غموض وارتباك.. قانون جديد للشهر العقاري يثير الجدل ويقلق المصريين

المصريون باتوا مطالبين بدفع رسوم كبيرة للحفاظ على ممتلكاتهم العقارية (الجزيرة)

سادت حالة من الجدل والارتباك على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، بسبب تعديلات في قانون الشهر العقاري يبدأ تطبيقها أوائل الشهر المقبل.

ويقول محامون إن التعديلات الجديدة تهدد ملكيات المصريين للعقارات والشقق إلى حين، حيث لا تستقر الملكية إلا بإجراءات طويلة ومعقدة فضلا عن كونها مكلفة لشعب ترزح نسبة كبيرة من أبنائه تحت خطر الفقر.

وفي نهايات العام الماضي، أصدر البرلمان تعديلا للمادة 35 من قانون الشهر العقاري التي حددت طريقة جديدة لإشهار العقارات وتسجيلها، واشترطت إدخال الخدمات للعقارات المسجلة فقط.

وعدّ برلمانيون صدور القانون بشكله الجديد إنجازا يجعل لكل شقة وعقار رقما قوميا، ويحدد بدقة حجم الثروة العقارية للبلاد، كما يمنح للعقارات قيمة فعلية وكبيرة.

بالمقابل، اعتبر مغردون أن الأمر لا يعدو كونه إجراء جديدا من إجراءات الجباية التي تفننت فيها الحكومة مؤخرا بشكل أعجز كثيرا من المصريين عن الدفع، وأخرجهم للاحتجاج مثلما جرى في تظاهرات القرى في سبتمبر/أيلول من العام الماضي ضد غرامات ضخمة للتصالح في مخالفات البناء، اضطرت الحكومة لتخفيضها تهدئة للشارع.

 

اضطراب وشلل

وانتقد محامون بارزون التعديل باعتباره مناقضا للدستور وأحكام محكمة النقض من ناحية، ومن ناحية أخرى لما سيحدثه من إرباك واضطراب في السوق العقاري بما يجعل ما ستحصله الحكومة من أموال من وراء التعديل باليمين، ستخسره بالشمال نتاج شلل سيصيب عمليات البيع والشراء التي يلزمها التسجيل في الشهر العقاري برسوم ضخمة.

وبعد 4 مارس/آذار المقبل، لن يتم الاعتراف أمام الجهات الحكومية بعملية البيع والشراء، إلا بعد تسجيل عقد البيع في الشهر العقاري، كما لن يتم الاعتراف بالعقد الابتدائي بين المالك والمشتري وكذلك العقد الذي حصل على صحة توقيع من المحكمة، ولن يجري توصيل المرافق للعقار غير المسجل.

وأشاد أمين سر لجنة الإسكان والمرافق العامة بمجلس النواب أمين مسعود بالتعديلات الجديدة، واعتبر أن تسجيل العقارات بالشهر العقاري، يعد بمثابة حق شرعي للدولة ولا بد من المحافظة عليه.

وأكد في تصريحات صحفية أن التعديل الجديد يسهم في تسجيل 80% من الثروة العقارية، من أجل حصر شامل للثروة العقارية في مصر، بما يحقق حصيلة كبيرة للدولة، وإتاحة قاعدة بيانات سليمة، كما يضمن للمواطنين ملكيات موثقة ومسجلة بالشهر العقاري.

غموض وارتباك

وسادت حالة من الارتباك على منصات التواصل لعدم فهم المغزى ولا الإجراءات المنظمة، كما سخر مغردون من هذه التطورات واعتبروا أن هدفها الأساسي نوع من التأميم غير المباشر لملكيات المواطنين من العقارات أو دفعهم للشراء فقط من مشاريع الدولة في المدن الجديدة بأسعار باهظة.

واستفاض محامون في شرح التعديل وتبعاته لمتابعيهم على مواقع التواصل، ورغم ذلك ظلت الأسئلة عالقة بشأن حالات استثنائية يتهدد أصحابها فقدان مساكنهم.

وقال المحامي أحمد أبوالعلا ماضي في صفحته الشخصية على فيسبوك، إن القانون الذي يحمل رقم 186 لسنة 2020، لا يلغي صحة التوقيع وهو حكم قضائي كان يسهل على المصريين استصداره لإعطاء نوع من الحجية لعقود البيع والشراء، لكنه -والكلام للمحامي- لا يجعلها وحدها سندا للملكية، التي ينبغي لتثبيتها إقامة دعوى صحة ونفاذ البيع التي تستغرق عاما كاملا في المحاكم، ثم بعد الحصول على الحكم تستكمل إجراءات التسجيل في الشهر العقاري.

أما ثاني الحلول -لو كانت الأرض مسجلة ومرخصة والعمارة أو العقار مرخصا- فيوجب على المشتري والبائع التوجه معا إلى الشهر العقاري لنقل الملكية دون الحاجة لدعوى صحة ونفاذ بطلب تسجيل رضائي، ويستغرق حوالي 6 أشهر تقريبا.

ومن بين تبعات عدم التسجيل -إلى جانب عدم القدرة على توصيل المرافق- هو صعوبة تأجير الشقة، كما أن سعر الشقة سيهبط لعدم تسجيلها.

لا داعي لها ومخالفة للدستور

بدوره، أوضح المحامي بالنقض ناصر فتحي أن التعديلات الجديدة ليس لها داع، وكان يمكن طلب الرسوم من المواطنين دون هذا القانون، لأن معظم العقارات يصعب تسجيلها، كما أن مأموريات الشهر العقاري غير مجهزة لاستيعاب واستقبال تكدس الشعب المصري كله عليها.

وتابع في صفحته الشخصية بفيسبوك، أن مكاتب المساحة ما زالت تعمل بالطرق البدائية دون برمجة، والتسجيل في الأوضاع الحالية رحلة عذاب للمواطن والمحامي.

وأعرب المحامي عن أمله في أن يعيد مجلس النواب النظر في هذا القانون مجددا، أو يقوم بتأجيل تطبيقه حاليا لأنه سوف يتسبب في شل حركة العقارات ويؤثر على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، أو يمكن للحكومة على الأقل حذف الجملة الخاصة بتوصيل المرافق من هذا القانون، لأن هذا سوف يؤدي إلى انتشار ظاهرة سرقة هذه المرافق من كهرباء ومياه، أي أن المحصلة سوف تكون إهدار المال العام وليس العكس.

وأكد أن هذا القانون يخالف توجهات القيادة السياسية والحكومة التي كانت تسعى إلى تركيب عدادات ذات أكواد للمخالفين حرصا على تحقيق العدالة وعدم خضوعهم للتقديرات الجزافية من قبل شرطة الكهرباء أو شركات المياه.

بالمقابل، قال محامون إن هناك حكما لمحكمة النقض يبطل قانون إلزام التسجيل في الشهر العقاري لمخالفته للدستور.

 

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي