مسؤول أميركي سابق: لماذا تريد طالبان أن يظل هاتفك مفتوحا؟

Daily life views from Herat city after Taliban takeover of Afghanistan
الكاتب: طالبان أفغان يتحدثون إلى أفغان (الأناضول)

يقول مسؤول أميركي سابق إن حركة طالبان بدأت تعمل مثل الإستراتيجيين العسكريين الأذكياء في التكيّف مع تضاريس جديدة، وسعت عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى إبراز صورة من القوة والاعتدال.

يوضح ريتشارد ستينغل الذي عمل وكيلا لوزارة الخارجية للدبلوماسية والشؤون العامة في عهد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، في مقال بصحيفة "نيويورك تايمز" (New York Times)، أن طالبان تحاول طمأنة المجتمع الدولي بأنها اليوم أكثر استنارة من طالبان التي قامت ذات مرة بعمليات بتر وإعدام علنية مروعة في ملعب لكرة القدم بكابل، وكانت تحظر استخدام الإنترنت فضلا عن التلفزيون والموسيقى.

ويمضي المسؤول الأميركي -الذي أطلق جهود وزارة الخارجية الأميركية وأدارها لمواجهة ما سمي بالتضليل الروسي ومحاربة دعاية تنظيم الدولة في عهد أوباما- بالقول إن طالبان عبّرت أيضا عن احترامها للنساء والفتيات، في إطار الشريعة الإسلامية.

رسائل سعيدة

وقال إن المتحدثين باسم طالبان نشروا على تويتر وعودا بأنهم سيوفرون الحماية للتكنوقراط وموظفي الخدمة المدنية؛ مثل "العودة إلى العمل.. أفغانستان بحاجة إليك"، كما قاموا بتغريد صور ومقاطع فيديو سعيدة للفتيات في المدرسة، ولنساء في طريقهن إلى العمل. وتُظهر إحدى التغريدات من متحدث باسم طالبان امرأة في منتصف العمر ترتدي البرقع في كابل؛ تقول "هذا النظام أفضل بكثير من ذي قبل".

وتساءل الكاتب: "هل تغيروا؟"، مجيبا بأنهم "غيروا رسائلهم، ومن السابق لوقته معرفة ما إذا كان هذا مجرد تسويق أفضل".

تغيّر البيئة الإعلامية

وأضاف أن البيئة الإعلامية في أفغانستان قد تغيّرت منذ الأيام التي كانت فيها البلاد تمتلك محطة إذاعية واحدة، فالآن لديها أكثر من 100 محطة إذاعية وعشرات المحطات التلفزيونية، و70% من الناس لديهم إمكانية الوصول إلى الهاتف المحمول، ونحو ثلث السكان (مجموعهم 38 مليون نسمة) يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي، وتدرك طالبان أن حرب المعلومات هي حرب حديثة؛ إنهم لا يحاولون بناء منصة جديدة بل يحاولون الاندماج والسيطرة على المشهد الحالي.

وأشار إلى رسائل من مسؤول بطالبان يعد فيها "ببيئة آمنة" لجميع الدبلوماسيين والسفارات والمنظمات، على الصعيدين المحلي والدولي.

هذا ما فعلوه

وقال ستينغل إن طالبان اليوم تدرك القول المألوف إن كل حرب تبشر بالربح أو الخسارة قبل خوضها، وإن النصر النهائي هو كسر مقاومة العدو من دون قتال، وهذا ما فعلوه.

وأفاد بأنه ليس هناك كثير يمكن للولايات المتحدة فعله حيال "ادّعاءات" طالبان، فهم أفغان يتحدثون إلى أفغان؛ لقد شنوا نوعا من الحرب الحديثة بإستراتيجية إعلامية سريعة النيران مصممة لتخويف العدو، إذ سار مقاتلوهم عبر البلاد داعين الجنود الحكوميين إلى الاستسلام أو الموت، وامتثل هؤلاء الجنود بعشرات الآلاف، ومعظمهم لم يطلق رصاصة واحدة.

ليست كتنظيم الدولة

وعقد ستينغل مقارنة بين ما سماه دعاية طالبان ودعاية تنظيم الدولة قائلا إنه في حين أن "داعش" عدّت نفسها منظمة عالمية، فإن طالبان شديدة المحلية تهتم بإقليم هلمند أكثر من اهتمامها بالجهاد الدولي. وفي نظر "داعش، كانت وسائل التواصل الاجتماعي أداة للتجنيد، أما لدى حركة طالبان فإنها تدور في المقام الأول حول كسب جمهورها المحلي، وعدم إبعاد جمهورها الدولي.

وقال إن طالبان لا تريد من شركات التواصل الاجتماعي حظرها بالكامل. فبعد كل شيء، سيكوّنون الحكومة الرسمية لأفغانستان قريبا، ولا يريدون إثارة قلق المانحين الدوليين؛ إذ إن أكثر من 70% من ميزانية دولة أفغانستان تأتي من الحكومات في الغرب.

واختتم الكاتب بأن ما تفعله طالبان الآن شيء مألوف في التاريخ؛ إنهم يحاولون تنفيذ انتقال صعب من قوة متمردة إلى ائتلاف حاكم.

المصدر : نيويورك تايمز