زلزال حوار ميغان مستمر.. قرارات مرتقبة لملكة بريطانيا لدفع تهمة العنصرية

يصف الإعلام نية القصر تعيين مسؤول عن التنوع داخل البلاد، بأنها خطوة كبيرة جدا من أجل حماية حقوق الأقليات، خصوصا أن الأخبار تقول إن هذا القرار يحظى بالدعم الكامل من الملكة وكبار الأسرة الملكية.

Headlines after Queen Elizabeth's respond to Harry and Meghan's interview
عناوين الأخبار بعد ردّ الملكة إليزابيث على مقابلة هاري وميغان (الأناضول)

تستمر تداعيات الحوار التاريخي للأمير البريطاني هاري وزوجته ميغان، الذي تحدثا فيه عن وجود عنصرية داخل الأسرة الملكية البريطانية تجاه الأشخاص الملونين، وكشفت تقارير إعلامية بريطانية عن نية القصر الملكي تعيين مسؤول عن التنوع لتطبيق سياسة صارمة تحترم التنوع بين العاملين في المؤسسات التابعة للأسرة الملكية.

وأظهرت التقارير التي نقلت الخبر عن مسؤول من داخل قصر باكنغهام أن الملكة إليزابيث الثانية هي من تسلّمت ملف الاتهامات العنصرية داخل المؤسسة وسط ضغوط إعلامية وسياسية متزايدة في المملكة المتحدة لتقديم ردّ مقنع على هذه الاتهامات غير المسبوقة.

ويلجأ عادة القصر في بريطانيا إلى تسريب الأخبار لوسائل الإعلام إذا ما أراد إيصال رسالة غير رسمية لجهة ما، وهذه المرة الرسالة موجهة إلى الزوجين هاري وميغان بأن الملكة لا تتعامل باستخفاف مع تصريحاتهما، عقب تقارير إعلامية أميركية قالت إن الزوجين يشعران بالغضب والإحباط لعدم فتح القصر أي تحقيق لمعرفة الشخص الذي سأل عن لون جنين ميغان.

Britain's Prince Harry and Meghan, Duchess of Sussex are seen with their baby son at Windsor Castle
حوار الأمير هاري وزوجته ميغان هزّ الأسرة المالكة بعد حديثهما عن العنصرية داخل القصر (رويترز)

تداعيات الزلزال

ويصف الإعلام نية القصر تعيين مسؤول عن التنوع داخل البلاد، بأنها خطوة كبيرة جدا من أجل حماية حقوق الأقليات، خصوصا أن الأخبار تقول إن هذا القرار يحظى بالدعم الكامل من الملكة وكبار الأسرة الملكية.

وحتى لا تظهر الخطوة وكأنها ردّ فعل على الحوار الشهير، فإن مصادر القصر قالت إن الفكرة كان يُعدّ لها قبل أشهر، حسب ما ذكرت صحيفة "ديلي تلغراف" (The Daily Telegraph) التي أضافت أن العاملين في القصر سوف يبدؤون حصص "الاستماع والتعلم" في الأسابيع المقبلة، التي ستشمل الحديث مع شخصيات ومؤسسات لفهم كيف يمكن للمؤسسة الملكية أن تزيد من التنوع في محيطها.

وتشير التوقعات إلى أن الكثير من العمل سيُنفّذ في مدة وجيزة، وربما قد يؤثر ويغير من شكل البلاط الملكي في قصور باكنغهام وكينزينتون وبقية الإقامات الملكية.

أما عن المهمة التي ستوكل للمسؤول عن التنوع في القصور الملكية فهي تقوية حضور الأقليات والإثنيات المختلفة وذوي الاحتياجات الخاصة، كما سيكون عليه التعامل مع تصريحات ميغان المتعلقة بالعنصرية لدراستها ومحاولة فهم الأسباب التي أوصلت الأميرة إلى درجة التفكير في الانتحار.

ونقلت صحيفة "تايمز" (The Times) البريطانية عن مصدر مقرب من الملف بأن الموضوع "جدّي جدا"، معبّرا عن أسفه لكون البلاط الملكي كان يتوفر في السابق على برامج وسياسات للتنوع "لكننا مع الأسف لم نلاحظ أي تقدم أو تحسن، وهذا أمر لم يعد مقبولا بعد الآن".

