معاوية الصياصنة.. الطفل الذي أشعل الثورة السورية نازح قسري في حلب

الصياصنة أثناء مشاركته في المظاهرات السلمية ضد النظام السوري في درعا (الجزيرة)

أصبح معاوية الصياصنة -وهو أحد الوجوه البارزة التي أشعلت الثورة السورية في درعا ربيع 2011- نازحا قسريا في ريف حلب شمالي سوريا، بعد أن فرضت قوات النظام السوري التي تحاصر درعا البلد رحيل رافضي التسوية إلى خارج المدينة.

ومنذ 14 يوما يعيش الشاب الصياصنة في أحد مساجد مدينة الباب بريف حلب شمالي سوريا، رفقة العشرات من المقاتلين من المعارضة السورية القادمين من جنوبي سوريا، وسط ظروف قاسية وتشديد أمني وتقييد للحركة.

ويصف الصياصنة خروجه من درعا بأنه مرحلة جديدة من النضال ضد النظام السوري الذي اعتقله عندما كان طفلا جراء كتابته عبارات مناهضة للنظام على جدران مدرسته تنذر بمصير مظلم لرئيس النظام بشار الأسد.

وبصوت يملؤه الإصرار والعزم، يقول الصياصنة من مكان اغترابه القسري في ريف حلب إنه خرج من المدينة مع رفاقه حقنا لدماء الأهالي في درعا البلد، واستجابة لوعود بفك الحصار وانسحاب قوات النظام السوري وعودة الحياة إلى طبيعتها في منطقة حوران.

وتنتاب الشاب العشريني السوري مشاعر من الحزن على فراق مدينته، التي يؤكد للجزيرة نت أنه لم يخرج منها إلا مرغما، بعد أن اعتبر النظام السوري وجوده ورفاقه عثرة في تنفيذ الاتفاق الذي يجري تنفيذه قدما في درعا البلد.

أجبر معاوية الصياصنة على الرحيل من درعا إلى حلب لإتمام الاتفاق بين الأهالي والنظام في درعا البلد
أجبر معاوية الصياصنة على الرحيل من درعا إلى حلب لإتمام الاتفاق بين الأهالي والنظام في درعا البلد (الجزيرة)

ذكريات الثورة

يعود الصياصنة بذاكرته إلى 10 سنوات خلت من تاريخ سوريا عندما أصبح اسمه مرتبطا بالثورة السورية وانطلاقتها من درعا في ربيع 2011 بعد خط عبارته الشهيرة على جدران مدرسته "إجاك الدور يا دكتور"، في إشارة إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد واقتراب الثورة ضد حكمه، تزامنا من ثورات الربيع العربي.

على وقع المظاهرات الشعبية والحراك في تونس ومصر التي تابعها الصياصنة عبر شاشة التلفاز، قرر هو ورفاقه كتابة تلك العبارة على الجدران في مدرستهم، ولم يكن الأمر مؤامرة كونية تستهدف الحكم أو جهات أجنبية خارجية هدفها ضرب استقرار أمن البلد، حسب رؤية النظام السوري للحدث.

لم يصدق النظام السوري الذي امتاز بقبضته الأمنية التي يحكم بها البلاد، أن يكتب أحد ما مثل هذه العبارة، الأمر الذي أصابه بالجنون ودفعه للانتقام واعتقال الصياصنة ورفاقه واقتيادهم إلى الأفرع الأمنية سيئة الصيت.

الصياصنة يعتقد أن الثورة السورية قدر لها أن تنطلق من درعا مع أحداث الربيع العربي
الصياصنة يعتقد أن الثورة السورية قدر لها أن تنطلق من درعا مع أحداث الربيع العربي (الجزيرة)

تعذيب ووحشية

ويذكر الصياصنة للجزيرة نت كيف اعتقل مع رفاقه في فبراير/شباط 2011 وتعرض للتعذيب الوحشي لمدة شهر ونصف الشهر من خلال الصعق بالكهرباء والضرب بالموصل (كابل) الكهربائي، فضلا عن استخدام طريقة "الشبح" للتعذيب، وهو نمط يقوم على تعليق المعتقل وربطه من يده حتى تخور قواه.

ويقول الصياصنة إن الأهالي توجهوا للسؤال عن مصير أولادهم المعتقلين في فرع الأمن السياسي الذي كان يرأسه حينها عاطف نجيب قريب بشار الأسد، وكان الرد قاسيا بأن يرحلوا وينسوا أطفالهم وينجبوا غيرهم، وإن عجزوا فإن الأمن سوف يتولى المهمة، الأمر الذي دفع بخروج أولى المظاهرات الشعبية في درعا.

وبعدها تسارعت الأحداث في سوريا، وسرعان ما خرج المئات ثم الآلاف من أهالي درعا ضد تصرفات الأمن وإهانته للأهالي، قبل أن يقابل النظام السوري المتظاهرين بالرصاص الحي ويسقط العشرات من الضحايا، لتعم حينها المظاهرات في حمص ثم دمشق وحلب وحماة وغيرها من المدن.

فخر واعتزاز

وبعد عقد على الثورة السورية وتحوّل مسارها من الحراك الشعبي إلى القتال المسلح، يؤكد الشاب الصياصنة أنه لا يشعر بالندم على كتابة تلك العبارات، ولو سنحت له الفرصة لأعاد الكرة مجددا، مشيرا إلى أنه يشعر بالفخر والاعتزاز لاعتباره "مفجر الثورة".

ولا تساور الشاب السوري أي شكوك في أن الثورة السورية مستمرة حتى تحقق أهدافها، ويحلم حينها أن يكمل تعليمه الذي توقف بسبب ما حدث معه في درعا، وإن لم يتمكن جيله من إنجازها، كما يقول، فالأجيال القادمة ستكمل الطريق.

المصدر : الجزيرة