البرلمان المصري يقرّ قانونا لفصل "الموظف الإرهابي"

صورة من داخل مجلس النواب المصري (مواقع التواصل)

القاهرة- وافق مجلس النواب المصري، اليوم الاثنين، بشكل نهائي على مشروع قانون يستهدف فصل موظفي الجهاز الإداري للدولة الذين ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين وما يوصف بـ"التنظيمات الإرهابية".

ومنذ بدء الحديث عن إعداد هذه التعديلات وهي تحظى بإشادة مؤيدي السلطة، مقابل انتقاد من المعارضين الذين يرونها إمعانا في ملاحقتهم والتنكيل بهم، ومحاولة تحميلهم عبء فشل السلطة في تحسين حياة المواطن المصري.

واعتبرت وكالة رويترز للأنباء في تغطيتها للخبر أن هذا التطور لا يبتعد عن حملة أمنية موسعة استهدفت المعارضين السياسيين سواء من الإسلاميين أو الليبراليين، أشرف عليها الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي منذ قاد عملية إطاحة الجيش في يوليو/تموز 2013 بالرئيس محمد مرسي الذي كان ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين.

ومنذ أواخر عام 2013، تصنف السلطة في مصر الإخوان المسلمين جماعةً إرهابيةً محظورةً، ويقبع أغلب كوادرها وقياداتها، في السجن على ذمة أحكام مرتبطة بالإرهاب والتحريض، وهي تهم عادة ما نفت صحتها الجماعة.

قرائن جدية

وبموجب الموافقة البرلمانية، تم تعديل بعض أحكام القانون رقم 10 لسنة 1973 الخاصة بالفصل من دون الطريق التأديبي، ليصبح من حق الجهات الحكومية فصل الموظف إذا قامت بشأنه قرائن جدية تمس الأمن القومي للبلاد وسلامتها.

وبينت المادة الثانية من التشريع الجديد الحالات التي يجوز فيها فصل الموظف بغير الطريق التأديبي، وهي الإضرار الجسيم بالمصالح الاقتصادية للدولة وفقدان الثقة والاعتبار وفقدان الصلاحية لشغل الوظيفة.

كذلك تضمنت الحالات المسببة لفصل الموظف وجود قرائن جدية على ما يمس الأمن القومي للبلاد وسلامتها، "ويعد إدراج العامل على قائمة الإرهابيين وفقًا لأحكام القانون رقم 8 لسنة 2010 بشأن تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين قرينة جدية" وفق نص القانون الجديد.

وبحسب التشريع الجديد، ففي حال توافر سبب أو أكثر من أسباب الفصل يتم إيقاف العامل بقوة القانون عن العمل لمدة لا تزيد على 6 أشهر أو لحين صدور قرار الفصل، أيهما أقرب، مع وقف صرف نصف أجره طوال فترة الوقف عن العمل.

والقانون رقم 8 لسنة 2015 بشأن تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، يعطي للحكومة أحقية فصل الموظف المنتمي لكيان إرهابي، لكن يبدو أن التشريع الجديد أكثر مباشرة وحسما في تلك المسألة، حيث تنص المادة السابعة من قانون الكيانات الإرهابية على أن "الشخص المدرج في قوائم الإرهاب يعد فاقدا لشرط حسن السمعة والسيرة اللازم لتولي الوظائف والمناصب العامة أو النيابية".

صورة1 قانون جديد لفصل الموظف المنتمي لكيان إرهابي -محكمة لأعضاء بجماعة الإخوان المسلمين- تصوير زميل مصور صحفي ومسموح باستخدام الصورة
محاكمات أعضاء بجماعة الإخوان المسلمين تكررت كثيرا بمصر في السنوات الأخيرة (الجزيرة)

الموظف الخطر

وخلال الجلسة العامة للبرلمان، اعتبر رئيس مجلس النواب، حنفي جبالي، القانون الجديد أداة هدفها إبعاد من وصفه بـ"الموظف الخطر" أو الذي يمثل خطورة على بيئة العمل، مؤكدا عدم المساس بحقوقه القانونية من اللجوء إلى القضاء وحصوله على مستحقاته المالية سواء في المعاش أو مكافأة نهاية الخدمة.

