الانقلاب وحلفائه.

وهذه أول دعوة للمظاهرات عقب أخرى وقعت الاثنين الماضي وأسفرت عن سقوط 7 قتلى و167 إصابة بينها 52 بالرصاص الحي، وفق لجنة أطباء السودان (غير حكومية) مما دفع الجنرال البرهان أول أمس لإصدار قرار بتشكيل لجنة تقصي حقائق في تلك الأحداث.

وأثارت الوفيات احتجاجات وعصيانا مدنيا وإقامة حواجز جديدة على الطرق هذا الأسبوع.

غضب القضاة

وفي سياق متصل، ندد عشرات من القضاة ووكلاء النيابة بمقتل أكثر من 70 متظاهرا منذ سيطرة الجيش على الحكم في أكتوبر/تشرين الأول، ودعوا لفتح تحقيقات في الأمر.

وقال بيان موقع من 55 قاضيا موجه إلى رئيس السلطة القضائية "السلطات العسكرية مارست أبشع أنواع الانتهاكات ضد المتظاهرين العزل وفي مقدمتها القتل خارج القانون".

وحث القضاة على إنهاء العنف، وفتح تحقيق جنائي يضمن عدم إفلات قتلة المتظاهرين من العقاب.

ومن غير المعتاد أن يصدر القضاة ووكلاء النيابة بيانات علنية بشأن ممارسات قوات الأمن.

وعلى نحو منفصل، أعلن أكثر من 100 من وكلاء النيابة أنهم سيتوقفون عن العمل اعتبارا من اليوم دعما لدعوتهم لقوات الأمن بوقف العنف ورفع حالة الطوارئ. وأكدوا معارضتهم لإجراء طوارئ اتخذ حديثا يعطي حصانة وسلطات أوسع لقوات الأمن.

وأشار وكلاء النيابة هؤلاء إلى أنهم لا يتمكنون من القيام بواجبهم بمرافقة الشرطة في الاحتجاجات لتحديد مستوى القوة المقبول.

ودعت مجموعة أخرى تضم 48 من وكلاء النيابة للتحقيق في انتهاكات مزعومة لحقوق المتظاهرين، ولكي تتاح لهم مراقبة الاحتجاجات.

اتفاق جديد

سياسيا، أفاد بيان صادر عن مجلس السيادة الانتقالي اليوم أنه اتفق مع وفد أميركي على إجراء تعديلات على الوثيقة الدستورية لتواكب التطورات الحالية في البلاد.

وأضاف البيان أن الاجتماع أسفر أيضا عن الاتفاق على تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة يقودها رئيس وزراء مدني لاستكمال مهام الفترة الانتقالية، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة بنهاية الفترة الانتقالية، بالإضافة إلى دخول الأطراف السودانية في حوار وطني شامل لإنهاء الأزمة.

وكان قائد الجيش التقى اليوم بوفد أميركي برئاسة "مولي في" مساعدة وزير الخارجية للشؤون الأفريقية وعضوية المبعوث الأميركي الجديد للقرن الأفريقي ديفيد ساترفيلد والقائم بأعمال السفارة بالخرطوم براين شوكان.

وقال وكالة الأنباء السودانية إن عضو مجلس السيادة الهادي إدريس طالب الوفد الأميركي بدعم عملية السلام من أجل تحقيق الديمقراطية والاستقرار في البلاد.

من جهتها، قالت السفارة الأميركية، في بيان صحفي، إن وفد البلاد عبر عن قلقه العميق بشأن تعطيل الانتقال الديمقراطي بالسودان.

وأضاف البيان أن الوفد أدان بشدة استخدام القوة غير المتناسبة ضد المتظاهرين، وطالب بإجراء تحقيق شفاف في الوفيات والإصابات التي حدثت في المظاهرات.

وأكد أن الولايات المتحدة لن تستأنف المساعدة المتوقفة للحكومة السودانية دون توقف العنف، واستعادة الحكومة التي يقودها مدنيون.

وكان القيادي بقوى "الحرية والتغيير" خالد عمر يوسف قد قال إنه اجتمع مع الوفد الأميركي بالسفارة بالخرطوم لمناقشة تطورات الوضع في البلاد.

وأضاف هذا القيادي -في منشور على فيسبوك- أنه شرح ما وصفها بجرائم سلطة الانقلاب ضد الحراك الشعبي السلمي.

وشدد على أن المخرج الوحيد للأزمة يتمثل في إنهاء الوضع الانقلابي وتأسيس إطار دستوري يقوم على سلطة مدنية كاملة، وإجراءات شاملة للعدالة تنصف الضحايا بصورة لا لبس فيها، وفق تعبيره.

بدورها، قالت عضو المفوضية الأوروبية ستيلا كرياكدس إن الاتحاد الأوروبي يطالب السلطات العسكرية في السودان بوقف استهداف المحتجين واستخدام العنف ضدهم.

ودعت كرياكدس -خلال جلسة لمناقشة مشروع قرار البرلمان الأوروبي بشأن الأزمة السودانية- السلطات العسكرية إلى القيام بما يمكن لخفض التوترات ووضع حد للخسائر في الأرواح.

ويفور السودان، منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، باحتجاجات رافضة لإجراءات استثنائية فرضها قائد الجيش، أبرزها إعلان حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين.

ويتهم الرافضون لهذه الإجراءات البرهان بالانقلاب على مرحلة انتقالية بدأت في 21 أغسطس/آب 2019، وكان يُفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024 ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة عام 2020 اتفاقا للسلام.

وفي أكثر من مناسبة، نفى البرهان قيام الجيش بـ "انقلاب عسكري" واعتبر أن ما حدث "تصحيح لمسار المرحلة الانتقالية" متعهدا بتسليم السلطة لحكومة انتقالية.

المصدر : الجزيرة + وكالات