بناها الخديوي إسماعيل.. غضب في مصر بسبب إزالة حديقة الأسماك من قائمة الآثار

حديقة الأسماك كانت على مدى عقود من أبرز مظاهر الجذب السياحي في القاهرة (مواقع التواصل الاجتماعي)

القاهرة – بعد أن تجاوز عمرها قرنا ونصف القرن، تسببت حديقة الأسماك التاريخية بحي الزمالك الراقي في حالة غضب واسعة بعد تداول أخبار عن شطب الحديقة النادرة من قائمة الآثار الإسلامية والقبطية، وإقامة موقف خاص بالسيارات في موقعها المتميز على ضفاف نيل الزمالك، أحد أرقى أحياء العاصمة المصرية القاهرة.

ونقل نشطاء عن صحيفة "أخبار الأدب" مستندات تتحدث عن بدء وزارة ‏الآثار بإجراءات شطب "حديقة الأسماك" من قائمة الآثار الإسلامية والقبطية، والإبقاء فقط على جزء منها هو "الجبلاية" القديمة والأكشاك التاريخية.

وتداول النشطاء مذكرة رسمية موجهة لأمين المجلس الأعلى للآثار تؤكد أن الأمر قيد الدراسة، وتشير إلى بدء خطوات في هذا الشأن تتمثل في عرض الاقتراحات على اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية بالوزارة من أجل إبداء الرأي.

 

 

تدمير الآثار

الأنباء عن إقامة موقف للسيارات في مكان حديقة الأسماك أثارت غضبا واسعا في مواقع التواصل الاجتماعي بمصر، وأبدى نشطاء غضبهم من استمرار الاعتداء على التراث المصري باستهداف حديقة الأسماك، كحلقة جديدة من مسلسل شمل استهداف الأشجار التاريخية بحي المعادي وحديقة الميريلاند بمصر الجديدة وغيرها.

ووصف عدد منهم استهداف الحديقة، التي أقامها الخديوي إسماعيل واستقدم من أجلها أشجارا من 6 قارات، بهجمة "تتارية" جديدة غرضها تشويه الحضارة المصرية ومسخها من أجل المال، كما فعلوها في حديقة الخالدين وحدائق المنتزه بالإسكندرية، ونية تخريب حديقة الأندلس.

 

 

مساحة صغيرة

وزارة السياحة والآثار المصرية نشرت ردا على ما تم تداوله بشأن حديقة الأسماك أمس السبت، قالت فيه إن ما تم عرضه على اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية واليهودية هو مناقشة "شطب مساحة صغيرة فقط" من حديقة الأسماك لا يوجد بها أي مبان مسجلة في قوائم الآثار.

وقال بيان الوزارة إن موضوع دراسة شطب هذه المساحة تم عرضه باللجان الفنية ولم يتم عرضه بعد على مجلس إدارة المجلس الأعلى للآثار، وهو الجهة المعنية باتخاذ قرارات تسجيل أو شطب الآثار وفقا لقانون الآثار، وإن المجلس الأعلى للآثار لن يسمح بأي نشاط يضر بالبيئة الأثرية بالحديقة وبكافة المواقع المسجلة على مستوى الجمهورية.

 

 

لا يوجد بها أسماك

من جانبه نفى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار مصطفى وزيري شطب حديقة الأسماك من قائمة الآثار التابعة لوزارة الآثار، مشيرا إلى أن حديقة الأسماك تم تسجيلها عام 2010 كأثر وهي ملك لوزارة الزراعة.

وأكد وزيري، في مداخلة هاتفية مع برنامج "الحكاية" المذاع على قناة "إم بي سي مصر" (mbc مصر) أمس السبت، أن ما يتم الآن بالحديقة هو تطوير من أجل إعادتها لسابق عهدها، وأن حديقة الأسماك التاريخية لم يعد يوجد بها أي أسماك.

وقال وزيري إنه لن يتم هدم أو استقطاع أي جزء من الحديقة، وتم اختيار مكان مساحته نصف فدان خال من الأشجار النادرة أو التراثية لتنفيذ موقف للسيارات لخدمة زائري الحديقة، وإن الأمر ما زال في طور الدراسة، مؤكدا أنه لم يتم شطب الحديقة من سجل الآثار حتى الآن.

 

غضب برلماني

النائبة بالبرلمان المصري سميرة الجزار تقدمت باستجواب عاجل لوزير السياحة والآثار بخصوص شطب حديقة الأسماك من تعداد الآثار، والاكتفاء بتسجيل الجبلاية والأكشاك الثلاثة، والادعاء بأنها هي التي ترجع إلى عصر الإنشاء فقط.

وطالبت النائبة وزير السياحة والآثار ببيان حقيقة ما حدث وما يحدث لتراث مصر وتاريخها وحدائقها الأثرية، متسائلة "هل يعقل أن الحديقة المحيطة بالجبلاية التي أنشئت عام 1868 وتضم أشجارا ونباتات أثرية نادرة تخرج من تعداد الآثار؟".

وأشارت النائبة إلى أن قيام اللجنة نفسها بتسجيل كامل الحديقة ضمن تعداد الآثار في وقت سابق ثم شطبها اليوم، أمر يثير الريبة والشك في اللجنة وقرارها، ويعد مخالفة تستوجب الاستجواب.

وطالبت النائبة بإلغاء قرار اللجنة وإعادة جبلاية (حديقة) الأسماك إلى تعداد الآثار بأكملها وبحديقتها الآثرية التاريخية كما كانت، وعدم إخراج أي أثر من تعداد الآثار إلا بعد تقديم حيثيات عملية الشطب وتحديد الأسباب التي تم على أساسها شطب الأثر.

 

 

تاريخ عريق

وحسب موسوعة "ويكيبيديا"، فقد أنشأ الخديوي إسماعيل حديقة الأسماك "الجبلاية" عام 1867، وتعتبر من أفضل الحدائق التي أنشئت في عصر الخديوي في القاهرة، وتم افتتاح الحديقة للجمهور رسميا يوم 21 نوفمبر/تشرين الثاني 1902.

وارتبط تشييد الحديقة تاريخيا بحفل افتتاح قناة السويس ومحاولات الخديوي إبهار الإمبراطورة الفرنسية أوجيني التي كانت أحد ضيوف الحفل، وتطل واجهتها على نيل الزمالك، وتحتوي على جبلاية صناعية، شقت فيها مغارات وممرات يسير فيها الزوار، ووضعت بها صناديق زجاجية، كانت تحتوي على مجموعات متنوعة من الأسماك النيلية والبحرية وأسماك الزينة.

والحديقة من تصميم المهندسين الإيطاليين كومباز ودويلو، اللذين اشتهرا بتصميم هذا النوع من الحدائق، علاوة على البرك الصناعية، ومجموعة نادرة من الأشجار المُعمّرة التي تم استيرادها خصيصا من الخارج.

وبخلاف القيمة التاريخية للحديقة، فوجودها على النيل بأحد أرقى أحياء العاصمة وأكثرها ازدحاما، يعطي أرضها قيمة مالية كبيرة، جعلتها هدفا ثمينا لمن يفكرون في إقامة مشروعات عقارية مربحة.

المصدر : الإعلام المصري + الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي