مع اقتراب موعد الانتخابات.. لماذا يريد خليفة حفتر وسيف القذافي كسب ود الغرب الليبي؟

10th anniversary of Libyans’ 17 February Revolution
الليبيون يترقبون موعد الانتخابات بعد أكثر من 10 سنوات من الثورة (الأناضول)

طرابلس– أثار اللقاء الأول لرئيس الأركان بحكومة الوحدة الوطنية الفريق محمد الحداد مع نظيره عبد الرزاق الناظوري التابع للواء المتقاعد خلفية حفتر في المنطقة الشرقية تساؤلات عن تطورات المشهد العسكري الجديد في ليبيا، وأسباب التقارب في هذا الوقت.

وعقد اللقاء بين الجانبين في أحد فنادق مدينة سرت (في الوسط على الساحل الليبي)، وانتهى ببعض التوافقات، حسب تصريحات إعلامية لعبد الرزاق الناظوري.

وقال رئيس الأركان العامة بطرابلس الفريق محمد الحداد إن المفاوضات مع الناظوري شملت الحديث عن حرمة الدم الليبي، وإيقاف الحروب، وضرورة العمل على توحيد المؤسسة العسكرية، ووحدة التراب الليبي، ومحاربة الهجرة، وتأمين الحدود، ومقاومة الجريمة المنظمة، وبعث رسائل إلى دول الجوار بشأن الحرص على الأمن القومي، مع التأكيد أن ليبيا لن تكون مصدر إزعاج لأي دولة.

وصرح الحداد بأن اللقاء أكد أن مهمة الجيش هي حماية الوطن والمواطن والدستور كما أكد ضرورة أن تبتعد المؤسسة العسكرية عن السياسة وتتولى حماية العملية الديمقراطية فقط، مع الابتعاد عن تسييس المؤسسة العسكرية لمصلحة طرف وعدم عسكرة الدولة.

من جهته، قال الناظوري لوسائل إعلام محلية إن "اللقاء كان ودّيا جدا، وتفاهمنا أسرع مما يتوقع الشعب الليبي"، مضيفا "نحن الليبيين سنوحّد المؤسسة العسكرية من دون تدخل أجنبي".

وشدد الناظوري على أن مسؤولية المؤسسة العسكرية تتمثل في حماية الوطن والدستور، والحفاظ على المؤسسة العسكرية مضيفا "اتفقنا على توحيد المؤسسة العسكرية قريبا من دون أي تدخل من أي طرف خارجي، سنوحّدها نحن أبناءها".

ويأتي هذا اللقاء بين الحداد والناظوري بعد مفاوضات متتالية للجنة العسكرية المشتركة "5+5" لتنسيق العمل في ما بينهما، فضلا عن اجتماعات عقدت في الأيام الماضية بين قادة عسكريين بالمنطقة الغربية مع صدام نجل خليفة حفتر.

حفتر خلال تقديمه مطلب ترشحه لانتخابات الرئاسة (رويترز)

رسائل وملفات

وقال مصدر أمني لمراسل الجزيرة نت إن صدام حفتر طرح على قادة عسكريين من غرب ليبيا 3 رسائل: أولهما التنسيق لملاحقة سيف الإسلام القذافي وتتبع تحركاته ومنعه من العودة للحكم من جديد، والعمل على تبادل الأسرى بين الطرفين، فضلا عن تأمين منظومة النهر الصناعي في خطوط التماس وسط ليبيا.

وأضاف المصدر الأمني "من بين الملفات المطروحة توحيد المؤسسة العسكرية بين الشرق والغرب، وهذا ما يمكن أن تعمل عليه اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 في الأيام القادمة بعد لقاء عبد الرزاق الناظوري بمحمد الحداد".

ويرى المصدر أن حفتر يريد قطع الطريق على سيف القذافي، في محاولة من حفتر لاستمالة الثقل السياسي والعسكري الذي تمثله مدن فاعلة في المنطقة الغربية من بينها مصراتة، رغم أنه كان يُكنّ العداء لها بعد أن تصدّت لقواته إذ منعته قوات المنطقة الغربية من دخول طرابلس عام 2019.

من جهته، يتواصل سيف القذافي عبر وسطاء مع ممثلين عن مصراتة في محاولة يراها المصدر أنها "للتقارب بين أنصار النظام السابق وأنصار الثورة الليبية، ولتوضيح رؤية سيف القذافي في المرحلة المقبلة".

