المتحدث باسم طالبان محمد نعيم: اتفاق الدوحة هو الأساس وأي مبادرات أخرى لا بد أن تنسجم معه

محمد نعيم قال إن حركة طالبان تريد حكومة مركزية وفق نظام إسلامي، تكون قوية ومستقلة حتى تتمكن من حل مشاكل البلاد.

محمد نعيم قال إن المسار التفاوضي بالدوحة "هو الأساس وهو الأسمى" (الجزيرة نت)

أكد المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة طالبان وعضو وفدها المفاوض بالدوحة محمد نعيم، أن اتفاق الدوحة يبقى الأرضية الوحيدة التي يجب البناء عليها لتعزيز مسار التفاوض بين أطراف عملية السلام في أفغانستان، وقال إن المسارات الجديدة لن تؤثر على الاتفاق، بل يمكنها تسريعه وتحفيزه.

وأشار نعيم في حوار مع الجزيرة نت إلى وجود تعثرات في تنفيذ بعض البنود التي نصّ عليها اتفاق الدوحة، والتي لا تخص حركة طالبان بل الأطراف الأخرى، وقال إن المباحثات مع وفد حكومة كابل تحقق بعض التقدم في ما يخص الاتفاق على أطر عقد الاجتماعات لمناقشة القضايا المختلفة.

وحول وجود مقترحات أميركية تخص تشكيل ائتلاف أو حكومة انتقالية في أفغانستان تكون حركة طالبان جزءا منها، قال نعيم إن الحركة تريد حلولا جذرية للمشاكل الأساسية في أفغانستان، "أما طرح مثل هذه المقترحات فلن يحقق الأهداف ولن يحل المشاكل العميقة، بل يزيدها تعقيدا، ولا يمكن قياس الداخل الأفغاني على تجارب سابقة حول العالم".

وفي ما يأتي نص الحوار:

  • نبدأ من آخر التطورات، فقد أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عزم بلاده جمع أطراف عملية السلام في أفغانستان لعقد اجتماع في إسطنبول في أبريل/نيسان المقبل تنفيذا لرغبة أميركية، وذلك في مقابل مساع روسية لعقد مؤتمر نهاية مارس/آذار الجاري تحضره أميركا والصين وباكستان. ألا تتخوفون من أن يؤثر أيٌّ من المسارات الجديدة على تنفيذ ما جاء في اتفاق الدوحة؟

جميع هذه الدعوات ما تزال تحت الدراسة من قبل حركة طالبان، ولم نعلن موقفنا منها، لكننا نعتقد جازمين أن المسار التفاوضي بالدوحة هو الأساس وهو الأسمى، وإذا جاءت بعض الدعوات لعقد مؤتمرات هنا أو هناك بغرض تسريع هذا المسار وتحفيزه، والدفع باتجاه الوصول إلى حل سياسي نهائي في أفغانستان، فهذا لا نعارضه، على أن تصب مخرجاتها في صلب ما توصلنا إليه في اتفاق الدوحة، وتنسجم معه.

  • تعقدون اجتماعات متواصلة منذ أيام مع وفد الحكومة الأفغانية والمبعوث الأميركي إلى أفغانستان، ومع مبعوثة الأمم المتحدة. ما أبرز القضايا التي ناقشتموها؟

نعم صحيح، على مدى الأسابيع الماضية كانت لنا لقاءات متفرقة مع هذه الأطراف، وهي مستمرة منذ توقيع اتفاق الدوحة. فمع الأميركيين نعقد اجتماعات من وقت لآخر لبحث المشاكل التي تعترض تنفيذ البنود التي تضمنها الاتفاق، وبشأن مباحثاتنا مع المبعوثة الأممية، فقد ناقشنا معها مضامين اتفاق الدوحة بشكل خاص، والرؤية التي يطرحها الطرف الأميركي، وقد أخبرناها أنها لا تزال قيد الدراسة، وسنعلن عن موقف الحركة منها في حينه.

