ليبيا.. ما فائدة القرار الأممي بحظر الأسلحة إذا لم يردع المخالفين؟

تقرير سري للأمم المتحدة: مرتزقة يقاتلون بجانب حفتر يتبعون شركتين بدبي
صور لمقاتلين مرتزقة في بنغازي (الجزيرة-أرشيف)

أكّد تقرير أعدّه خبراء في الأمم المتحدة أن حظر الأسلحة المفروض على ليبيا منذ إسقاط نظام معمر القذافي عام 2011 "غير مجد إطلاقا"، ووثق التقرير عدة تجاوزات ومخالفات، مقابل عجز كامل في ردع المتورطين أو معاقبتهم.

وأوضح التقرير الأممي المكون من 550 صفحة، أن دولا في الأمم المتحدة تنتهك قرار حظر التسليح في ليبيا "تدعم بشكل مباشر أطراف النزاع"، مما يشير إلى "ازدراء تام لإجراءات العقوبات".

وخلص التقرير إلى أن سيطرة الدول المنتهكة لحظر التسليح على "شبكة الإمداد بأكملها، تعقد رصد هذه النشاطات وقطعها وحظرها"، بعد استعانة الخبراء بصور ورسوم بيانية وخرائط للفترة الممتدة من أكتوبر/تشرين الأول 2019 وحتى يناير/كانون الثاني 2021.

وأفاد التقرير الأممي بأن "لا شيء يشير إلى انسحاب مرتزقة شركة فاغنر الروسية من ليبيا، على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2020″، مؤكدين أن عدد هؤلاء المرتزقة قد يصل إلى نحو ألفي شخص.

ليبيا / طرابلس / صور لمرتزقة أفارقة في شوارع مدينة هون بمنطقة الجفرة وعلى الطريق الواصل بين سرت والجفرة
صور لمرتزقة أفارقة على الطريق الواصل بين سرت والجفرة (الجزيرة-أرشيف)

معطيات وأدلة

وذكر الخبراء الستة أن شركات روسية أخرى ساهمت في تجديد طائرات مقاتلة داعمة للواء المتقاعد خليفة حفتر.

وكشف التقرير أن الأميركي إريك برنس مؤسس شركة بلاك ووتر الأمنية الأميركية، متهم بـ"إرسال أو السعي إلى إرسال مرتزقة أجانب وأسلحة ومروحيات هجومية مسلحة إلى خليفة حفتر، عندما كان يحاول في عام 2019 إسقاط الحكومة الليبية المعترف بها دوليا من قبل الأمم المتحدة".

وأوصى خبراء الأمم المتحدة في التقرير بأن يفرض مجلس الأمن الدولي على الطائرات التي انتهكت حظر التسليح إلى ليبيا، "إجراءات لإلغاء ترخيصها ومنعها من التحليق والهبوط".

وقد واجهت: الإمارات والأردن وروسيا وسوريا ومصر، انتقادات لدعمها اللواء المتقاعد خليفة حفتر، المتهم بارتكاب جرائم حرب عند محاولته الإطاحة بحكومة الوفاق المعترف بها دوليا، بعد هجومه على العاصمة طرابلس، بينما انتقدت أطراف دولية تركيا لدعمها السلطات الشرعية في طرابلس.

عجز عن الردع

وأكد عضو المجلس الأعلى للدولة بالقاسم دبرز أن تقرير الخبراء الصادر بشكل دوري بخصوص ليبيا، عادة ما يشير إلى التجاوزات والمخالفات، ويقابلها عجز كامل عن ردع المتورطين ومعاقبتهم.

وأضاف رئيس لجنة الأمن في المجلس الأعلى للدولة -للجزيرة نت- أن "السبب الرئيسي هو أن بعض مرتكبي هذه التجاوزات هم أعضاء دائمون في مجلس الأمن الدولي، مثل روسيا وفرنسا، ولذلك لا جدوى من قرار حظر الأسلحة على ليبيا، لأن بعض الأطراف أمنت العقوبة لعدم وجود من يعاقبها أو يعاقب وكلاءها في المنطقة، مثل الإمارات ومصر".

ويرى دبرز أن قرار حظر الأسلحة إذا لم يحظ بمراقبة دقيقة للحدود والمنافذ بطريقة سيادية، فلا جدوى منه، خاصة عندما تكون هناك دولة جارة مثل مصر تمتلك حدودا برية مشتركة مع ليبيا تفوق 700 كيلومتر.

