أفغانستان.. طالبان تسيطر على معبر حدودي مع باكستان وبريطانيا تؤكد استعدادها للعمل مع الحركة

سيطرت حركة طالبان، الأربعاء، على معبر حدودي مع باكستان ودعت سكان المدن للاستسلام لتجنيب مناطقهم المعارك، بينما قال وزير الدفاع البريطاني بن والاس، الثلاثاء، إن "بلاده ستعمل مع طالبان حال مشاركتها بالحكومة الأفغانية".

وقال مراسل الجزيرة في باكستان إن مقاتلي طالبان تمكنوا، صباح الأربعاء، من السيطرة على معبر "تشمن" الحدودي الرابط بين باكستان وأفغانستان.

ويعتبر معبر "تشمن" أحد المعابر الرئيسية بين ولاية قندهار الأفغانية، وإقليم بلوشستان غربي باكستان، وكانت تمر منه معظم مواد الدعم اللوجستي الخاصة بالقوات الدولية العاملة في أفغانستان خلال الأعوام الـ20 الماضية.

وقال أمير خان متقي، وهو مسؤول كبير في الحركة، في تغريدة نشرها ناطق باسم طالبان "الآن ومع انتقال المعارك من الجبال والصحارى إلى أبواب المدن لا يريد المجاهدون القتال داخل المدن. ومن الأفضل أن يستخدم مواطنونا والعلماء كل القنوات للدخول في اتصال مع طالبان، بهدف التوصل إلى اتفاق منطقي لتجنيب تعرض مدنهم لأضرار".

وأمير خان متقي وزير الإعلام والثقافة في نظام طالبان السابق، ويدير "لجنة الدعوة والإرشاد" في حركة طالبان التي يتوجه إليها عسكريون أو رجال الشرطة ومسؤولون حكوميون وموظفون في القطاع العام أو مجرد مواطنين، إذا كانوا يريدون الانشقاق أو الاستسلام.

وتابع متقي في رسالة صوتية نشرها على تويتر ذبيح الله مجاهد الناطق باسم الحركة أن طالبان "تؤكد لكل السكان أن أفغانستان ستكون وطنهم جميعا وأنه لن يسعى أحد للانتقام".

وتعيد دعوة طالبان هذه إلى الأذهان الإستراتيجية التي استخدمتها عند استيلائها على السلطة في منتصف التسعينيات، وهي محاصرة المدن وإرغام الزعماء التقليديين على التفاوض على استسلامهم لها.

في موازاة ذلك، تشن حركة طالبان هجوما في كل الاتجاهات أطلقته في مطلع مايو/أيار، وأتاح لها الاستيلاء على مناطق واسعة من الأراضي الأفغانية في مواجهة الجيش الأفغاني الذي بات محروما من الإسناد الجوي الأميركي المهم.

وسيطر مقاتلو الحركة على عدة أقاليم ريفية ومعابر حدودية مهمة مع إيران وتركمانستان وطاجيكستان، ولم يعد الجيش الأفغاني يسيطر سوى على المدن الكبرى وأبرز محاور الطرق.

وسقطت عدة مناطق في ولاية مجاورة لكابل في الآونة الأخيرة في أيدي طالبان، ما أثار مخاوف من أن تهاجم قريبا العاصمة أو مطارها الذي يشكل طريق الخروج الوحيد للرعايا الأجانب من المدينة.

بريطانيا وطالبان

وفي تصريح هو الأول من نوعه، قال وزير الدفاع البريطاني بن والاس في مقابلة نشرتها صحيفة ديلي تلغراف، الثلاثاء، إن "بريطانيا ستعمل مع حركة طالبان في حال مشاركتها في الحكومة الأفغانية".

ونقلت الصحيفة عن والاس قوله "أيا كانت الحكومة (في أفغانستان)، ستتواصل الحكومة البريطانية معها شريطة التزامها بمعايير دولية محددة".

لكن والاس حذر من أن بريطانيا ستعيد النظر في أي علاقة معها إن هي تصرفت بشكل يتعارض بقوة مع حقوق الإنسان.

وفي مقابلته مع ديلي تلغراف، بدا أن والاس يدرك أن احتمال عمل بريطانيا مع طالبان سيثير الجدل.

وقال والاس "ما تريده طالبان بشدة هو الاعتراف الدولي. إنها بحاجة لتمويل ودعم لبناء الدولة".

وأضاف "عليك أن تكون شريكا في السلام وإلا ستخاطر بفرض العزلة على نفسك. العزلة أوصلتهم إلى ما كانوا عليه في المرة الأخيرة".

