بايدن يبدأ خطوات مواجهة الصعود الصيني

على الرغم من ارتفاع درجة الاستقطاب في النظام السياسي الأميركي حاليا بصورة غير مسبوقة، فإن هناك قدرا لا بأس به من الإجماع على ضرورة مواجهة سياسات الصين بين الديمقراطيين والجمهوريين.

الرئيس بايدن
بحسب خبراء، فإن سياسة بايدن تجاه الصين تبدأ بالحلفاء والشركاء، وليس بالاندفاع إلى بكين للتفاوض على شروط مستقبل المنطقة (الجزيرة)

قبل نهاية عام 2019، كتب كورت كامبل وجيك سوليفان مقالا مشتركا في دورية "فورين أفيرز" (Foreign Affairs) المرموقة، طالبا فيه بضرورة انتهاء مرحلة الشراكة مع الصين دون رجعة، والاستعداد لمرحلة المواجهة.

واليوم، بعد عامين من نشر هذه الدراسة، أصبح كامبل المستشار الأهم للرئيس الأميركي جو بايدن بشأن الصين، وعُين مديرا للملف الصيني في مجلس الأمن القومي الذي يترأسه جيك سوليفان.

ويبدو أن واشنطن تبدأ بالفعل خطوات تطبيق ما كتبه مستشارو الأمن القومي للرئيس بايدن تجاه الصين.

أحداث مثيرة ومتسارعة ومتنوعة يشهدها هذا الأسبوع، لا تشير إلا لاستمرار تدهور العلاقات بين واشنطن وبكين، على الرغم من عدم اعتراف الطرفين بذلك.

فقد بدأ الأسبوع بلقاء قمة افتراضي بين دول "كواد" الأربع (الولايات المتحدة والهند واليابان وأستراليا) التي يجمعها قلق متزايد ومشترك من تهديدات الصين ورغباتها التوسعية في مناطق المحيطين الهندي والهادي.

ونبعت فكرة "الحوار الأمني الرباعي" من رئيس وزراء اليابان السابق شينزو آبي، ورغبته في خلق تحالف يوازن العلاقات مع قوة الصين الصاعدة.

وترددت أستراليا والهند في البداية، وحذرتا من فكرة استعداء الصين، إلا أن صيغة الحلف الرباعي أصبحت مناسبة لمواجهة السياسات العدائية للصين، بعد تدهور علاقات الدولتين معها خلال السنوات الأخيرة.

ويعدّ هذا الاجتماع المتعدد الأطراف الأول الذي يشارك فيه الرئيس بايدن منذ وصوله إلى الحكم قبل أقل من شهرين، وهو أمر قال عنه مستشار الأمن القومي جيك سوليفان إنه كان متعمدا، في وقت تتجنب فيه الدول الأربع بشكل عام تسمية الصين مباشرة محورا لأنشطتها.

ويقول خبير الشؤون الصينية في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي (Carnegie Endowment for International Peace) إيفان فايغنباوم إن "سياسة بايدن تجاه الصين تبدأ بالحلفاء والشركاء، وليس بالاندفاع إلى بكين للتفاوض على شروط مستقبل المنطقة".

كذلك من المنتظر أن يلتقي الطرفان قبل نهاية الأسبوع في اجتماع ثنائي تستضيفه ولاية آلاسكا، ويجمع وزيري خارجية ومستشاري الأمن القومي للصين والولايات المتحدة.

وقبل ذلك يتوجه وزير الخارجية أنتوني بلينكن ووزير الدفاع الجنرال لويد أوستن إلى كوريا الجنوبية واليابان، في زيارتهما الخارجية الأولى التي تعكس اهتمام إدارة بايدن المتزايد بالتحدي الصيني، وتهدف لتعزيز تحالفات واشنطن تجاه الصين.

وثيقة توجيه إستراتيجي تستهدف الصين

بعد شهر ونصف في البيت الأبيض، أصدرت إدارة بايدن في بداية مارس/آذار الجاري وثيقة "التوجيه الإستراتيجي المؤقت لإستراتيجية الأمن القومي"، التي تتضمن توجهات الإدارة الجديدة لوكالات الأمن القومي حتى تتمكن من العمل على مواجهة التحديات العالمية، بعد 4 سنوات من حكم الرئيس السابق دونالد ترامب.