وأفاد دبرز بأن الظروف مهيأة هذه الفترة في ليبيا لفعل الكثير، في ظل الاتجاه إلى السلم وتوحيد المؤسسات واستلام حكومة الوحدة الوطنية مهامها في كامل التراب الليبي.

إرادة مسلوبة

بدوره، يرى عضو المجلس الأعلى للدولة أحمد لنقي أن تقرير خبراء الأمم المتحدة يشير إلى حقيقة أن الليبيين مسلوبي الإرادة الوطنية والسياسية.

وقال لنقي إن "الصراع الحقيقي في ليبيا بين أقطاب إقليمية ودولية تسعى كل دولة منها لمصلحتها الخاصة، كأن ليبيا دون راع ويجب فرض وصاية دولية عليها، في إطار استباحة أعضاء مجلس الأمن الدولي للأراضي الليبية".

وتابع في حديثه للجزيرة نت أن "بعض أعضاء مجلس الأمن الدولي ممن لديهم حق الاعتراض الفيتو، لن يمتثلوا لأي قرار دولي بشأن حظر الأسلحة على ليبيا".

وأوضح أن الليبيين يجب أن يعملوا على استرداد الإرادة السياسية والقرار السيادي بتوحيد الجهود نحو لمّ الشمل وتوحيد مؤسسات الدولة وخاصة العسكرية، إضافة إلى أن حكومة الوحدة الوطنية لها دور كبير لتحييد الدول المتدخلة في الشأن الليبي مع ضمان المصالح الأمنية والاقتصادية المشتركة.

تقارير مهمة للتوثيق

من جانبه، اعتبر حافظ الغويل عضو معهد الدراسات الدولية بجامعة جونز هوبكنز، التقارير الأممية مهمة لتوثيق ما يجري في ليبيا في ملف حظر الأسلحة.

وأفاد الغويل بأن فائدة التقارير الدولية وجود منظمات مستقلة وقوى سياسية داخل دول أعضاء مجلس الأمن الدائمي العضوية، أغلبها دول ديمقراطية تستطيع الضغط في اتجاه أن تتخذ هذه الدول مواقف صحيحة من دول الأزمات.

وأضاف الغويل للجزيرة نت "ليس من الغريب أن الحظر ليست له قيمة حقيقية اليوم، لأن الأمم المتحدة ومجلس الأمن لم يضعا عقوبات صارمة على من لا يقبل أو يخرق حظر الأسلحة، وعندما لا يكون هناك عقاب وموقف سياسي موحّد من المجتمع الدولي، فإن هذه الدول لن تتوقف عن انتهاك الحظر".

ويرى الغويل أن الأمم المتحدة إذا فشلت في تطبيق عقوبات على الدول المنتهكة لحظر الأسلحة في ليبيا، فذلك يعني أن هناك دولا أخرى في المستقبل ستسلك نفس المسار في انتهاك أي حظر أممي في مناطق أخرى في العالم.

ليبيا/ طرابلس/ مرتزقة فاغنر في منطقة الجفرة في وسط ليبيا
الوجود الروسي شرق ليبيا عبر مرتزقة فاغنر في منطقة الجفرة وسط ليبيا (الجزيرة-أرشيف)

تقارير مكررة

في المقابل، يرى مدير مركز إسطرلاب للدراسات عبد السلام الراجحي أن التقرير العاشر الصادر من لجنة الخبراء في مجلس الأمن لا يختلف عن التقارير السابقة التي تتحدث عن انتهاك حظر الأسلحة إلى ليبيا، ما عدا الزيادة في عدد الدول المتدخلة.

وصرّح الراجحي للجزيرة نت بأن الفريق الأممي يتحدث عن الدور المصري الإماراتي في إمداد الطرف المتمرد في شرق ليبيا، وأصبح اليوم يتحدث عن دور أردني وروسي في دعم حفتر.

وأشار الراجحي إلى أن الفريق الأممي مهمته فقط إمداد مجلس الأمن الدولي بالمعلومات الدقيقة، ولكن مجلس الأمن لم يتخذ أي إجراء حقيقي تجاه هذه الدول المنتهكة، وحتى الشركات المتورطة عوقبت سابقا على استحياء.

المصدر : الجزيرة