طالبان تطلق سراح جميع المعتقلين السياسيين وتُجري مشاورات لتشكيل حكومة تقود البلاد

قررت حركة طالبان اليوم الأربعاء إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين في مختلف ولايات البلاد، وبدأت في الوقت ذاته مشاورات مع ساسة ومسؤولين سابقين من أجل تشكيل نظام يقود أفغانستان في الفترة المقبلة.

وجاء في بيان للحركة على تويتر أنه "بناء على قرار العفو العام الصادر من قبل زعيم الإمارة الإسلامية سماحة أمير المؤمنين شيخ الحديث هبة الله آخوند زاده -حفظه الله- فإنه يُحكم بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين من جميع سجون البلد".

وأضاف البيان "لذا على جميع حكام الولايات -من الغد- إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين (كبارا وصغارا) من دون أي قيد أو شرط، وتسليمهم إلى أسرهم".

ومن إطار السعي لتشكيل حكومة تقود البلاد،  يعقد رئيس المكتب السياسي لطالبان الملا عبد الغني برادر اجتماعات مع زعماء القبائل وعلماء الدين في قندهار جنوبي أفغانستان، بعد أن وصلها أمس الثلاثاء قادما من الدوحة، وقال مسؤول بالحركة إن قادة طالبان لن يظلوا خلف جدار من السرية والتخفي، وأشار إلى أنهم يتحاورون مع مسؤولي الحكومة السابقين لضمان شعورهم بالأمان.

وأفاد مراسل الجزيرة في كابل حميد الله محمد شاه -نقلا عن مصادر في قندهار- أن برادر وقادة آخرين من طالبان يبحثون مع شيوخ قبائل تشكيل نظام شامل، حسب قولهم.

وأشار المراسل إلى اجتماعات غير رسمية تعقدها طالبان مع مسؤولين سابقين في حكومة الرئيس السابق أشرف غني.

وفي ذات السياق، نقلت وكالة رويترز للأنباء عن مسؤول في طالبان قوله إن المسؤول في الحركة والقيادي البارز في شبكة حقاني أنس حقاني التقى الرئيس السابق حامد كرزاي، وأجرى معه محادثات في سياق سعي طالبان لتشكيل حكومة.

وأضاف هذا المسؤول أن رئيس لجنة المصالحة عبد الله عبد الله كان حاضرا هذه المحادثات، دون ذكر مزيد من التفاصيل.

 

وشبكة حقاني، التي تتمركز على الحدود مع باكستان، فصيل مهم في طالبان، وقد واجهت اتهامات السنوات الماضية بتنفيذ بعض أعنف الهجمات في البلاد.

وكان الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري قد التقى بالدوحة وفدا من طالبان برئاسة الملا برادر قبل مغادرته إلى أفغانستان.

وقال بيان للخارجية القطرية إنه جرى خلال الاجتماع استعراض آخر التطورات الأمنية والسياسية في أفغانستان، والتأكيد على حماية المدنيين، وتكثيف الجهود اللازمة لتحقيق المصالحة الوطنية، والعمل على تسوية سياسية شاملة، وانتقال سلمي للسلطة، مع أهمية المحافظة على المكتسبات التي حققها الشعب الأفغاني.

لا سرية

ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول في طالبان قوله إن قادة الحركة سيشاركون في حوار مع مسؤولي الحكومة السابقين لضمان شعورهم بالأمان، وأضاف أن العالم سيرى بالتدريج كل قادة طالبان ولن يكون هناك أي تخف أو سرية.

وأوضح هذا المسؤول أن أي شكاوى يتقدم بها مدنيون ضد أي عضو من أعضاء طالبان سيتم التحقيق فيها سريعا، داعيا أعضاء الحركة إلى عدم الاحتفال لإثبات تفوقهم لأن النصر ملك لأفغانستان، على حد تعبيره.

وفي أول ظهور علني له أمام وسائل الإعلام، تعهد المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد -في مؤتمر صحفي بكابل أمس- بعدم السماح باستخدام الأراضي الأفغانية ضد الآخرين، وبمنح المرأة حقوقها الكاملة وفقا للشريعة -حسب قوله- والسماح لوسائل الإعلام بممارسة عملها بحرية واستقلال.

وقال مجاهد إن أفغانستان كانت وما زالت دولة إسلامية "سواء قبل 20 عاما أو الآن، لكن هناك اختلاف هائل بين ما نحن عليه الآن وما كنا عليه قبل 20 عاما".

ودعا الناطق باسم الحركة السياسيين المعارضين إلى عدم مغادرة البلاد، مشددا على أنه لا مبرر لسفرهم لأن أفغانستان تسع الجميع. وأكد أن الحركة ستبقى على صلة مع وسائل الإعلام "التي ستعمل بحرية".

ميدانيا، أوضح مراسل الجزيرة أن الفوضى لا تزال تسود الجزء العسكري من مطار كابل، حيث تجمع الآلاف من الأفغان على أمل دخول المطار والحصول على مقعد لمغادرة البلاد، في وقت تمكنت طالبان من السيطرة على الجزء المدني من المطار.

وأضاف المراسل أن هناك استتبابا للأمن بصفة عامة، وارتياحا شعبيا من هذه الناحية، لكن هناك تخوفات وترقبا لدى الشارع والأحزاب السياسية من الآلية والنظام السياسي الذي ستحكم به طالبان.

وقد أعلنت الحركة عفوا عاما عن كل موظفي الدولة، داعية إياهم إلى العودة للعمل وحياتهم الطبيعية بثقة تامة، ودعت الأفغان لمواصلة أنشطتهم الاقتصادية الطبيعية.

وقال مجاهد خلال مؤتمره الصحفي أمس "اعتبارا من اليوم نعلن انتهاء عدائنا مع كل من وقف ضدنا في أفغانستان" وأضاف "أصدرنا عفوا عن كل من وقف ضدنا ولا نريد استمرار الحرب بل نسعى لإزالة كل أسبابها".

وشدد على أن طالبان لا تريد تصفية الحسابات مع أي أحد في البلاد. وقال "نعفو عن آلاف الجنود الذين حاربونا 20 عاما".

وأعلن العفو عن المترجمين أو المتعاقدين الذين عملوا لصالح السلطات الأجنبية، مؤكدا أنه لن يكون هناك انتقام منهم.

وتأتي هذه التطورات بعد سيطرة طالبان على العاصمة كابل الأحد الماضي، وفرار الحكومة التي كانت تتلقى الدعم من الولايات المتحدة ومختلف الدول الغربية.

احتجاج في جلال آباد

من ناحية ثانية، أفادت مصادر أمنية أفغانية بمقتل شخصين وجرح 10 آخرين إثر إطلاق مسلحي طالبان النار على مظاهرة في مدينة جلال آباد شرقي البلاد.

وذكرت وسائل إعلام محلية أن مئات من المحتجين تظاهروا، اليوم، في جلال آباد دعما للعلم الوطني للبلاد ورفضا لتغيير الهوية.

وأفادت منصات محلية على مواقع التواصل أن مسلحي طالبان أطلقوا الرصاص في الهواء لتفريق المتظاهرين.

وأظهرت مقاطع فيديو وصور تداولها ناشطون على منصات التواصل هتافات المحتجين الداعمة للعلم الوطني للبلاد. كما رفع المتظاهرون الراية في ساحة عامة بالمدينة.

المصدر : الجزيرة + رويترز