السودان.. مظاهرات اليوم باتجاه القصر الرئاسي والقوى السياسية تبحث المبادرة الأممية

Rally from Khartoum North to Omdurman against military rule following last month's coup, in Khartoum
احتجاج سابق شمال الخرطوم رفضا لقرارات الجيش وللمطالبة بعودة حكم المدنيين (رويترز)

قالت لجان المقاومة بالسودان إن المظاهرات المرتقبة بالعاصمة الخرطوم اليوم ستتوجه نحو القصر الرئاسي لمناهضة "الانقلاب" الذي نفذه الجيش في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في حين تستمر أطراف الأزمة في البلاد في بحث مقترح الأمم المتحدة بإطلاق مشاورات سياسية لكسر الجمود بين العسكر والقوى المدنية.

وذكرت لجان المقاومة -تتكون من ناشطين وتنظم المظاهرات- في بيان، أن ثمة 10 أماكن لتجمع المتظاهرين وسط الخرطوم قبل التوجه إلى القصر الرئاسي في الساعة الواحدة ظهرا بالتوقيت المحلي (11 بتوقيت غرينتش).

ودعت اللجان المتظاهرين إلى تتريس الشوارع (إغلاقها بالحجارة) للحماية من قوات الأمن.

وفي سياق متصل، دعت السفارة الأميركية في الخرطوم رعاياها إلى توخي الحذر بمناسبة المظاهرات المرتقبة اليوم في الخرطوم وعدة ولايات في البلاد.

ومنذ 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشهد السودان احتجاجات، ردا على إجراءات استثنائية اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، أبرزها فرض حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، وهو ما تعتبره قوى سياسية انقلابا عسكريا، في مقابل نفي الجيش.

مظاهرات الأحد

ويوم أمس الأحد، نظمت مجموعات من الكوادر الطبية وقفة احتجاجية أمام مقر النيابة العامة في الخرطوم للمطالبة بحكم مدني، وإبعاد العسكر عن السلطة.

وندد المحتجون بحوادث الاعتداء على المشافي والكوادر الطيبة خلال المظاهرات الشعبية، وناشدوا المنظمات الدولية الضغط على السلطات للحد من استخدام العنف خلال المظاهرات السلمية.

وكانت منظمة الصحة العالمية قالت إن هجمات وقعت على مرافق الرعاية الصحية والعاملين فيها منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي في الخرطوم ومدن أخرى، وقد تأكدت المنظمة من وقوع 11 هجوما.

كما نفذت أسر وأصدقاء المعتقلين السياسيين وقفة احتجاجية أمس الأحد أمام النيابة العامة بالخرطوم، وطالبوا بإطلاق سراح المعتقلين أو تقديمهم للمحاكمة.

وفي شمالي البلاد، تظاهر مواطنون أمس الأحد احتجاجا على غلاء المعيشة، وذلك عقب إعلان وزارة المالية الأسبوع الماضي أنها ستضاعف سعر الكهرباء، لكنها واجهت سخطا واسعا دفعها لتجميد القرار. لكن التجميد لم يقنع الجميع، فقد أغلق مئات المتظاهرين طرقا شمالي البلاد تربطها بمصر للمطالبة بإلغاء الزيادة نهائيا.

الجهود الدبلوماسية

وتستمر الاحتجاجات بالتوازي مع الجهود الدبلوماسية الأممية والإقليمية لكسر الجمود بين العسكريين والقوى المدنية عقب إجراءات الجيش التي وصفت بالانقلاب.

فقد عبرت قوى "الحرية والتغيير-مجموعة المجلس المركزي" أمس عن قبولها المقترحَ الأممي. وقد التقى وفدها ببعثة الأمم المتحدة في السودان، حيث سلم المجلس المركزي رؤيته بشأن المقترح الأممي للحوار بين الفرقاء.

وخلال مؤتمر صحفي عقب لقاء الممثل الأممي، أعلن وجدي صالح القيادي في الحرية والتغيير-المجلس المركزي، قرار القوى التعاطي إيجابا مع المقترح الأممي، على أساس إنهاء ما وصفها بالحالة الانقلابية التي يعيشها السودان، وصياغة دستور جديد.