وتنص المادة 14 من الدستور المصري على أن الوظائف العامة حق للمواطنين على أساس الكفاءة، ومن دون محاباة أو وساطة، وتكليف للقائمين بها لخدمة الشعب، وتكفل الدولة حقوقهم وحمايتهم، وقيامهم بأداء واجباتهم في رعاية مصالح الشعب، ولا يجوز فصلهم بغير الطريق التأديبي، إلا في الأحوال التي يحددها القانون.

وذكرت لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، في تقريرها بشأن مشروع القانون، أن التشريع جاء باعتباره استحقاقا دستوريا للحفاظ على الأمن القومي المصري ولمكافحة الفساد، على حد وصف اللجنة، إضافة إلى تعزيز قيم النزاهة والشفافية ضمانا لحسن أداء الوظيفة العامة والحفاظ على المال العام، ومتسقا مع المادة 237 من الدستور التي تنص على أن "تلتزم الدولة بمواجهة الإرهاب، بكل صوره وأشكاله، وتعقب مصادر تمويله، وفق برنامج زمني محدد، باعتباره تهديدا للوطن وللمواطنين، مع ضمان الحقوق والحريات العامة".

عبء الموظفين

وخلال الأعوام الأخيرة، توالت تصريحات من مسؤولين بالسلطة تتحدث عما تصفه بعبء كثافة الموظفين بالقطاع الإداري، وذلك بداية من الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي صرح في مايو/أيار 2018، إن الجهاز الإداري للدولة لا يعمل بالشكل الذي يتمناه، مؤكدا حاجة الحكومة إلى نحو مليون موظف فقط.

ويصل عدد الموظفين الحكوميين في مصر لأكثر من 5 ملايين ونصف المليون موظف، تبلغ قيمة رواتبهم أكثر من 300 مليار جنيه سنويا وفق تصريحات حكومية، علما بأن وزارة التخطيط أعلنت في سبتمبر/أيلول الماضي، عن وقف التعيينات في الجهاز الإداري للدولة، إلا باستثناء من رئيس الجمهورية.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2019، أعلن وزير التربية والتعليم، طارق شوقي، فصل ألف و70 معلمًا بسبب انتمائهم لجماعة الإخوان المسلمين ووقوع أحكام قضائية عليهم، علما بأن عدد المعلمين في مصر يبلغ نحو مليون ونصف المليون معلم.

وفي يونيو/حزيران الماضي، عقب حوادث متتالية للقطارات، تحدث وزير النقل كامل الوزير -وهو ضابط كبير سابق بالجيش- عن استبعاد جميع عناصر جماعة الإخوان المسلمين من الوظائف الحرجة والخطيرة داخل قطاعات الوزارة، الذين يبلغ عددهم 268 إخوانيا، خلال الفترة القادمة، بدعوى أنهم من أسباب الحوادث وهو ما أثار موجة من النقد والسخرية على مواقع التواصل.

ذريعة للفصل

وقد لاقى خبر تمرير مجلس النواب قانون فصل الموظف المنتمي لجماعة إرهابية جدلا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي؛ فاعتبر بعض المعلقين أن التشريع الجديد سيكون ذريعة لفصل عدد كبير من الموظفين، متوقعين أن يسهم في خلق بيئة حاضنة للإرهاب وليس العكس.

ولاء للجماعة

لكن هناك وجهة نظر أخرى بين رواد الإعلام الاجتماعي مؤيدة للقانون الجديد، وتعتمد هذه الوجهة على فرضية أن المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين وغيرها من التنظيمات سيكون ولاؤه للجماعة وليس الوطن، وهو ما يمثل خطورة على مؤسسات الدولة، حسب قولهم.

المصدر : الجزيرة