صراع على منصب وزير الدفاع.. هل يخضع الدبيبة لضغوط حلفاء حفتر؟

تسمية وزير الدفاع عملية معقدة لأنه المسؤول عن سياسات المؤسسة العسكرية وتنفيذ ميزانيتها. وفي ظل عدم توحيد مؤسسة الجيش تكمن صعوبة إشغال منصبه.

الصراع على أعلى منصب عسكري في ليبيا يعكس المطامع للاستحواذ على المناصب السيادية (الجزيرة)

طرابلس– رفض رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عبد الحميد الدبيبة دعوة رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي لحضور اجتماع يوم الأحد القادم، للتشاور بشأن تسمية وزير الدفاع.

وقال الدبيبة في رسالته إلى المنفي "بالعودة إلى نتائج ومخرجات ملتقى الحوار السياسي الليبي بخصوص تسمية الوزراء والجهات الموكلة بذلك، نرفق لكم الباب الخامس بالسلطة التنفيذية الموحدة بخارطة الطريق الصادرة عن الملتقى، الذي يوضح اختصاصات رئيس حكومة الوحدة الوطنية في تسمية الوزراء والوكلاء، ودور المجلس الرئاسي في ذلك".

ووجّه رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي رسالة إلى رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة لحضور اجتماع بشأن تسمية وزير للدفاع، محذرا الدبيبة في حال تغيبه، من أن المجلس سيسمي وزير الدفاع بمفرده ويعرضه على البرلمان للتصويت عليه.

خليفة حفتر و محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي الجديد
اللواء المتقاعد خليفة حفتر (يمين) ومحمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي (مواقع التواصل)

تعليق ميزانية الدفاع

وكان مجلس النواب قد قرر تعليق جلسته الرسمية التي عقدت برئاسة عقيلة صالح، وعدم اعتماد ميزانية وزارة الدفاع إلا بعد تعيين وزير لها.

وكان اللواء المتقاعد خليفة حفتر قد اجتمع بعدد من أعضاء مجلس النواب في بنغازي، في ثالث لقاء من نوعه هذا الشهر، وهو ما اعتبره البعض مؤشرا لعرقلة حفتر ميزانية الحكومة ومحاولة السيطرة على المناصب القيادية في مؤسسة الجيش.

وتأتي هذه التطورات بعد شن أحمد المسماري، الناطق باسم حفتر، هجوما حادا على رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، مطالبا باعتماد رئيس الأركان التابع لحفتر عبد الرزاق الناظوري، رئيسا للأركان العامة في ليبيا.

ويعكس الخلاف بين الدبيبة والمنفي التوتر بين الطرفين بشأن ملفات من بينها تسمية وزير الدفاع بالحكومة التي أسندها الدبيبة إلى نفسه، نظرا لحساسية المنصب الذي يعد من الوزارات السيادية في الدولة. وينص اتفاق ملتقى الحوار السياسي الليبي -الموقع قبل أشهر- على أن تسمية وزيري الدفاع والخارجية تتم بالتشاور مع المجلس الرئاسي.

وزارة الدفاع

وتعد وزارة الدفاع من بين أهم الوزارات السيادية في ليبيا نظرا للميزانية الكبيرة المخصصة لها سنويا، ولمهامها في إبرام اتفاقيات دفاعية مع الدول، إضافة إلى مسؤوليتها عن جميع الإدارات العسكرية بالجيش الليبي.

ومن مهام وزير الدفاع وضع واقتراح الموازنة العامة للوزارة، والسياسة المالية للجيش الليبي، واعتماد عقود شراء الأسلحة والذخائر والمعدات الحربية، وإبرام الاتفاقيات الدولية في مجال التعاون العسكري والأمني.

يضاف إلى ذلك، المصادقة على الترقيات قبل اعتمادها من القائد الأعلى للجيش، وتشكيل المحاكم العسكرية وتعيين المدعي العسكري وأعضاء الهيئات القضائية العسكرية. وأنشئت وزارة الدفاع في ليبيا بقرار من المؤتمر الوطني العام عام 2012 خلفا للجنة الشعبية المؤقتة للدفاع.

مناصب هامة

وقال عضو مجلس النواب علي الصول إن منصبي وزير الدفاع ورئيس الأركان العامة من المناصب القيادية الهامة في المؤسسة العسكرية.

وأضاف الصول للجزيرة نت "يجب اختيار المناصب العسكرية القيادية العليا بتوافق بين مجلس النواب وحكومة الوحدة الوطنية، ولا علاقة للمجلس الرئاسي بهذه المناصب". وقال إن "الدفاع" وزارة سيادية، وهي محل اهتمام الأطراف المتنافسة، كما أنها سبب الأزمة في ليبيا باعتبارها جهة قيادية عسكرية عليا في الدولة.

رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة يتحدث مع مسؤولين عسكريين خلال افتتاح الطريق الساحلي الرابط بين شرق ليبيا وغربها (رويترز)

عملية مشتركة

بدوره يرى عضو مجلس النواب محمد العباني أن وزير الدفاع الذي سيسميه رئيس حكومة الوحدة الوطنية، يُعين بالتشاور مع المجلس الرئاسي، ثم يمر على البرلمان للحصول على الثقة وأداء اليمين أمام النواب، قبل مباشرته العمل.

وقال العباني للجزيرة نت، إن "تسمية وزير الدفاع عملية معقدة لأنه سيكون المسؤول عن رسم السياسات التنفيذية للمؤسسة العسكرية وتنفيذ ميزانيتها. وفي ظل عدم توحيد مؤسسة الجيش تكمن صعوبة اختيار وزير للدفاع".

وأفاد العباني بأن الجدل حول المؤسسة العسكرية والتحارب بين الشرق والغرب، وعزوف بعض العسكريين عن الالتحاق بالقيادة العامة ووجود تشكيلات مسلحة، كل ذلك يؤكد أن تعيين وزير الدفاع عملية صعبة للغاية.

تعطيل مستفز

أكد الخبير العسكري عادل عبد الكافي أن تسمية وزير الدفاع من صلاحيات رئيس الوزراء، حسب اتفاق ومخرجات جنيف، بالتشاور مع المجلس الرئاسي، متهمًا مجلس النواب بالعمل على تعطيل المسارات السياسية "بشكل مستفز" من أجل تقاسم السلطة.

وتابع عبد الكافي "وزير الدفاع منصب سيادي، ويمكن لمن يشغله أن يحدث تغييرا كبيرا جدا في التركيبة العسكرية في المناطق الغربية والشرقية والجنوبية، إضافة إلى مهام التواصل مع دول الجوار والدول الإقليمية والدولية، وتوقيع الاتفاقيات العسكرية ومذكرات التفاهم".

وصرح عبد الكافي للجزيرة نت، أن استحواذ شخصية موالية لحفتر على منصب وزير الدفاع يمنح مشروع "عملية الكرامة" تفوقا لإقصاء العديد من القيادات العسكرية في المنطقة الغربية، وتفصيل مؤسسة الجيش على هوى حفتر وأتباعه، واستخدامها للنيل من الخصوم بطريقة بشعة.

واعتبر عبد الكافي أن عقيلة صالح وحفتر والنواب الموالين لهما، يضغطون للاستحواذ على نصيب أكبر من الوزارات لتحقيق المشروع العسكري الذي عملوا عليه لسنوات، وكي لا يظهر فشلهم نتيجة العمليات العسكرية التي تسببوا بها. إضافة إلى هروب العسكريين المتورطين في جرائم حرب ضد الإنسانية من المحاكمة، ومنحهم صفة قانونية شرعية.

المصدر : الجزيرة