والمصدر نفسه ينفي أن يكون الحرج أو الخوف هو الدافع لهذه الخطوة بقدر ما هي "الرغبة في التطوير خصوصا أن التفكير في مسألة التنوع واحترام الاختلاف كان مفتوحا منذ مدة بعيدة، والآن حان وقت العمل وهناك دعم كامل لهذه التغييرات من الأسرة الملكية".

وتتحرك المؤسسة الملكية بحذر شديد في هذا الملف، ولا تريد الاستعجال في اتخاذ أي قرار يقرأ أنه اعتراف بوجود جو من العنصرية داخل أروقة القصور، ولهذا فالتعيين لم يُعلن ولم تُسرّب هذه الأخبار لتهدئة الرأي العام وإظهار مبادرة الملكة إلى إصلاح الأضرار التي أحدثها حوار ميغان، ولهذا تشدد المصادر التي تحدثت إلى الإعلام البريطاني على أن "الوقت لم يحن لإعلان خطوة تعيين مسؤول عن التنوع رسميا".

وتستمر المؤسسة الملكية البريطانية في التعامل مع هذه الأزمة بإستراتيجية امتصاص الغضب واستيعاب الصدمة، إذ تمزج في كل قراراتها وتصريحاتها الرسمية أو المسرّبة بين دفع تهمة العنصرية عنها وتفهّم المطالب بالقيام بالمزيد، وهو ما تنقله صحيفة ديلي تلغراف عن مسؤول في القصر الملكي بوجود "وعي بقصور الإجراءات التي اتُّخذت لضمان تنوع أكثر في البلاط الملكي إذ إنها لم تسر بالشكل المطوب، ولم تأت بالنتائج المأمولة".

تقارير تشير إلى اتساع الخلاف بين هاري ووالده تشارلز في حين أن الملكة هي الشخصية الوحيدة التي ذكرها هاري بالخير (رويترز)

خلافات مستمرة

وإذا كان من شخص قادر على حلّ أزمة حوار ميغان فهو الملكة إليزابيث، فكل التقارير سواء في المملكة المتحدة أو الولايات المتحدة تظهر اتساع هوّة الخلاف بين هاري وشقيقه وليام ووالده تشارلز، أما الملكة فهي الشخصية الوحيدة التي ذكرها هاري بالخير.

وظهر مدى حنق وليام من تصريحات أخيه هاري عندما انتفض في وجه الصحفيين في أثناء ممارستة أحد أنشطته، وهو يقول إن الأسرة الملكية بعيدة جدا عن العنصرية، ووعد بالاتصال بأخيه لفهم الموضوع وهي الاتصالات التي وصلت إلى طريق مسدود، ولم تكن منتجة، حسب ما كشف المقدم الأميركي غايل كينغ الذي أكد أن العلاقة بين الأخوين ما زالت متوترة.

وينقم وليام على أخيه بسبب كثير من الأمور، أولها وصفه تسريبات إعلامية "بالتقليل من احترام الملكة"، وثانيها "محاولة إظهار الأميرة كيت بصورة سيئة وسلبية".

ونقلت صحيفة "ديلي ميل" (Daily Mail)، عن مصادر مقربة من الأميرة تشارلز والد هاري أن العلاقة ما زالت متوترة بين الطرفين وليس هناك أي تواصل بينهما ولا يظهر أن تشارلز قد غير من موقفه بعد الحوار إذ يواصل مقاطعة ابنه.

وحالة الغضب هذه أصابت حتى الأمير هاري الذي يرى أن القصر يتعامل بمعايير مزدوجة، فبينما فتح وبسرعة تحقيقا في اتهامات بالتنمّر ضد ميغان بسبب شكايات قدمها عاملون اشتغلوا معها أثناء وجودها في بريطانيا، لم يتم التحرك بالسرعة ذاتها لفتح تحقيق بشأن تهم العنصرية.

ولزيادة الضغط على قصر باكنغهام يؤكد مقربون من ميغان أن كل تصريحاتها واتهاماتها موثقة وتتوفر على الأدلة، وهي مستعدة لتقديمها لأي لجنة تحقيق تُشكّل.

ويبدو أن قرار المؤسسة الملكية هو الوفاء لبرودة الدم البريطاني بمحاولة حلّ الأزمة داخليا، والابتعاد عن ردود الفعل المثيرة للجدل واحتواء الأزمة دون الذهاب بعيدا في التحقيق في مزاعم العنصرية داخل البلاط.

المصدر : الجزيرة