وناشد وزير الدفاع البريطاني حركة طالبان والرئيس الأفغاني أشرف غني العمل معا لتحقيق الاستقرار في البلاد بعد عقود من الصراع.

إخلاء فرنسي

وفي سياق متصل، دعت فرنسا الثلاثاء كل رعاياها إلى مغادرة أفغانستان بسبب "الأوضاع الأمنية" والتوقعات المرتقبة على المدى القصير للمرحلة المقبلة.

وأعلنت السفارة الفرنسية، في بيان، أن الحكومة الفرنسية ستخصص رحلة في 17 يوليو/تموز، لإتاحة عودة جميع الرعايا الفرنسيين إلى بلادهم، مشيرة إلى أنه لن يتم تسيير أي رحلة إضافية ودعت رسميا جميع الفرنسيين إلى ركوب هذه الطائرة الخاصة.

وأبلغت السفارة الفرنسيين الذين يعتزمون البقاء في أفغانستان إلى ما بعد 17 يوليو/تموز، بأنها لن تكون قادرة على ضمان أمن مغادرتهم.

وقال السفير الفرنسي دافيد مارتينون إن "الموظفين الأفغان في السفارة وفي المعهد الفرنسي وفي البعثة الفرنسية للتنقيب عن الآثار في أفغانستان وفي جمعية الصداقة الفرنسية-الأفغانية غير الحكومية تم نقلهم في الأسابيع الأخيرة إلى فرنسا في إطار حق اللجوء".

وأوضح السفير في خطاب نُشر على موقع السفارة، أن طاقم السفارة يواصل العمل، مستبعدا تماما إغلاق الممثلية الدبلوماسية بكابل في الوقت الراهن.

محادثات مرتقبة

بدوره، وعد الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي باستئناف محادثات جادة للسلام، تزامنا مع توجهه إلى الدوحة.

وقال رئيس لجنة المصالحة عبد الله عبد الله -الذي رافق كرزاي إلى قطر الثلاثاء- إن اللقاء المرتقب في الدوحة مع طالبان فرصة لمحادثات على مستوى مختلف، مضيفا أن طالبان مستعدة للقاء الوفد الذي يتوجه من كابل إلى الدوحة.

وكشف الوفد الحكومي الأفغاني المفاوض أن كرزاي بحث في الدوحة مع المبعوث الأميركي زلماي خليل زاد العقبات التي تواجه عملية السلام.

وقبل مغادرة كابل، قال كرزاي للصحفيين إن محادثات السلام الجادة ستبدأ قريبا في البلاد، مضيفا "لهذا تحلوا بالصبر، ولتكن لديكم خطة واتجهوا نحو السلام".

وحث كرزاي الحكومة الأفغانية على عدم إضاعة فرص السلام، معتبرا أن ما تم بناؤه في أفغانستان بالسنوات الـ20 الماضية ملك للشعب وليس للأجانب، وتابع "لا تدمروا الطرق والجسور والمؤسسات".

وفي الأثناء، قالت الرئاسة الأفغانية إن الرئيس أشرف غني أمر باستئناف الغارات الجوية وعمليات المداهمة الليلية ضد طالبان في عموم البلاد، وأوضح مراسل الجزيرة أن هذه المداهمات توقفت منذ سنتين لإنجاح محادثات السلام مع طالبان.

وقد وصل الرئيس ومسؤولون أمنيون إلى ولاية بلخ شمالي البلاد، لتقييم الوضع الأمني، ومن المقرر أن يلتقي قادة الجيش وزعماء القبائل بالولايات الشمالية، وذلك لمنع تقدم طالبان نحو مدينة مزار شريف عاصمة بلخ.

معارك وهجمات

وفي أحدث التطورات الميدانية مساء الثلاثاء، أكدت الشرطة مقتل 3 مدنيين وجرح 5 آخرين في انفجار وقع ساعة الذروة وسط كابل، كما قال مسؤول أمني للجزيرة إن 3 من عناصر الشرطة قتلوا في هجوم مسلحين مجهولين شرقي العاصمة.

ويأتي ذلك بعدما سيطرت طالبان على عدد من المديريات والمواقع الإستراتيجية في ولاية باميان، كما أعلنت سيطرتها على مديرية مالستان بولاية دايكندي، وتشارسده بولاية أوروزغان جنوبي البلاد.

وقال مراسل الجزيرة إن طالبان تركز على وسط البلاد لفصل الغرب عن الشرق، وقطع طرق الإمداد أمام القوات الحكومية من كابل باتجاه المناطق الأخرى.

المصدر : الجزيرة + وكالات