بعد 42 عاما على انتصارها.. 6 أسئلة ترصد حصاد الثورة الإيرانية

4 عقود على سقوط نظام الشاه في إيران وانتصار ثورة الإمام الخميني فماذا أنجزت الثورة حتى اليوم؟

IRAN-FRANCE-TRANSPORT-AIR-HISTORY-KHOMEINI
عودة الإمام الخميني من باريس إلى طهران شكلت لحظة انتصار الثورة الإسلامية في إيران (الفرنسية)

أوضح باحثون إيرانيون في الشؤون السياسية والتاريخية أن تاريخ الجمهورية الإسلامية اتسم بالعديد من الإنجازات العلمية والتقنية والعسكرية خلال العقود الماضية، إلى جانب الإخفاقات التي شكلت عنوانا للتحديات التي أمست تهدد الجمهورية الإسلامية.

وعشية الذكرى الـ42 لانتصار الثورة الإيرانية طرحت الجزيرة نت 6 أسئلة على خبراء وباحثين في معاهد إيرانية للأبحاث، لتسليط الضوء على إنجازات وإخفاقات ثورة بلادهم، والتحديات الماثلة أمامها في الوقت الراهن على الصعيدين الداخلي والخارجي.

  • كيف تعاملت الجمهورية الإسلامية خلال العقود الأربعة الماضية مع شعار "تصدير الثورة" للخارج؟

"اختلفت الأوساط الإيرانية بشأن تصدير الثورة للخارج على الرغم من أن الموضوع كان قد طرح على لسان مؤسس الثورة الإسلامية آية الله روح الله الخميني"، وفق الباحث في الشؤون السياسية مهدي شكيبائي الذي عزا سبب ذلك إلى إساءة فهم فحوى دعوة الخميني لتصدير الثورة.

ويؤكد شكيبائي أن المقصود من تصدير الثورة هو التعامل فكريا وثقافيا مع الجهات التي تتعاطى إيجابيا مع الثورة الإيرانية، ولا علاقة له بتنظيم حركات احتجاجية وتثوير الشعوب الأخرى على أنظمة بلادها السياسية.

ويوضح شكيبائي في حديث للجزيرة نت أن تصدير الثورة الإيرانية "سرعان ما جوبه بمعارضة بعض الأطراف في الخارج رغم ترحيب العديد من التيارات في الدول الإسلامية وغيرها، لكن لم تتلق دول العالم رسالة الثورة الإسلامية كما أراد لها مؤسسها، ولا سيما بعض القوى الشرقية والغربية التي عملت على تقويض الثورة الإيرانية والقضاء عليها".

يشكل البرنامج النووي الإيراني واحدا من نجاحات الثورة الإسلامية لكنه أحد ملفات الأزمات السياسية مع الخارج (الأوروبية)
  • هل حققت الثورة الإيرانية الأهداف التي قامت من أجلها قبل 42 عاما؟

يعتقد شكيبائي أن ثورة بلاده حققت جزءا كبيرا جدا من أهدافها الأساسية، ويوضح ذلك بالقول إن رجال الدين -الذين تصدوا لنظام الشاه، وعلى رأسهم آية الله الخميني- حددوا 3 أهداف إستراتيجية لحركتهم الثورية، أولها نفي الظلم والاستبداد، وهو ما تحقق فور الإطاحة بالنظام البهلوي وإقامة الجمهورية الإسلامية.

ويضيف أن الهدف الإستراتيجي الثاني للثورة الإيرانية المتمثل في الاستقلال الوطني وعدم التبعية للقوى الكبرى قد تحقق أيضا باقتحام مجموعة من الطلاب الثوريين مبنى السفارة الأميركية لدى طهران عام 1979، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع واشنطن، واصفا "سيطرة الثوار الإيرانيين على مقر السفارة الإسرائيلية في طهران وتحويلها إلى سفارة فلسطين" بأنها كانت متممة لتحقيق الهدف الثاني.

ورغم نجاح الثورة الإيرانية في وضعها حدا لجميع أشكال الاستبداد الداخلي ونفي التبعية للدول الأجنبية فإنها لا تزال تواجه مشكلات في تحقيق ثالث أهدافها الإستراتيجية، ألا وهو تأسيس نظام إسلامي -والكلام لشكيبائي- الذي يقول إن الجزء المتعلق بتأسيس هيكلية الجمهورية الإسلامية قد تحقق، إلا أن هناك شرخا كبيرا بين ما نحن عليه وما نطمح الوصول إليه وفق الرؤية الإسلامية للثورة، لكن العمل جار لتحقيق الرفاه الاجتماعي داخليا ومساندة المظلومين في كفاحهم ضد الطغاة خارجيا.