أما اجتماعاتنا مع وفد حكومة كابل فهي مستمرة بشكل شبه يومي تقريبا منذ 2 سبتمبر/أيلول، على الرغم من بعض الوقفات والتعثرات، ونناقش فيها أطر الاجتماعات التي ستعقد بيننا وبينهم بحسب ما اتفق عليه سابقا، من أجل تنزيل مضامين بنوده، وذلك تمهيدا للوصول إلى اتفاق سياسي شامل في أفغانستان، وهي اجتماعات ليست سهلة وتحتاج ترتيبات ناجعة.

  • هناك قضايا لا تزال عالقة ولم تجد طريقها إلى التنفيذ حسب نص اتفاق الدوحة، ومن بينها الإفراج عن سجناء طالبان لدى الحكومة الأفغانية، ورفع اسم الحركة من القائمة السوداء، وكذلك خروج القوات الأجنبية من أفغانستان. ما أسباب التعثر في تنزيلها على الأرض برأيكم؟

بالنسبة لتنفيذ بنود إطلاق سراح سجناء حركة طالبان لدى الحكومة الأفغانية، ورفع اسم الإمارة الإسلامية وبعض قادتها من القائمة السوداء، فنحن لم نناقش هذه القضايا مع حكومة كابل من قبل، ولن نناقشها معها مستقبلا، هذه قضايا تفاوضنا عليها مع الطرف الأميركي وهو المعني بالوفاء بالتزامه في هذا الصدد، وفق ما نص عليه اتفاق الدوحة بشكل صريح، بعد جولات من التفاوض المباشر.

أما خروج القوات الأجنبية من أفغانستان، فهذا مطلب حسمه اتفاق الدوحة، ويناط تنفيذه بالأميركيين، وقد وقّعت عليه الولايات المتحدة نيابة عن القوات الأجنبية جميعها.

  • تلقيتم مقترحات من الطرف الأميركي لها ارتباط باتفاق الدوحة، هل يمكن الإضاءة عليها؟ وهل ستقبلون بأي تعديلات على الاتفاق إذا ما طُرِحت؟

حاليا، لا يمكننا الحديث عن تلك المقترحات ما دامت لا تزال قيد الدراسة داخل حركة طالبان، وسيكون لنا رأي بشأنها في المستقبل، أما عن احتمال إدخال تعديلات على اتفاق الدوحة، فلا يظهر أن هناك إشارات من هذا القبيل، باستثناء وجود بعض التعثر والمشاكل في تنفيذ بنود الاتفاق التي تتعلق بالأطراف الأخرى، وليست خاصة بنا في حركة طالبان، فنحن حريصون على الوفاء بالتزاماتنا، ونحترم ما نوقع عليه.

  • لكن ما نقلته وسائل الإعلام يؤكد أنكم تلقيتم عرضا مدعوما دوليا للمشاركة في حكومة انتقالية أو ائتلاف حاكم في أفغانستان تكونون ممثلين فيه، هل رددتم على هذا المقترح؟

نحن نريد حلّ المشاكل الأساسية في أفغانستان، أما طرح مثل هذه الحلول -كتشكيل حكومة ائتلافية أو انتقالية- فهي مسميات لا تؤدي إلى تحقيق ذلك الهدف، ولن تحل المشاكل العميقة بل تزيدها تعقيدا.

ويكفي أن ننطلق من تجارب بلادنا السابقة طوال 40 عاما، وما شهدته من حروب، فقد تشكلت حكومات انتقالية بعد احتلال الأميركيين لأفغانستان، بعضها انتقالي وآخر تشاركي، لكنها جميعها لم تحل مشاكل بلدنا أو تسهم في إنهاء أزماته. ومن منظورنا، فنحن نريد حكومة مركزية وفق نظام إسلامي، تكون قوية ومستقلة، حتى تتمكن من حل مشاكل البلاد، وهذه أسس لا بد أن تؤخذ بعين الاعتبار.

