وسط تكدس حشود وسقوط قتلى.. طالبان تعزز قواتها لتأمين مطار كابل وواشنطن تعلن إجلاء عشرات الآلاف

جنود أميركيون يقفون أمام مواطنين أفغان يريدون دخول مطار كابل للسفر خارج البلاد (رويترز)

عززت حركة طالبان قواتها في محيط مطار كابل لتأمينه، وحمّلت القوات الأميركية مسؤولية الفوضى التي وقعت داخله على مدى أيام وأسفرت عن عدة قتلى، في حين تواصل الولايات المتحدة ودول أخرى إجلاء الآلاف من رعاياها ومن المدنيين الأفغان، وسط تكدس حشود الراغبين في السفر حول المطار، وسقوط ضحايا جدد جراء التدافع.

فقد نقل مراسل الجزيرة عن مصدر في طالبان قوله إن الحركة كلفت اليوم الأحد كتيبة من قواتها الخاصة بتأمين مطار حامد كرزاي الدولي ومحيطه في كابل.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن القيادي في طالبان أمير خان متقي قوله اليوم الأحد إن "أميركا بكل قوتها ومنشآتها فشلت في إحلال النظام في المطار. يسود سلام وهدوء في كل أنحاء البلاد، لكن هناك فوضى فقط في مطار كابل".

أما وكالة رويترز فنقلت عن مسؤول في طالبان قوله إن الحركة تسعى للحصول على خطة واضحة بشأن خروج القوات الأجنبية من البلاد، وأضاف المسؤول أن التعامل مع حالة الفوضى خارج مطار كابل مهمة معقدة.

ويشهد مطار كابل هدوءا حذرا، وسط محاولات من قبل القوات الأجنبية المنتشرة داخل المطار وقوات طالبان المنتشرة في محيطه لإبعاد حشود من الأفغان الراغبين في السفر، تتكدس أمام بوابات المطار التي تم غلق عدد منها.

في الأثناء، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اليوم الأحد إن بلاده أجلت من أفغانستان حتى الآن 30 ألفا من الأميركيين والأفغان.

وأضاف بلينكن -في تصريحات لشبكة "فوكس نيوز" (Fox News)- أن الوضع في كابل متقلب للغاية، مشيرا إلى حشود كبيرة للناس بالقرب من المطار.

وبالتزامن، قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن -في تصريحات لشبكة "إيه بي سي" (ABC)- إن بلاده ستحافظ على أمن مطار كابل وستنظر في كل وسيلة لإيصال الأميركيين إليه لنقلهم خارج أفغانستان.

ويأتي ذلك وسط تصاعد المخاوف الأميركية من تهديدات محتملة للأميركيين في العاصمة الأفغانية ومطارها، خاصة من قبل تنظيم الدولة الإسلامية.

وضع متوتر

ونقلت وكالة رويترز عن شهود عيان أن عناصر حركة طالبان أطلقوا اليوم الأحد النار في الهواء، واستعملوا الهراوات لضمان أن يقف المتجمعون أمام البوابة الرئيسية للمطار بانتظام في صفوف، وأن يتجنبوا التجمعات في المحيط.

وأفاد شهود عيان بأنه لم تحدث إصابات بالغة نتيجة ذلك، في حين تشكلت صفوف طويلة من المتجمعين أمام المطار.

من جهته، قال قائد القوات الألمانية في كابل اليوم الأحد إن الحشود التي تريد مغادرة العاصمة الأفغانية ابتعدت عن البوابات الشمالية والشرقية للمطار، بعد أن بدا واضحا أنها مغلقة.

وذكرت قناة "سكاي نيوز" (Sky News) -نقلا عن وزارة الدفاع البريطانية- أن 7 أشخاص قُتلوا أمس السبت قرب مطار كابل، وسط حالة من الفوضى مع تجمع الآلاف لمحاولة الفرار من أفغانستان بعد سيطرة حركة طالبان على البلاد.

وأفادت سكاي نيوز بأن وزارة الدفاع قالت -في بيان اليوم الأحد- إن "الأوضاع على الأرض لا تزال في غاية الصعوبة، لكننا نبذل قصارى جهدنا لإدارة الوضع بأكبر قدر من السلامة والأمن".

وبثت القناة صورا أظهرت جثث 3 أشخاص نتيجة التدافع في المطار، وقال مراسلها إن الأشخاص الذين كانوا في مقدمة الحشد تعرضوا "للدعس"، مشيرا إلى أن المسعفين ينتقلون من مصاب إلى آخر.

وخلال محاولات صدّ القوات الدولية الحشود الراغبة في دخول المطار مع إطلاق النار بصورة متقطعة؛ أصيب عدد من الراغبين في دخول المطار بالإغماء نتيجة التدافع، ولا يزال آلاف الأفغان مرابطين في محيط المطار يتحينون فرصة الدخول على أمل مغادرة البلاد.

جندي أميركي يمسك رضيعا أفغانيا عبر أحد جدران مطار كابل (رويترز)

تحذيرات أميركية

وكانت الولايات المتحدة حثت أمس السبت مواطنيها في أفغانستان على تجنب التوجه إلى مطار كابل في الوقت الحالي، مشيرة إلى وجود "تهديدات أمنية محتملة".

وجاء في التحذير -الذي نشر على موقع وزارة الخارجية الأميركية- أنه "بسبب التهديدات الأمنية المحتملة خارج بوابات مطار كابل ننصح المواطنين الأميركيين بتجنب الذهاب إلى المطار، وتجنب بوابات المطار في هذا الوقت ما لم يتلقوا تعليمات فردية من ممثلي الحكومة الأميركية للقيام بذلك".

ونقلت شبكة "إن بي سي" (NBC) الأميركية عن مسؤولين في وزارة الدفاع (بنتاغون) تخوفهم من تهديدات محتملة للأميركيين في كابل والمطار، وأشار هؤلاء المسؤولون إلى أن البنتاغون يدرس تجميع الأميركيين في مواقع بالعاصمة الأفغانية قبل نقلهم مباشرة إلى المطار.

ومنذ أسبوع، تحشد عمليات الإجلاء الضخمة في كابل -التي وصفها الرئيس الأميركي جو بايدن بأنها "من العمليات الأصعب في التاريخ"- طائرات من كل أرجاء العالم لإجلاء دبلوماسيين وأجانب آخرين وأفغان يرغبون في الفرار من بلادهم.

ونقلت رويترز عن مسؤوليْن أميركيين أن إدارة بايدن أبلغت شركات الطيران الأميركية أنها قد تصدر أوامر لها للمساعدة في نقل الأشخاص الذين يجري إجلاؤهم من أفغانستان.

انتقادات أوروبية

من جانبه، قال مسؤول السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن من المستحيل للولايات المتحدة وحلفائها إجلاء عشرات الآلاف من الأفغان وعائلاتهم بحلول نهاية الشهر الجاري.

وتضم البعثة الوحيدة للاتحاد الأوروبي في كابل نحو 400 موظف أفغاني وعائلاتهم، وصل 150 منهم فقط إلى إسبانيا حتى الآن.

وأضاف بوريل أن المشكلة تتمثل في الوصول إلى مطار كابل، مشيرا إلى أن إجراءات المراقبة والأمن المشددة التي يفرضها الأميركيون تعرقل عمليات الوصول.

وأضاف بوريل أن بروكسل تقدّمت بشكوى للأميركيين تطالبهم بإبداء مزيد من المرونة.

ورغم تعبيره عن استيائه من الإجراءات الأميركية، نفى بوريل وجود توترات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بشأن عمليات الإجلاء القائمة حاليا.

المصدر : الجزيرة + وكالات