وأكد المصدر الأمني أن كل طرف يحاول الاستفادة بطريقة غير مباشرة من القوة السياسية والعسكرية لمصراتة خصوصا التي "لا ينبغي أن تتدخل حاليا في أي نزاع، خاصة بعد العداء الواضح ما بين حفتر وسيف القذافي لأنهما لا يؤمنان بأهداف الثورة الليبية وبناء الدولة المدنية والانتقال السلمي للسلطة".

ويرى محللون وسياسيون في مصراتة أن حفتر يريد التحالف مع القوى الفاعلة في المنطقة الغربية بعد ظهور سيف القذافي وإظهاره العداء لحفتر الذي يتخوف من انضمام أعداد كبيرة من قواته وقادة القبائل إلى نجل القذافي سيف الإسلام العائد للمشهد الليبي بعد الاختفاء لسنوات.

سيف القذافي يتواصل عبر وسطاء مع ممثلين عن مصراتة (رويترز)

مشهد متسارع

ويرى عضو المجلس الأعلى للدولة بلقاسم دبرز أن المشهد العسكري يتشكل بتسارع بطريقة غير مدروسة وبخطوات تفتقد الثقة المتبادلة بين الجانبين في شرق ليبيا وغربها بعد ظهور سيف القذافي.

وأضاف رئيس لجنة الأمن بالمجلس "نرى أن المصداقية معدومة لدى حفتر، ومسألة توحيد المؤسسة العسكرية بالمفهوم العسكري تعدّ منتهية عند مغادرة الجسم الغريب الذي فرض نفسه بمسمى القيادة العامة، لأن قاعدة بيانات الجيش محفوظة في هيئة التنظيم والإدارة والجميع مقيد بها".

وصرح دبرز للجزيرة نت بأن لقاء سرت أشبه بالظهور الإعلامي الدعائي البعيد عن الواقع الفعلي لإعطاء انطباع أن هناك شيئا أنجز بين القوى الفاعلة على الأرض، وفي الحقيقة لن ينجز شيء ما دام حفتر هو من يعطي أوامره لقياداته.

واستعبد دبرز تحالف قادة المنطقة الغربية أو التعاون مع "مجرم الحرب" وهو خليفة حفتر، أو مع سيف القذافي المطلوب لمحكمة الجنايات الدولية وهو رجل روسيا في ليبيا.

وأوضح دبرز أن هناك ضغوطا قوية تقودها الولايات المتحدة وأوروبا لإخراج المرتزقة من ليبيا، خصوصا الفاغنر الذين أوصلوا روسيا للمياه الدافئة بسبب "حماقة حفتر"، وهو ما لم يعد مقبولا من واشنطن بدليل فرضها عقوبات جديدة على فاغنر في الأيام الماضية.

معترك السلطة

من جانبه، أكد المسؤول في الجيش الليبي العميد الطاهر علي أن لقاء الحداد مع الناظوري لن يضيف شيئا إلى المجريات على الأرض، لأنها مجرد إملاءات خارجية تستهدف التقارب من دون وجود أي رؤية واضحة للحل في وجود حفتر المعرقل الرئيسي، مشيرا إلى أن الحداد والناظوري لا يستطيعان وحدهما اتخاذ قرار إخراج مرتزقة فاغنر من البلاد بسبب دعمهم من قوة خارجية.

ويرى علي أن هناك من يريد قيادة القوة السياسية والعسكرية للغرب الليبي باتجاه التواصل مع خليفة حفتر على حساب منع سيف القذافي من العودة للحكم مجددا.

وأردف قائلا للجزيرة نت "علينا الحذر لأن هذا العداء بين سيف القذافي وحفتر لا يهمّنا نحن كقوة عسكرية منتمية لثورة 17 من فبراير/شباط، وفي النهاية التفاهم مع شخصية مدنية مقتنعة بصندوق الانتخابات أفضل من التعامل مع مجرم حرب عسكري يريد الانقلاب على الحكم عندما تتاح له الفرصة غير مؤمن بالتشارك في السلطة".

وأوضح علي أن حفتر يريد استغلال القوة العسكرية للمنطقة الغربية على الأقل لكي لا تدعم سيف القذافي، وقد يتجه إلى إحداث حرب في الجنوب الليبي، تحديدا في مدينة سبها بين قبيلتي أولاد سليمان التي تتمسك بالسيطرة على عاصمة الجنوب ضد قبيلة القذاذفة التي تناصر سيف القذافي.

المصدر : الجزيرة