إعلان أنصار الصدر النفير ونشر قواتهم في مدن عراقية.. استعراض قوة أم صراع داخلي مع قوى شيعية منافسة؟

سرايا السلام قالت إن تحركاتها تأتي في إطار أمني بحت وليس لفرض إرادات

استعراض عسكري لسرايا السلام التابعة للتيار الصدري
عناصر سرايا السلام أثناء انتشارهم في بغداد (مواقع التواصل)

الجزيرة نت- بغداد

في مشهد ليس بغريب عن الواقع العراقي منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2003 حتى وإن اكتنفه الغموض، انتشرت عناصر ما يعرف بـ"سرايا السلام" الذراع المسلحة للتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر بترسانتهم العسكرية مساء الاثنين في شوارع العاصمة بغداد ومحافظتي النجف وكربلاء، قاطعين بذلك الأزقة والشوارع وفارضين طوقا مسلحا على هذه المناطق.

وبالرغم مما أثارته تلك التحركات من فزع لدى المواطنين، وإرباك للمشهد العام، وما عده البعض من إهانة لهيبة الدولة، فقد قال المكتب الإعلامي الخاص بالصدر إن التحركات جاءت في سياق أمني لتحصين بغداد والأضرحة الدينية من مخطط لاستهدافها، وفق معلومات استخبارية خاصة وردتهم.

خطوة كان الواضح منها أن للتيار الصدري رسائل يود إيصالها من خلال إثبات وجوده في الميدان، ولا سيما في توقيتها المفاجئ، لكنها أثارت سخطا شعبيا على مدى واسع، ما ولّد تساؤلات عدة، بشأن ما إذا كانت لدى التيار أغراض سياسية يعتزم فرضها من خلال قوة السلاح والتعبئة الدينية، ما عده مراقبون خطرا على الأمن القومي للبلاد، وإضعافا لمكانة القوات العسكرية.

صفاء التميمي يقول تحركات سرايا السلام هي لدعم الدولة ولاغراض أمنية (الجزيرة نت)
التميمي أكد أن تحركات سرايا السلام لدعم الدولة ولأغراض أمنية (الجزيرة)

نفي فرض إرادات

وفي هذا الشأن، يقول الناطق باسم "سرايا السلام" صفاء التميمي في حديث للجزيرة نت، إن ما حصل يوم أمس هو دعم وتقوية لكل أجهزة الدولة الأمنية والاستخبارية، خصوصا أنه منذ عام 2014 وحتى الآن هناك تعاون مشترك وكبير في المعلومات الأمنية بين سرايا السلام والأجهزة الحكومية.

ويوضح التميمي أن السرايا ساعدت في تقديم معلومات مهمة من خلال ما تحصل عليه من مصادرها الخاصة، وقد أسهم ذلك بشكل ناجع في العمليات التي تشنها الحكومة ضد الإرهاب، وأن هذا أحد أسباب ترحيب واستجابة القوات الأمنية لتحركات يوم أمس.

وأكد أن من يحاول أن يفسر ما حدث بأنه تضارب أو محاولة لفرض قوى أو تجاوز على أجهزة الدولة أو غيرها هو أمر مرفوض، ويمكن التثبت من ذلك من خلال ملاحظة انتشار "أكثر من 100 ألف عنصر من سرايا السلام يوم أمس" دون تسجيل أي خرق أو اصطدام مع أي جهة، وهو خير دليل على تكاتف الجميع.

ونفى التميمي أن تكون تحركات السرايا المسلحة هي لفرض إرادات أو غيره، مؤكدا أنها تأتي في إطار أمني بحت، وبعيدة عن أي غايات أخرى.

وأشار إلى أن التيار يمتلك قاعدة جماهيرية واسعة لا تحتاج لأيٍّ من ذلك، وأن السرايا تتحرك وفقا لما يراه الصدر مناسبا، ولا سيما أن مواقفه تشهد بحرصه على وحدة العراق والعراقيين.

ولفت التميمي إلى أن التحركات التي تمضي بها السرايا لا يمكن أن تحسب في إطار الإضرار بهيبة الدولة، كونها متسقة مع سياقات الدولة.

الباحث العراقي غالب الشابندر (التواصل الاجتماعي) copy.jpg
الشابندر اعتبر أن ما جرى صراع داخلي بين التيار الصدري والقوى الموالية لإيران في الحشد الشعبي (مواقع التواصل)

صراع داخلي

من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي غالب الشابندر في حديث للجزيرة نت، إن ما حصل حسب المعلومات المسربة هو صراع داخلي بين التيار الصدري والقوى الموالية لإيران في الحشد الشعبي، وذلك بسبب مماحكات بين القوتين، ما دفع التيار الصدري للمبادرة في إثبات الوجود وإيصال رسالة للآخرين بمدى قوتهم.

وفي ما يخص إمكانية أن تكون تحركات التيار الصدري موجهة للوجود الأميركي في العراق أو لإحراج الحكومة، يرى الشابندر أن تحالف "سائرون" البرلماني الذي يحظى بدعم زعيم التيار مقتدى الصدر يرغب في بقاء القوات الأجنبية بالعراق، وهذا ما يبعد أي احتمال في أن تكون هناك رسائل موجهة للوجود الأجنبي، أو خارج إطار الصراع الصدري مع فصائل أخرى من الحشد الشعبي.

ويضيف أن ما حصل يعد تجاوزا على هيبة الدولة وخرقا للأمن، وفشلا لحكومة مصطفى الكاظمي في فرض سلطة القانون، لافتا إلى أن الجيش العراقي هو من يجب أن يتسلم كل زمام الأمور، وأن يأخذ مواقع وأدوار جميع القوى المسلحة، سواء كانت الحشد الشعبي أو أيا من الفصائل الأخرى، معتبرا أن ما حدث هو فرصة سانحة ليستغلها الكاظمي في دفع الجيش للنزول إلى الشارع وأخذ دوره ومواقعه الحقيقية ودور بقية المجاميع دون استثناء، مؤكدا أنه سيجد دعما جماهيريا واسعا.

يحيى الكبيسي يرى أن ما فعلته سرايا السلام محاولة لمصادرة الدولة (الجزيرة نت)
الكبيسي يرى أن ما فعلته سرايا السلام محاولة لمصادرة الدولة (الجزيرة)

تهديد وابتزاز

وفي السياق، يقول الباحث السياسي يحيى الكبيسي في حديث للجزيرة نت، "لا يمكن وصف تحركات سرايا السلام التي جرت يوم أمس إلا على أنها محاولة لمصادرة الدولة، وإرسال رسائل تهديد وابتزاز إلى جميع الأطراف الشيعية بالدرجة الأساس".

ويضيف أنه "قد ثبت للجميع أن سرايا السلام تمثل سلاحا موازيا، ودولة موازية، على مستوى القرار والحركة، وهذا يطيح بكل مقولات مقتدى الصدر عن الدولة والمليشيات، والتي كان يستخدمها لوصف الآخرين".

المصدر : الجزيرة