تعوّل على التفاوض بين الدول الثلاث.. إدارة بايدن تدرس موقفها من سد النهضة

وربيرغ قال إن أميركا يمكنها التدخل بالمساعدات التقنية، مبينا إلى أن إدارة بايدن تدرس كل ما تم التوصل إليه بشأن قضية سد النهضة أثناء إدارة ترامب.

سد النهضة الإثيوبي يثير مشكلات مع مصر والسودان منذ أعوام (الصحافة الإثيوبية)

في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تطرق الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى أزمة سد النهضة بتصريح ملفت خلال اتصال مع رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، حيث هاجم الموقف الإثيوبي، وأكد أن "الوضع خطير جدا، وأن مصر لا تستطيع أن تستمر على هذه الحال، وسينتهي المطاف إلى نسف السد".

لكن الأمر يبدو مختلفا في عهد الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن؛ ففي إشارة ذات دلالة، قال المتحدث الإقليمي لوزارة الخارجية الأميركية سامويل وربيرغ إن إدارة جو بايدن ترى أن هناك فرصة للحل التفاوضي بشأن سد النهضة، وتتوقع ذلك من الدول الثلاث.

وأكد وربيرغ -خلال حديثه في برنامج "90 دقيقة" بقناة المحور، وهي قناة مصرية خاصة قريبة من السلطة- ضرورة أن تتوصل الدول الثلاث إلى حل تفاوضي للأزمة، مضيفا "لدينا الفرصة للعب دور إيجابي في الوساطة أو التنسيق أو المساعدات التقنية"، وأوضح أن إدارة بايدن تدرس الموضوع حاليا، وتدرس كل ما تم التوصل إليه أثناء إدارة ترامب بشأن قضية سد النهضة.

 

تصريحات وربيرغ جاءت مخالفة لتوقعات التقرير الذي نشره موقع "المونيتور" (Al-Monotor) الشهر الماضي، وأشار فيه إلى أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مهتمة بملف سد النهضة الإثيوبي، وأن أنتوني بلينكن مرشح الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن لمنصب وزير الخارجية حذر من أن محادثات سد النهضة يمكن أن "تغلي"، وتأخذ في التصاعد ما لم يتم التوصل إلى حل.

الموقف الأميركي لم يخرج عن التوقعات المصرية، حيث قال السفير نبيل فهمي وزير الخارجية المصري الأسبق، في تصريحات تلفزيونية نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، إنه لا يتوقع اتخاذ إدارة بايدن مواقف مؤيدة للموقف المصري في موضوع سد النهضة على المدى القصير، موضحًا أنها ستركز في 6 أشهر الأولى على المواقف الانتخابية.

وأشار إلى أنه لا يتوقع نتائج كبيرة في العلاقات المصرية والعربية الأميركية، خلال الفترة المقبلة، مشددًا على أهمية الاستفادة من الإدارة الجديدة لتأكيد الدور الفعال والمؤثر في مختلف القضايا.

وهو الأمر الذي أكده وزير الخارجية المصري سامح شكري في اتصال هاتفي مع الإعلامي عمرو أديب، وأشار خلالها إلى أن الاتصالات بين الإدارتين المصرية والأميركية حاليا لا تتخطى مستوى السفارة وموظفي وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي، وأن مصر لا تشعر بالقلق ولا بالتفاؤل، ولا زالت تنتظر موقف الإدارة الجديدة في واشنطن حول العديد من القضايا الإقليمية.

ويبدو أن كلا من مصر وإثيوبيا لا تشعران حاليا بارتياح كامل تجاه نوايا واشنطن، وتحاول الدولتان التحوط لذلك عبر التعاقد مع شركات ضغط أميركية، حيث وقعت السفارة المصرية في واشنطن عقدا مع شركة "براونشتاين حياة فاربر" لمدة عام، بقيمة 65 ألف دولار شهريا، في حين وقعت السفارة الإثيوبية في واشنطن عقدا قيمته 35 ألف دولار شهريا مع شركة "فينابل" للاستشارات القانونية.

يُذكر أن مصر والسودان طالبتا إثيوبيا بعدم بدء ملء السد قبل التوصل إلى اتفاق ملزم قانونا يتناول كيفية إدارة تدفقات المياه أثناء فترات الجفاف أو مواسم الأمطار الجافة؛ لكن في يوليو/تموز الماضي وبعد موسم أمطار غير معتاد، أعلنت إثيوبيا أنها أنهت المرحلة الأولى من ملء السد، مما أثار غضب القاهرة والخرطوم.

ولا يزال الغموض يخيم على أزمة سد النهضة المتعثرة، حيث تسعى مصر للتوصل عبر المفاوضات لاتفاق ملزم يضمن آلية قانونية لحل النزاعات قبل بدء تشغيل السد، في ظل تخوف مصري من موجة جفاف شديدة تنتج عن حجز السد مياه النيل الذي تعتمد عليه مصر بشكل كامل.

بدوره، يتمسك السودان بتوسيع مظلة الوسطاء خلال محادثات سد النهضة لمزيد من الضغط على إثيوبيا، خاصة قبل الملء الثاني للسد في يوليو/تموز المقبل، التي يراها السودان تهديدا مباشرا لأمنها القومي، حسب تصريحات وزير الري السوداني ياسر عباس لوكالة فرانس برس.

أما إثيوبيا فتؤكد دائما أنها لن توقف العمل بمشروع السد، الذي تعتمد عليه في نهضة البلاد لأي سبب، وهو ما تعتبره مصر والسودان فرضا لسياسة الأمر الواقع وانتهاكا للمواثيق الدولية.

 

 

المصدر : الإعلام المصري + الجزيرة