اليمن.. هذا ما حدث خلال اقتحام قصر معاشيق الرئاسي بعدن

قبل أحداث أغسطس/آب 2019 وسيطرة المجلس الانتقالي على عدن، كانت قوات الحماية الرئاسية تتولى حماية قصر معاشيق، ولكن عقب عودة الحكومة اليمنية قبل بضعة أسابيع، تولت قوات من المجلس الانتقالي حماية القصر.

اقتاحم متظاهرين في عدن البوابة الأولى لقصر معاشيق الرئاسي، مقرِ الحكومة اليمنية
لحظة خروج المتظاهرين الذين اقتحموا القصر الرئاسي في عدن (الجزيرة)

دبت حالة من الفوضى في مجمع معاشيق الرئاسي الواقع على رابية جنوبي مدينة عدن (العاصمة اليمنية المؤقتة)، بعد اقتحام عشرات الأشخاص بواباته من دون ممانعة، وقاموا بمحاصرة بعض الوزراء داخل مقر سكنهم في القصر، قبل أن ينسحبوا في وقت لاحق.

وتتخذ حكومة تقاسم السلطة -التي تشكلت وفق اتفاق الرياض بين حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي والمجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات- المجمع مقرًّا لها منذ عودتها إلى المدينة أواخر العام المنصرم، غير أن الحادث كشف عن هشاشة سلطتها بعد أن عجزت عن حماية معقلها.

وقال شهود عيان للجزيرة نت إن المقتحمين قدموا إلى مديرية خور مكسر عند الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي على متن حافلات، قبل أن يتجمعوا أمام ساحة البنوك، ويسيروا إلى المجمع الرئاسي رافعين شعارات مناوئة للحكومة.

واتخذ المقتحمون من تردي الأوضاع المعيشية مبررا لمظاهرتهم التي سارت باتجاه مقر الحكومة، رغم أنه كان من المخطط لها أن تكون في ساحة البنوك، ولم يمر وقت طويل حتى فُتحت لهم البوابة الأولى والثانية للمجمع الرئاسي، حسب شهود العيان.

حماية المجمّع

وتتولى قوات من الحزام الأمني التابع للانتقالي حماية المجمع الرئاسي، فقوات اللواء الأول حماية رئاسية التابعة للحكومة التي يناط بها حماية القصر تمنع عودتها من قبل الانتقالي، خلافا لما نص عليه الملحق العسكري لاتفاق الرياض.

وقال مصدر أمني في المجمع الرئاسي للجزيرة نت إن قوات الحزام الأمني قد تكون متواطئة في الحادث، مشيرا إلى أن عملية الاقتحام لم تسفر عن مواجهات بين المقتحمين وقوات الحراسة التي انسحبت إلى الخلف.

وحسب تقديره، فإن معظم المقتحمين عناصر أمنية تابعة للانتقالي بلباس مدني.

ويحتوي المجمع الرئاسي على مجمعات إدارية وسكنية، في حين ما يزال القصر الرئاسي أطلالا؛ إثر شن مقاتلات التحالف السعودي الإماراتي غارات مكثفة عليه إبان سيطرة الحوثيين عليه منتصف عام 2015.

ووفق المصدر، فإن القوات السعودية التي تعزز الحماية الأمنية حول القصر اتخذت وضعا محايدا، ورفضت التدخل، واكتفت بحماية طاقم الحكومة والوزراء.

مصير الوزراء

بعد تجاوز المقتحمين البوابات الرئيسية للمجمع، بدا أن وضع رئيس الحكومة معين عبد الملك ووزراء الحكومة في خطر، في وقت دفع فيه إطلاق نار محدود في الهواء من قِبل قوات الحراسة القوات السعودية لتأمين رئيس الحكومة.

وقال مصدر حكومي للجزيرة نت إن القوات السعودية نقلت عبد الملك على متن مدرعة تابعة لها إلى مقرها بجوار المجمع الرئاسي، في حين بقي طاقمه الحكومي.

وفي ذلك الوقت، كان المقتحمون قد وصلوا إلى قرب المجمعات الإدارية والسكنية للوزراء، لتفرض عليهم قوات الحراسة التوقف هناك.

وحسب المصدر ذاته، فإن بقية الوزراء ظلوا في المجمع، ولم يغادروه حتى اللحظة، رغم تقارير إعلامية تحدثت عن نقلهم إلى مقر التحالف في حي البريقة (غربي المدينة).

وبينما كان المقتحمون يجولون في مرافق المجمع الرئاسي ويوثقون لحظة الاقتحام بهواتفهم، كان موالون للمجلس الانتقالي يحاصرون ديوان وزارة الداخلية في مديرية خور مكسر، حين كان يتواجد الوزير إبراهيم حيدان.

ويعد حيدان واحدا من أبرز الشخصيات التي يكن لها المجلس الانتقالي العداء.

اتهام وثأر

واتهم المصدر الحكومي المجلس الانتقالي بالمسؤولية، وقال إن الحادث لم يكن مجرد احتجاج عفوي أو عشوائي، بل كان عملا مدبرا ومنظما، مشيرا إلى أن "الانتقالي" طالما تحجج بتردي الأوضاع المعيشية لإحداث اضطرابات في المدينة.

وأضاف "حين عجز الانتقالي عن تمرير بعض القضايا لجأ لاستخدام ورقة الشارع للضغط من أجل تمرير هذه المطالب والوصول إلى التحكم في قرار الحكومة".

من جهة أخرى، قال أحمد سعيد بن بريك رئيس ما تعرف بالجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيًّا، إن اقتحام المجمع الرئاسي ثأر للمتظاهرين في سيئون الذين أُجبروا على فض احتجاجات منددة بغلاء المعيشة.

وأضاف بن بريك على تويتر أن "الجنوب دائما يحلق فوق العلالي بجناحي حضرموت وعدن وبقية محافظات الجنوب، هم الجسد لهذين الجناحين، إرادة شعب الجنوب دوما تنتصر".

وهدد بن بريك بإعلان البيان رقم واحد من ساحة خور مكسر بعد فترة وجيزة، مشيرًا إلى أن "الخطة (ج) أبين ولحج اليوم وغدا سنقلب الطاولة ولا مجال للمراوغة.

جهود ومغادرة

وعند الساعة الواحدة، بدأ المقتحمون مغادرة المقر الرئاسي، بعد أن وصل وزير الخدمة المدنية في الحكومة التابع للانتقالي عبد الناصر الوالي ومدير أمن عدن اللواء مطهر الشعيبي، وقاد الاثنان جهودًا لإقناع المحتجين بالمغادرة.

وقال شهود عيان إن حركة المرور عادت إلى طريق خور مكسر المؤدي إلى المجمع الرئاسي.

ويرى المحلل السياسي محمد الأحمدي أن ما يحدث في عدن جولة أخرى من جولات العبث الذي تمارسه الإمارات عبر أدواتها المحلية لتخدم مع مليشيا الحوثي عملية تقويض حضور الحكومة الشرعية، خاصة في أعقاب الانتصارات العسكرية التي تحققها القوات الحكومية ضد مليشيا الحوثي في مأرب وتعز.

وقال للجزيرة نت إن الإنجازات العسكرية للقوات الحكومية أمر لم يستطع تحمله الانتقالي ومن ورائه أبو ظبي.

المصدر : الجزيرة