وجاء ذكر الصين 15 مرة في الوثيقة التي لم تتعد 20 صفحة من الحجم الصغير، ولم تأت على ذكر روسيا إلا 5 مرات. وأشارت الوثيقة إلى ضرورة تأهب الولايات المتحدة لمخاطر الصين، بالقول "يجب علينا أيضا أن نتأهب لحقيقة أن توزيع السلطة في جميع أنحاء العالم يتغير، مما يخلق تهديدات جديدة".

وذكرت الوثيقة أن الصين على وجه الخصوص أصبحت وبسرعة أكثر حزما وتصميما، وهي المنافس الوحيد القادر على الجمع بين القوة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتكنولوجية، وتحدي النظام الدولي المنفتح والمستقر.

واتفق خبير العلاقات الأميركية الصينية في مجلس العلاقات الخارجية جوش كورلانتزيك، مع أن إدارة بايدن تتجه لتبني سياسات متشددة تجاه الصين.

وأشار كورلانتزيك -في حديث للجزيرة نت- إلى أنه على الرغم من ارتفاع درجة الاستقطاب في النظام السياسي الأميركي حاليا وبصورة غير مسبوقة، فإن هناك قدرا لا بأس به من الإجماع بين الديمقراطيين والجمهوريين على ضرورة مواجهة سياسات الصين، وقال "أعتقد أنه قد تكون هناك بعض الاختلافات الصغيرة نسبيا بين الاثنين، لكن ليس بدرجة كبيرة كما قد يعتقد البعض".

دعوات لعقاب الصين

ويزداد يقين المعلقين الأميركيين أن الولايات المتحدة -بحماقة غير مقصودة- مكّنت ما وصفوه بالنظام الشيوعي القمعي في الصين من الصعود والنمو، ولم تلتفت للخطر إلا بعدما أصبحت الصين أكبر تهديد للأمن القومي والاقتصادي الأميركيين.

واتهم ريك سكوت السيناتور الجمهوري من ولاية فلوريدا، السياسيين في واشنطن ومجموعات الأعمال -مثل غرفة التجارة الأميركية- بحماية المصالح الصينية والإضرار بالشركات الأميركية، وأشار إلى أنهم أكثر اهتماما بالأرباح القصيرة الأجل من مستقبل بلدنا.

ودعا سكوت -في مقال كتبه لموقع شبكة فوكس الإخبارية- لتبني إستراتيجية رباعية لردع الصين، تتكون من النقاط التالية:

  1. يتعين علينا الاستمرار في اتباع السياسات التجارية التي تضمن تجارة عادلة للولايات المتحدة.
  2. على الولايات المتحدة أن تتخذ خطوات حاسمة وإستراتيجية لإخراج الصين الشيوعية من سلسلة التوريد الأميركية، مع دعم عودة الصناعات الحيوية إلى الأراضي الأميركية، وتعزيز سياسات شراء المنتجات المصنعة أميركيا.
  3. إشراك المجتمع الدولي وحلفاء واشنطن في حملة ضغط قصوى على الصين الشيوعية، حتى تمتثل لجميع قوانين التجارة الأميركية والدولية.
  4. على الولايات المتحدة أن تقود العالم وتتخذ إجراءات جريئة لتسليط الضوء على انتهاكات الصين الشيوعية الفظيعة لحقوق الإنسان والإبادة الجماعية المروعة التي ترتكبها ضد شعبها.

الصين الشيوعية وألمانيا النازية

وانضم السيناتور سكوت إلى مطالبة السفيرة السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي بضرورة مطالبة اللجنة الأولمبية الدولية بنقل ألعابها الشتوية لعام 2022 إلى خارج الصين، ما لم تعالج بكين انتهاكاتها لحقوق الإنسان.

وطالبت هايلي -في تغريدة لها- بانسحاب بلادها من الألعاب الأولمبية الشتوية المقرر عقدها في العاصمة الصينية بكين العام القادم.

وبررت هايلي ضرورة مقاطعة الولايات المتحدة أولمبياد بكين 2022 بتهديدات الصين في الخارج والطغيان في الداخل، وتؤكد هايلي أن خطورة الصين الشيوعية اليوم أكثر مما كانت عليه ألمانيا النازية عام 1936.

المصدر : الجزيرة