  • ما سبب تصاعد تذمر الإيرانيين خلال السنوات الماضية؟ وهل الوضع المعيشي الراهن يتناسب مع طموحات الثوار ضد نظام الشاه؟

يشير مدير معهد العلاقات الدولية مجيد زواري إلى أن الشعب الإيراني قد تحدى أنظمته الحاكمة طوال التاريخ بمعدل ثورة واحدة كل نصف قرن، والإيرانيون -ولا سيما قادة الثورة الإسلامية- كانوا يطمحون إلى تأسيس المدينة الفاضلة الأفلاطونية، يكون فيها السكن متوفرا للمواطنين، وخدمات الكهرباء والمياه والنقل العام تقدم مجانا للطبقة المعدومة، وهذا ما جاء على لسان مؤسس الجمهورية الإسلامية فور عودته من منفاه في باريس عام 1979.

ويوضح زواري في حديثه للجزيرة نت أن عدم تحقيق مثل هذه الوعود إلى جانب غلاء المعيشة والبطالة والفساد المستشري أدى إلى تزايد تذمر الإيرانيين إزاء الوضع المعيشي الراهن، مؤكدا أنه لولا العقوبات المفروضة لكان الوضع المعيشي في إيران أفضل بكثير مما نحن عليه.

Daily life amid coronavirus in Iran
يعاني المواطن الإيراني في معيشته اليومية بسبب الأزمات الاقتصادية التي سببتها العقوبات الأميركية (الأناضول)
  • ما هي التوقعات بتحسن الوضع المعيشي في إيران وتحقيق الثورة الإيرانية أهدافها خلال الفترة المقبلة؟

يرى زواري أن شريحة من الشعب الإيراني فقدت أملها بتحسن الوضع الراهن، بسبب الفساد المستشري والشرخ الطبقي الموجود في المجتمع، وعدم تحقيق العدالة والمساواة في توزيع الثروات الوطنية، مستدركا أنه رغم الوضع المزري الراهن فإن مؤسسات الدولة تبذل قصارى جهودها للإبقاء على الأمل بتحسن الوضع المعيشي قائما.

  • ما هي أبرز التحديات الماثلة أمام الثورة الإيرانية بعد 42 عاما على انتصارها؟

يذهب الباحث في مؤسسة "تاريخ معاصر" للدراسات رضا حجت إلى أن تشويه صورة إيران خارج البلاد يشكل أبرز التحديات التي تهدد الثورة الإيرانية في الوقت الراهن، وهذا له تداعيات سلبية تفوق العقوبات الأميركية على البلاد، مما يحتم على طهران التحرك للحد من آثار الدعاية الممنهجة ضد سياسات إيران وحضورها الإقليمي.

ويرى حجت في حديث للجزيرة نت أن التهديدات الأمنية والعسكرية بضرب إيران واغتيال قادتها العسكريين والنوويين -مثل تحرشات إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب والكيان الصهيوني- تمثل ثاني أبرز التحديات الرامية للنيل من ثورة الإيرانيين، محذرا من مغبة تداعيات "تكرار تهمة دعم طهران للحركات الإرهابية في الإعلام الغربي والعربي" على سمعة بلاده.

ويضيف أن أغلب دول العالم -ولا سيما الدول الأوروبية والولايات المتحدة- تعاني مشكلات جمة في اقتصادها، فيما تركز وسائل الإعلام العالمية على الأزمات الاجتماعية والمعيشية في إيران أكثر من أي دولة أخرى، على حد قوله، مؤكدا أن التردي الاقتصادي يشكل ثالث أبرز التحديات الماثلة أمام الثورة الإيرانية.

تحظى الثورة الإسلامية بتأييد واسع في المجتمع الإيراني رغم الإخفاقات في الاقتصاد ومعيشة المواطنين (الأوروبية)
  • بعد مرور أكثر من 4 عقود على قيام الجمهورية الإسلامية كيف أصبحت شعبية الثورة لدى الشارع الإيراني؟

لا يخفى على أحد أن الثورة الإيرانية -حالها حال العديد من ثورات العالم- قد خسرت ولاء شريحة من الشعب الإيراني، وخسرت أيضا عددا من الوجوه البارزة على الصعيد السياسي، لكنها في الوقت نفسه تمكنت من جذب شرائح أخرى، وفق الباحث رضا حجت.

ويعزو حجت سبب "نزول بعض الإيرانيين من قطار الثورة" إلى إخفاقات الجمهورية الإسلامية في تلبية تطلعاتهم على الصعيدين الداخلي والخارجي، مشيرا إلى أن مقولة "الثورة تأكل أبناءها" تحققت نسبيا في إيران، حيث إن أغلب قادتها ما زالوا يدافعون عنها بما يملكون من قوة.

المصدر : الجزيرة