إدانة أممية جديدة للنظام السوري.. شهادات للجزيرة نت من ضحايا مجازر الكيميائي في سراقب

للنظام السوري سجل حافل بالهجمات الكيميائية ضد المدنيين في مناطق المعارضة السورية، فقد أزهقت هذه الهجمات أرواح المئات اختناقا بالغازات السامة.

سوريا – إدلب – فقد المئات من السوريين حياتهم بالغازات السامة التي أطلقها النظام معظمهم من الأطفال والنساء (مواقع التواصل)
فقد مئات السوريين -ومعظمهم من الأطفال والنساء- حياتهم في هجمات لقوات النظام بالغازات السامة (مواقع التواصل)

لم يكن تاريخ 4 فبراير/شباط 2018 يوما عاديا في حياة الشاب السوري أحمد أيوب شمالي سوريا، فقد كان على موعد مع هجوم بالسلاح الكيميائي من قبل طيران النظام السوري المروحي على مدينة سراقب شمالي سوريا.

بصوت خافت يلفه الحزن، يستذكر أيوب هذا اليوم الحزين، قائلا إنه كان متوجها رفقة زميله ميسرة رحمون لإصلاح برج شبكة الإنترنت وسط مدينة سراقب، بعد أن تعرض لعطل مفاجئ تسبب في توقف الشبكة عن العمل لدى معظم المشتركين.

ويكمل أيوب حديثه للجزيرة نت "أثناء عملنا على إصلاح الشبكة سمعنا صوت طائرة مروحية قادمة من شرقي المدينة، واعتقدنا حينها أنها محملة بالبراميل المتفجرة التي تسقطها طائرات النظام، وسريعا قمنا بالهروب إلى داخل عبّارة قريبة من سوق المدينة، خشية التعرض للقصف".

ويروي أيوب كيف سمع هو ورفيقه سقوط البراميل في الهواء وهم في حالة ذعر وخوف لم يسبق لها مثيل، لكن الغريب في الأمر أن البراميل لم تحدث أصوات انفجارات كما يحدث في كل قصف، ولدى خروجهما من العبارة شعر أيوب برائحة غريبة، قبل أن تخور قواه ويفقد القدرة على التنفس، ويسقط أرضا مغمى عليه.

سوريا – إدلب – نفذ النظام السوري العديد من الهجمات بالسلاح الكيماوي على مناطق المعارضة (مواقع التواصل)
نفذ النظام السوري العديد من الهجمات بالسلاح الكيميائي على مناطق المعارضة (مواقع التواصل)

شاهد وناج

بعد ساعات من جلسات الأكسجين في مستشفى الشفاء بالمدينة، نجح الأطباء في إنقاذ حياة أيوب الذي تبين أنه تعرّض مع آخرين من سكان المدينة لقصف بغاز الكلور السام من مروحيات النظام السوري، لتتكشف حينها تفاصيل إحدى هجمات النظام بالسلاح الكيميائي المحرّم دوليا.

ويصف أيوب نفسه بأنه ناج من الموت المحقق وشاهد على أحد انتهاكات النظام السوري بحق المدنيين السوريين في مناطق سيطرة المعارضة.

وحتى اليوم، لا تزال آثار الإصابة تلازم الشاب أيوب، فهو يعاني من ضيق في التنفس ودوار في الرأس بين الحين والآخر، ويشعر بحالة خوف من أقل صوت مرتفع أو إغلاق باب.

ولدى معرفته بتقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية عن قصف سراقب الذي كان أحد ضحاياه والناجين منه، طالب أيوب المجتمع الدولي بمحاسبة النظام السوري على جرائمه التي تسببت في مقتل وتهجير مئات الآلاف من السوريين.

سجل حافل

وإذا كانت قصة الشاب أحمد أيوب تروى كشاهد على هذا الهجوم، فإن مئات الضحايا لم ينبسوا ببنت بشفة بل فارقوا الحياة بصمت، ضمن سلسلة من الضربات استخدم فيها النظام السلاح الكيميائي على مدى عقد تقريبا من عمر الثورة في سوريا.

ويمتلك النظام السوري سجلا حافلا بالهجمات الكيميائية على المدنيين في مناطق المعارضة السورية، والتي أزهقت أرواح المئات منهم اختناقا بالغازات السامة، وهي هجمات توزعت على الجغرافية السورية وجاءت في أوقات زمنية مختلفة ترتبط بأحداث عسكرية واقتحام لمدن وقرى سورية.

من أولى الهجمات التي نفذها النظام السوري ما وقع في مارس/آذار 2013 من استهداف بلدة خان العسل بريف حلب، وراح ضحيته 20 قتيلا و80 مصابا، بينهم مدنيون وجنود من قوات النظام.

سوريا – إدلب – ينشد أهالي ضحايا القصف الكيماوي في سوريا محاسبة النظام على جرائمه – (مواقع التواصل)
أهالي ضحايا القصف الكيميائي في سوريا يطالبون بمحاسبة النظام على جرائمه (مواقع التواصل)

ويعتقد أن قوات النظام قامت وقتها للمرة الأولى بتجربة غاز الأعصاب على نطاق ضيق في منطقة موالية للنظام، حتى تلصق التهمة بالمعارضة باستخدام الغازات السامة.

ويعتبر الهجوم على الغوطة الشرقية بريف دمشق في أغسطس/آب 2013 أبرز الهجمات التي نفذها النظام السوري ولاقت ردود فعل عنيفة عالميا، حيث كان من المتوقع أن يكون هناك تحرك عسكري ضده بعد مقتل 1500 مدني وإصابة أكثر من 5 آلاف آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء.

وشمالا في ريف إدلب، نفذ النظام السوري هجوما كيميائيا على مدينة خان شيخون في 7 أبريل/نيسان 2017، أودى حينها بحياة أكثر من 100 مدني وأكثر من 400 مصاب معظمهم من الأطفال، وشكل هذا الهجوم صفعة جديدة في وجه العدالة ومحاسبة الجناة.

بعد عام، وفي تاريخ 4 أبريل/نيسان 2018، قصف النظام السوري مدينة دوما -التي كانت تخضع آنذاك للمعارضة السورية- بغاز الكلور السام، وكانت المدينة حينها تقاوم أعنف هجمات النظام السوري البرية، فقتل خلال القصف بالكلور 150 مدنيا وأصيب المئات بحالات اختناق.

تقارير وعقوبة

والاثنين الماضي، خلص تقرير أصدرته منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى تأكيد قيام النظام السوري بقصف مدينة سراقب بريف إدلب عام 2018 بغاز الكلور السام.

وقال التقرير: "هناك أسباب معقولة للاعتقاد بأنه قرابة الساعة 21:22 من يوم 4 فبراير/شباط 2018، ضربت مروحية عسكرية تابعة للقوات الجوية العربية السورية خاضعة لسيطرة قوات النمر شرق مدينة سراقب، بإسقاط أسطوانة واحدة على الأقل، حيث تمزقت الأسطوانة وأطلق الكلور على مساحة كبيرة، مما أثر على 12 فردا".

ويعتقد عبد العزيز الحمود -وهو أحد أهالي ضحايا القصف على خان شيخون بالكيميائي- أن مقولة "من أمن العقوبة أساء الأدب" تنطبق تماما على الحالة السورية والمجازر الكيميائية، "فالنظام السوري مستمر في الانتهاكات بحق الشعب يوما بعد آخر، بعد أن تأكد أنه سوف يفلت من العقاب بعد عدة انتهاكات".

المصدر : الجزيرة