نقطة أخرى مهمة يجب التنبيه عليها، نحن ليس همنا ولا هدفنا الوصول إلى السلطة أو الحصول على مقاعد، ولم نضعها في بالنا يوما، وإلا لما بذلنا كل تلك التضحيات، فمثل هذه العروض قدمت لنا منذ البداية ولم نقبلها، ما دامت تخالف مبادئنا وقيمنا وحرية بلادنا.

نحن نريد حل مشاكلنا الحقيقية، بأن ينسجم نظام الحكم في أفغانستان مع قيمنا ومبادئ شعبنا، فالتضحيات السخية التي قدمت على مدى 20 سنة، لن نقبل بأن يقابلها الوصول إلى السلطة والحصول على بعض الحقائب، بل تحقيق استقلال البلاد واستقراره، وإقامة نظام حكم إسلامي يحل مشاكل الشعب ويستطيع تلبية مطالبه، ولأجل هذا الهدف الأسمى جاهدنا وضحى شعبنا.

  • بنهاية شهر مايو/أيار المقبل، يفترض أن تنسحب القوات الأميركية من أفغانستان بموجب اتفاق الدوحة. ما الخيارات التي ستتخذونها في حال طرأ طارئ؟

لقد نص اتفاق الدوحة الذي وقع عليه الأميركيون وأيده مجلس الأمن الدولي ودول العالم، بشكل واضح على خروج القوات الأجنبية جميعها من أفغانستان، بما في ذلك القوات الأميركية، بنهاية أبريل/نيسان المقبل، وهذا ما نتوقعه.

نحن لا نفترض أن يتلكؤوا في تنفيذ هذا البند الحاسم، وفي حال حدث عكس ذلك، فعلى من سينقض ما جاء في اتفاق الدوحة بهذا الشأن ويبقي قواته في أفغانستان ويواصل سلب الشعب الأفغاني حريته، أن يتحمل مسؤوليته الكاملة عن ذلك، لأننا سندافع عن شعبنا وقيمه.

  • في الآونة الأخيرة ارتفعت وتيرة العنف في أفغانستان، وما فتئت حكومة كابل توجه إليكم أصابع الاتهام بالمسؤولية عنها، بحجة أنكم تضغطون من أجل تحقيق مكاسب في المفاوضات بالدوحة، فما ردكم؟

بالنسبة لوتيرة العنف كما يسمى، فنحن بعكس ذلك نلاحظ أنها انخفضت بشكل ملفت، ونحن لا نعرف ما الذي يستند إليه القائلون بارتفاعها، بل حتى الأميركيون يؤكدون أنها تقلصت وانخفضت.

ومن قبلنا، فنحن التزمنا منذ البداية بتنفيذ ما تعهدنا به، مثلما التزمنا بكل ما يساعد على حل المشاكل في أفغانستان، وقد قمنا بجهود واضحة، حيث توقفنا عن تنفيذ العمليات الضخمة التي تستهدف المراكز العسكرية والاستخباراتية في المدن الكبرى، كما توقفنا عن إسقاط الولايات والمديريات رغم وجود خطط مسبقة لتنفيذ ذلك، وتوقفنا كذلك عن استهداف مراكز الولايات، وأوقفنا تنفيذ العمليات الاستشهادية.

لكن الآخرين -على عكسنا- لم يلتزموا بتعهداتهم، فهم لغاية اليوم لا يزالون يقصفون المدن، ويستخدمون الطائرات المسيرة، ويشنون الهجمات الليلية، بخلاف المنصوص عليه في اتفاق الدوحة، ونحن لا نزال نقف موقف المدافع عن النفس فقط.

كما أن الجميع يعرف أنه لا يربطنا مع حكومة كابل أي اتفاق يقضي بوقف إطلاق النار، واتفاقنا الوحيد الذي نص عليه اتفاق الدوحة كان مع الأميركيين وحدهم، ونحن ملتزمون به، وإذا حدث أن توصلنا مع حكومة كابل إلى اتفاق لوقف العمليات العسكرية الشاملة، فسنلتزم به بشكل كامل، وسنحرص على تنفيذه على الأرض، نحن نلتزم بما نتفق عليه.

