أول حكم إعدام بحق قيادات معارضة بمصر بانتظار عفو رئاسي أو التنفيذ

الآلاف شاركوا في اعتصام رابعة العدوية رفضا لعزل الرئيس الراحل محمد مرسي (الأوروبية)

جاء الحكم النهائي الصادر، أمس الاثنين، بإعدام قيادات ورموز سياسية مصرية، ليثير تساؤلات عن مستقبل تنفيذ هذا الحكم، والخيارات القانونية المتاحة أمام المحكوم عليهم في القضية التي عرفت إعلاميا بقضية "فض اعتصام رابعة".

وأعلنت محكمة النقض التي تعدّ أعلى سلطة قضائية للطعون في مصر، أمس الاثنين، تأييدها لحكم أولي صدر في سبتمبر/أيلول 2018 بإعدام 12 شخصا بينهم قياديون بجماعة الإخوان المسلمين هم محمد البلتاجي، وعبد الرحمن البر، وأحمد عارف، والوزير السابق أسامة ياسين.

وبدأت المحاكمات في هذه القضية بداية 2016 لمئات الأشخاص الذين اعتُقل أغلبهم عام 2013، ووجهت إليهم النيابة اتهامات تراوح بين القتل العمد والتجمهر والتخريب لكنهم نفوا صحتها، علما بأن الواقعة تعلقت بما حدث في 14 أغسطس/آب 2013 عندما فضّت قوات من الجيش والشرطة بالقوة اعتصامين لأنصار الرئيس الراحل محمد مرسي في ميداني رابعة العدوية والنهضة رافضين تدخل الجيش لإطاحته بعد عام واحد قضاه في السلطة.

وحسب القانون المصري، فإن الحكم الصادر أمس هو حكم "نهائي باتّ" بما يعني استنفاد سبل التقاضي في هذه القضية، ومن ثم يبقى هناك خياران فقط أولهما تصديق الرئيس المصري على الحكم وذلك يعني تنفيذه لاحقا، أو أن يُصدر عفوا أو قرارا بتخفيف العقوبة خلال 14 يوما.

ولكن خبراء قانونيين تحدثوا للجزيرة نت أكدوا وجود مسارات قانونية أخرى بينها تقديم التماس للنائب العام لإعادة النظر في الحكم، أو أن تقدم أسر الصادر بحقهم أحكام الإعدام طلبات للعفو الرئاسي.

1. محمد هاشم، محامي مصري، عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين في قضية رابعة / مواقع التواصل
محمد هاشم: الحكم الصادر من محكمة النقض المصرية لم يكن متوقعًا (مواقع التواصل)

طريقان

وحسب تصريحات عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين في قضية فض رابعة، محمد هاشم، للجزيرة نت، فـ"نحن الآن أمام حكم نهائي استنفد كل طرق الطعن عليه، وواجب النفاذ، ولا يوجد أي مجال قانوني للطعن عليه، ولا يوقف تنفيذه إلا العفو الرئاسي فقط".

وأشار هاشم إلى أن الطعن محجوز للحكم منذ أكثر من 9 أشهر، مُرجعا تأخر الأمر إلى كثرة عدد الأوراق التي يحتوي عليها ملف القضية، وكثرة عدد المتهمين، وما ترتب عليه من كثرة عدد صحف الطعون المقدمة التي استغرقت كل هذا الوقت من جانب المحكمة.

وأكد أنه من الناحية القانونية لا توجد أي مشكلة في وقت إصدار الحكم، مستبعدًا أن يكون وقت صدور الحكم أمس يحمل رسائل سياسية ما.

ولكن عضو هيئة الدفاع عبّر عن دهشته من الحكم قائلًا "في نظري من موقعي في هيئة الدفاع هو حكم غير متوقع، وكنت أتوقع أن يتم نقض الحكم وتحديد جلسة أمام محكمة النقض للنظر في الموضوع لوجود عدد من الأسباب التي كان يترتب عليها نقض الحكم، وذلك حسب وجهة نظري القانونية، فمن بينها وجود العديد من المتهمين ممن لهم المركز القانوني نفسه واختلفت الأحكام الصادرة بحقهم، دون وجود أسباب شخصية أو موضوعية تدعوا للتفرقة بينهم في العقوبة".

موضوع : مسلسل "الاختيار 2" يعيد مأساة فض رابعة للمشهد والانقسام للشارع المصري
مئات المعتصمين لقوا مصرعهم خلال عملية فض الاعتصام في رابعة العدوية (مواقع التواصل الاجتماعي)

من جانبه، أكد المستشار محمد سليمان، رئيس محكمة استئناف سوهاج سابقًا، كون محكمة النقض هي الدرجة الأخيرة من درجات التقاضي وهو ما يجعلها خاتمة المطاف، وأحكامها باتة غير قابلة للطعن عليها بأي طريق، ولكنه لفت إلى أن تنفيذ الحكم لا يكون إلا بتصديق رئيس الجمهورية.

