ولاية صباح.. "بروفة" لانتخابات عامة مبكرة بماليزيا أساسها المساواة في الحقوق

تحولت تجربة طالبة قروية في التعليم عن بعد إلى قضية رأي عام، وذلك بعد نشر "فيفيونه موسيبين" مقطع فيديو لها وهي تدرس فوق شجرة تسلقتها بحثا عن خدمة إنترنت جيدة تمكنها من متابعة تعليمها الدراسي.

وعلى أبواب انتخابات تشريعية مقررة يوم 26 سبتمبر/أيلول الجاري، سلطت موسيبين (18 عاما) الضوء على ضعف البنية الأساسية والخدمات في ولاية صباح الواقعة في جزيرة بورنيو (القسم الشرقي من ماليزيا)، وعززت المقارنة في حملات الدعاية الانتخابية بمثيلاتها في القسم الشرقي من البلاد المعروف بشبه الجزيرة الماليزية.

أكثر ما يميز ولايتي ساراواك وصباح عن غيرهما من ولايات الغرب الماليزي، وفق مراقبين، هو اختفاء الصراعات الإثنية والعرقية مع حمى الانتخابات، لتحل محلها المطالب بالحقوق والمساواة، خاصة ما يتعلق بعائدات المصادر الطبيعية وعلى رأسها النفط والغاز.

ويرى هؤلاء أن أهمية انتخابات صباح المبكرة تكمن في كونها مقدمة أو "تمرين بروفة" لانتخابات عامة مماثلة يتوقع الدعوة لها في أي وقت، نظرا لعدم تمتع الحكومة المركزية بغالبية مريحة في البرلمان وتشكيك المعارضة في شرعيتها.

الوضع المتساوي
ويرى عضو البرلمان الماليزي سيد إبراهيم سيد نوح في حديثه للجزيرة نت أن غزل الساسة في ولايتي صباح وسارواك للناخبين سيتركز على الحقوق من مثل تبني شعار "صباح لأهلها" و"ساراواك لأهلها"، وذلك في إطار الحديث عن "اتفاق ماليزيا 1963".

وتجدر الإشارة إلى أن هذا الاتفاق أفضى إلى تشكيل ماليزيا ورحيل الاستعمار البريطاني عن الولايتين، ومَنحهما الاتفاق وضعا أقرب إلى الحكم الذاتي مع تقاسم الثروات بين حكومة الولاية والحكومة المركزية.

وقد طالب المحلل السياسي بيتر مينوس، وهو من ولاية ساراواك، حكومتي الولايتين بالإسراع في وضع مطلب "الوضع المتساوي" على الطاولة مع الحكومة المركزية، تنفيذا لاتفاق انضمامهما إلى "اتحاد الملايو" السابق لتشكيل ماليزيا الحالية.

لكن الإعلامي المخضرم الدكتور سيد عربي عيديد يعتبر هذه الشعارات ليست إلا شعارات انتخابية، ويؤكد للجزيرة نت أنهما ممثلتان سياسيا في البرلمان والحكومة المركزيين على قدم المساواة مع الولايات الأخرى، وبما يتناسب مع حجمهما السكاني.

أما ما يتعلق بالحقوق، فيرى الدكتور عيديد، وهو عميد كلية الإعلام في الجامعة الإسلامية العالمية، أنها قضية تشترك فيها الولايات الأخرى، ويقول إن ولايات القسم الشرقي من ماليزيا ترتبط باتفاق عام 1946 الذي نظم العلاقة بين ولايات اتحاد الملايو.

وأضاف أن ولايتي صباح وساراواك تنظران لحقوقهما وكأنهما بلدان منفصلان تنازلا عن سيادتيهما من أجل ماليزيا، ويطالبان بوضع يضعهما على قدم المساواة مع الشطر الثاني وفق ما نص عليه اتفاق 1963.

شرذمة حزبية
تشهد الساحة السياسية قبيل الانتخابات المبكرة في ولاية صباح إعادة تشكل الكتل الحزبية، بما جعل مراقبين يستبعدون حصول أي منها على غالبية حاسمة.

وتصدر المشهد تحالف محسوب على المعارضة في الحكومة الفدرالية يقوده حزب التراث (واريثان) بزعامة رئيس حكومة الولاية الحالي شافعي أفضال، مقابل ائتلاف تحالفي "الجبهة الوطنية" و"العقد الوطني" شريكي السلطة في الحكومة المركزية، ويتزعمه رئيس الحكومة المحلية الأسبق موسى أمان، إلا أن بروز تكتل جديد يقوده وزير الخارجية الأسبق حنيفة أمان قد يخلط المعادلة السياسية.

ويعتقد الباحث في معهد دراسات سيدز (البذور) لقياس الرأي العام شهريل صبار الدين أن السلوك السياسي بين أحزاب ولاية صباح يعكس المشهد الحزبي المتشرذم في البرلمان الفدرالي، بما في ذلك تقلب ولاءات أعضاء البرلمان، لذلك فإن شكل الحكومة المحلية المقبلة رهن بحكم الكتل التي تبرزها الانتخابات في المجلس المحلي.

ويعزز هذا الرأي رفض رئيس حزب المنظمة الملايوية القومية المتحدة (أمنو) زاهد حميدي مقترحا لرئيس الوزراء محيي الدين ياسين بتسمية رئيس حكومة الولاية ضمن الحملة الانتخابية، معتبرا أن الكتلة الأكبر في البرلمان هي التي ستحدد رئيس الحكومة المقبل.

البنية الأساسية والاقتصاد
حظت الطالبة موسيبين باهتمام رسمي، حيث كرّمها رئيس الوزراء محيي الدين ياسين وساسة آخرون باستقبالهم لها، لكن المسرح الذي جهزته على شجرة لالتقاط إشارة الإنترنت، فتح المجال لمسرح سياسي واسع عنوانه تقاسم عائدات الثروات من أجل تحسين التنمية المحلية.

وزادت جائحة كورونا وتوقعات التباطؤ الاقتصادي من تعزيز هذه المطالب، وفقا لشهريل الذي يقول إن المطالب الاقتصادية فرضت نفسها على أجندات جميع الأحزاب، وهو ما يؤكده عضو البرلمان المركزي سيد نوح بقوله "إن الحنكة في المرحلة المقبلة تكمن في قدرة السياسيين على المواءمة بين المطالب الشعبية بتحسين أوضاع الولاية الاقتصادية والمصالح القومية بعزيز النظام الفدرالي".

في حين يؤكد عيديد أن استطلاعات الرأي التي أجراها خلال السنوات الماضية تؤكد أن الموقف الشعبي في ولايتي صباح وسراواك هو خيار تعزيز الانتماء إلى ماليزيا وضمان الحقوق المحلية.