وشدد على رفض القوى القاطع لأي مفاوضات مع العسكريين. كما دعا المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير إلى توسيع المقترح الأممي ليشمل الترويكا والاتحاد الأوروبي، وأن يتم تحديد المشاورات وفق سقف زمني محدد.

وأوضح القيادي بهذه القوى -في لقاء مع الجزيرة- أن الحراك الشعبي سيتواصل في الشارع، داعيا المؤسسة العسكرية إلى إجراءات لبناء الثقة كإطلاق سراح المعتقلين ووقف عمليات القمع.

من جهتها، قالت بعثة الأمم المتحدة "يونيتامس" (UNITAMS) -في إحاطة إعلامية لها بشأن مقترحها- إن الجهود السودانية الداخلية لم تنجح حتى الآن في مواجهة الأزمة.

التقى مبعوث الاتحاد الأفريقي أمس الأحد في الخرطوم بعضوي مجلس السيادة في السودان مالك عقار والطاهر حجر، وأكد المبعوث أهمية استمرار الحوار بين مختلف الأطراف للتوصل إلى أرضية مشتركة تجعل من حل الأزمة أمرا ممكنا.

لقاءات منفردة

وأضافت "يونيتامس" أنها ستعقد لقاءات بشكل منفرد مع جميع القوى السياسية والأحزاب والفاعلين من المدنيين والعسكريين. كما ستدعو الحركات التي لم تستكمل بعد عملية السلام للمشاركة، وذلك لجعل المشاورات شاملة قدر الإمكان.

وفي الاتجاه نفسه، التقى مبعوث الاتحاد الأفريقي أديوي بانكولي أمس الأحد في الخرطوم بعضوي مجلس السيادة في السودان مالك عقار والطاهر حجر، وأكد المبعوث الأفريقي أهمية استمرار الحوار بين مختلف الأطراف للتوصل إلى أرضية مشتركة تجعل من حل الأزمة أمرا ممكنا.

وكان رئيس مجلس السيادة تسلم أول أمس السبت رسالة خطية من رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، تتعلق برؤية الاتحاد حول التطورات السياسية بالسودان وسبل الخروج من الأزمة التي تشهدها البلاد.

وجاء التحرك الأفريقي بعدما أطلقت الأمم المتحدة الاثنين الماضي مشاورات أولية منفردة مع كافة الأطراف السودانية بهدف حل الأزمة السياسية في البلاد.

أميركا وبريطانيا

وفي سياق الدعم الدولي للمقترح الأممي، أعلنت الخارجية الأميركية أن وفدا بقيادة مساعِدة وزير الخارجية ومبعوثها للقرن الأفريقي سيبدأ جولة في الفترة من 17 إلى 20 من يناير/كانون الثاني الجاري، تضم كلا من السعودية والسودان وإثيوبيا.

وسيحضُر الوفدُ الأميركي اجتماع "أصدقاء السودان" في الرياض، قبل التوجه إلى الخرطوم حيث سيلتقي قادة عسكريين وناشطين وشخصيات سياسية.

وقال السفير البريطاني في الخرطوم جايلز ليفر أمس الأحد خلال اجتماع مع عضو مجلس السيادة الطاهر حجر إن بلاده تدعم مبادرة بعثة الأمم المتحدة لإجراء مشاورات بين أطراف الأزمة السياسية، ووصف الدبلوماسي البريطاني المبادرة الأممية بخطوة في الاتجاه الصحيح لمعالجة الوضع السياسي في السودان.

تجدر الإشارة إلى أن رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ورئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك وقعا في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، اتفاقا سياسيا تضمن عودة الأخير إلى منصبه بعد عزله، وتشكيل حكومة كفاءات، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين.

لكن في الثاني من يناير/كانون الثاني الجاري، استقال حمدوك من منصبه، في ظل احتجاجات رافضة لاتفاقه مع البرهان ومطالبة بحكم مدني كامل، لا سيما مع سقوط 64 قتيلا خلال المظاهرات منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفق لجنة أطباء السودان.

المصدر : الجزيرة + وكالات