واتفق معه المستشار عبد الستار إمام، رئيس محكمة جنايات القاهرة السابق، في المشهد المُقبل للمحكوم عليهم بالإعدام، قائلًا "إن صدور حكم بات من أعلى سلطة قضائية ممثلة بمحكمة النقض برفض طعن المتهم، وتأييد حكم الإعدام، يعني أن الحكم أصبح واجب النفاذ من الناحية القانونية".

وأضاف، في تصريحات لمواقع محلية مصرية، أن الحكم بالإعدام لا ينفّذ إلا بعد تصديق رئيس الجمهورية عليه، منوّهًا بأن القانون أعطى لرئيس الجمهورية الحق في العفو أو تخفيف العقوبة، وينفذ الحكم بالإعدام إذا لم يصدر العفو، أو بإبدال العقوبة من الرئيس خلال 14 يومًا، وفق المادة 470 من قانون الإجراءات الجنائية.

وأوضح أنه عندما يصبح الحكم بالإعدام باتا فيجب رفع أوراق الدعوى فورًا من النيابة العامة إلى وزير العدل ومنه إلى رئيس الجمهورية، وينفذ الحكم إذا لم يصدر الأمر بالعفو أو بإبدال العقوبة بتصديق الرئيس، وذلك وفقا للمادة 155 من الدستور المصري التي تنص على أنه "لرئيس الجمهورية بعد أخذ رأي مجلس الوزراء العفو عن العقوبة أو تخفيفها، ولا يكون العفو الشامل إلا بقانون يقرّ بموافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب".

3. خلف بيومي، قانوني ومحامي مصري، مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان / مواقع التواصل
خلف بيومي: البراءة في قضية فض رابعة إدانة للنظام المصري فلذلك كانت أحكام الإعدام (مواقع التواصل)

حكم غير متوقع

بدوره قال مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان، خلف بيومي، إن الحكم الصادر بحق 12 قياديًا ورمزًا سياسيًا مصريًا، لم يكن متوقعا الآن، بالنظر إلى أنها تضم عددا كبيرا من المتهمين ولم يمر إلا نحو شهر على تنفيذ أحكام بالإعدام في قضية مركز شرطة كرداسة.

ولكن بيومي استدرك، خلال حديثه للجزيرة نت، قائلا إن "هذا لا يعني أننا كنا نتوقع أحكاما بالبراءة في هذه القضية لأن البراءة فيها تمثل إدانة لكل هيئات وسلطات النظام الحالي وشخوصه، فضلا عن أن الجميع يعلم أن هذه هي سياسة النظام الممنهجة تجاه معارضيه".

3 منافذ

وشدد بيومي على أن هناك عبئا كبيرا على هيئة الدفاع خلال المرحلة المقبلة يتمثل في ضرورة السعي لاستخدام الوسائل كافة التي من الممكن أن تعرقل أو تؤجل أو توقف تنفيذ تلك الأحكام، مشيرا في هذا الصدد إلى إمكانية تقديم التماس إعادة نظر للنائب العام، أو اللجوء إلى المحكمة الدستورية بدعوى منازعة التنفيذ باعتبار أن المحكمة التي أصدرت الحكم هي محكمة استثنائية وليست القاضي الطبيعي، أو دفع الأهالي لتقديم طلب العفو عن الأحكام.

وقال إنها "كلها أمور ليست سهلة ولكنها ليست مستحيلة".

ووفقا للقانون يتطلب إعادة النظر من النائب العام في قضية ما إن تظهر أدلة جديدة لم تكن مطروحة على محكمة الموضوع ولا محكمة النقض، وذلك وفقا للمادة 448 من قانون الإجراءات الجنائية.

كذلك يسمح القانون للمحكوم عليه بالإعدام بتقديم طلب للعدول عن الحكم الصادر من محكمة النقض إذا كان مخالفا للمبادئ المستقر عليها لدى محكمة النقض، ويكون ذلك بطلب يتم تقديمه للجمعية العمومية لمحكمة النقض.

يذكر أن المعارضة المصرية تتهم السلطة باستخدام القضاء كسلاح في وجه المعارضة، في حين تؤكد الحكومة المصرية دائما أنها تلتزم بضمانات المحاكمة العادلة المنصوص عليها في الدستور وفي القانون الدولي لحقوق الإنسان، وتشير إلى وجود سلطة قضائية نزيهة ومستقلة.

المصدر : الجزيرة