  • ألا تتحملون نصيبا من المسؤولية عن الأعمال العدائية التي تستهدف المدنيين، علما بأنكم تعهدتم بموجب اتفاق الدوحة على خفض العنف، وربطتم وقفه باتفاق سياسي؟

دعني أقول إن من يتحمل المسؤولية عن قتل المدنيين هو المحتل الذي بدأ هذه الحرب على بلادنا قبل 20 عاما، وقتل شعبها وسلب حريته وقصف مدنه وقراه. نحن لم نبدأ الحرب، بل نحن مصرون اليوم على إنهائها، وإخراج القوات الأجنبية التي هي أساس المشاكل في أفغانستان، ولا أعتقد أنه يوجد عاقل في العالم يلوم المطالِب بحقوقه المدافِع عن حرية بلاده، أو يحمله مسؤولية ذلك.

  • ألا يمكن أن تعطوا نفسا لمباحثات الدوحة مع وفد حكومة كابل، وتعلقوا العمليات القتالية في أفغانستان ولو مؤقتا؟

بعد مفاوضات طويلة وشاقة دامت أكثر من 18 شهرا، توصلنا مع الأميركيين إلى وقف لإطلاق النار، فالتزمنا بذلك، أما الطرف الداخلي، وكما قلت سالفا، فنحن ما نزال معه على طاولة المباحثات ومناقشة القضايا العالقة، ونحن نحاول الوصول معه إلى نتائج تفضي إلى وقف نهائي وشامل للعمليات القتالية، يتوجها خروج القوات الأجنبية من أفغانستان، والتوصل إلى حلول لمشاكل البلاد، بشرط مراعاة قيام نظام إسلامي يستجيب لمطالب شعبنا الذي قدّم تضحيات عظيمة لأجل ذلك.

  • الإدارة الأميركية الجديدة تؤكد أنها ستدعم مسار تحقيق السلام الشامل في أفغانستان. إلى أي حد أنتم مطمئنون للإشارات التي تصدر من واشنطن، أو على لسان مبعوثها زلماي خليل زاد؟

نحن نتوقع منهم ذلك ونشجع عليه، لأنه الحل الأمثل. هم يخوضون الحرب منذ 20 سنة، ولم يوفروا شيئا إلا جربوه، وبالتالي هم عرفوا أنه لا حل ممكنا في أفغانستان إلا من خلال المفاوضات، وليس باستخدام القوة، وبالتالي لم يبق أمامهم إلا دعم هذا المسار وتشجيعه، بل من المفروض عليهم دعمه.

  • هل يتوقع أن تقاطع حركة طالبان محادثات الدوحة مثلما فعلت مؤخرا، في حال عدم توفر الأرضية اللازمة للوصول إلى اتفاق سياسي نهائي وشامل في أفغانستان؟

نحن ملتزمون لغاية اليوم بما تعهدنا به، بناء على اتفاق الدوحة والبنود التي نص عليها بشأن القضايا المختلفة، ومن جهتنا لن يكون هناك أي مشاكل ما دام الطرف الآخر ملتزما بالاتفاق وبتنفيذ بنوده، ونحن نتوقع أن يواصل مسار المباحثات طريقه بشكل جيد، يفضي إلى اتفاق سياسي شامل، وإذا صادف أن حدث أي إخلال، فستكون الأطراف الأخرى هي المسؤولة عنه، لا حركة طالبان.

  • هل تبقون على أي هامش لتقديم أي تنازل في حال استدعى الأمر الحفاظ على اتفاق الدوحة وعدم نقضه؟

نحن توصلنا لاتفاق الدوحة عبر مفاوضات مباشرة وعسيرة مع الأميركيين، وبذلنا وسعنا في بحث جميع الأمور والقضايا بدقة، ثم التزمنا بتنفيذ ما تعهدنا به، وسنستمر في تنفيذه اليوم ومستقبلا، وعلى الأطراف الأخرى أن تؤدي دورها بالمقابل، وفق ما اتفق عليه، وبالتالي فلا مجال للحديث عن أي تنازل بعد أن وقعنا على اتفاق الدوحة.

المصدر : الجزيرة