بعد 5 سنوات.. هذا ما جناه برلمان السيسي على المصريين

رئيس مجلس النواب المصري علي عبد العال وعن يمينه الرئيس عبد الفتاح السيسي
رئيس مجلس النواب علي عبد العال وعن يمينه السيسي (موقع البرلمان)

في سابقة تاريخية في سجل البرلمانات (المجالس النيابية) المصرية، قام مجلس النواب الحالي -أو ما يطلق عليه مؤيدوه "برلمان 30 يونيو"- بإقرار 877 مشروع قانون طوال مدة انعقاده التي بدأت في 9 يناير/كانون الثاني 2016 حتى انتهائه بفض دور الانعقاد الخامس في 24 أغسطس/آب 2020.

واستمر المجلس -الذي استحدث ووافق على مئات القوانين والقرارات والاتفاقيات غير المسبوقة في تاريخ الحياة المصرية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية- 5 سنوات بدأت من تاريخ أول اجتماع، وفق المادة 106 من الدستور المصري.

وعكست حالةَ السيولة في إقرار القوانين، موافقةُ مجلس النواب على 233 مشروع قانون، بإجمالي عدد مواد بلغ 2490 مادة خلال الانعقاد الخامس فقط من الفصل التشريعي، والذي استمر 10 شهور تخللها توقف كبير للجلسات على خلفية جائحة فيروس كورونا.

نواب لم ينطقوا بحرف واحد

ومن بين المفارقات العديدة للبرلمان، أن هناك عشرات النواب لم يتحدثوا بكلمة واحدة أو يحضروا جلسة واحدة، مما دفع رئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور السادات، إلى مطالبة البرلمان بالكشف عن أسماء النواب الذين لم ينطقوا بحرف واحد على مدى دور الانعقاد الخامس لمجلس النواب المصري.

ودور الانعقاد الرابع لم يكن أفضل حالا، حيث كشف المتحدث باسم مجلس النواب صلاح حسب الله -في يوليو/ تموز 2019- أن "هناك نوابا لم نراهم في قاعة المجلس طوال دور الانعقاد الرابع"، مشيرا إلى أن "مضابط المجلس أثبتت أن قرابة 145 نائبا من أصل 598 لم يتحدثوا أو لم يتواجدوا في قاعة البرلمان".

لكن بعيدا عن عدد المشاركين أو المتحدثين في الجلسات، فالنتيجة واحدة في جميع الحالات التي يتم فيها عرض مشروعات القوانين والاتفاقيات والقرارات للموافقة عليها، وهو ما سمح بوضع جميع السلطات التنفيذية في يد الرئيس عبد الفتاح السيسي وكرس لحكم الفرد المطلق، وفق سياسيين ومراقبين.

وفي تصريحات للجزيرة نت، أكد مراقبون أنه لا يمكن حصر القوانين التي وسّعت دائرة الفقر وضيقت دائرة الحريات وفرّطت في مقدرات وثروات وسيادة البلاد، مشيرين إلى أنها كانت تهدف إلى التضييق على المواطنين بالأخذ من جيوبهم لموازنة الدولة، وتقييد حرياتهم على حساب استقرار النظام الحاكم، وتعزيز وتحصين طبقة النظام الحاكم على حساب المواطنة.

برلمان مصر يقر تعديلات تسمح بالتمديد للسيسي حتى 2034

سقوط حر للبرلمان

وفي تقييمه لدور البرلمان خلال السنوات الخمس الماضية، أكد المعارض المصري والمتحدث الرسمي السابق باسم "الجبهة الوطنية للتغيير" سمير عليش، أن "الإجابة واضحة مثل الشمس. هذا أسوأ برلمان، ولا علاقة له بالشعب، ويعمل في الخفاء؛ حتى أنه تم منع نقل جلساته على الهواء، ومنذ أول يوم له وافق على عشرات القوانين دفعة واحدة دون مناقشة، وتم منع وجود معارضين بداخله".

وأضاف ساخرا في حديثه للجزيرة نت، "أصبحنا نترحم على برلمانات الرئيس الأسبق حسني مبارك. البرلمان المنقضي يفتقر ليس للأدوات الرقابية والتشريعية، ولم يكن مقنعا في أدائه ولا في أشخاصه، يكفينا أن نسمع من أحد النواب أنه سيكسر قدم الدكتور عمرو الشوبكي لو دخل البرلمان" (القضاء حكم بأحقية الشوبكي في العضوية بدلا من أحمد مرتضى منصور، لكن المجلس رفض تنفيذ الحكم).

وبشأن الشق الأسوأ في أداء البرلمان، شدد عليش على أن مجلس النواب لم يمثل الشعب مطلقا، لذلك فإن قراراته في مجملها لم تخدم المواطنين، ولم تقدم لهم الكثير بل أخذت منهم لا أعطتهم، مشيرا إلى أن عدد الذين لم يتحدثوا مطلقا في المجلس تجاوز 140 نائبا، فأين هؤلاء من مصالح الأمة؟

إخفاق تشريعي

وعلى المستوى التشريعي، انتقد السياسي المصري العضو السابق في مجلس الشعب مصطفى عزب، انقضاء الفصل التشريعي (خمس أدوار انعقاد) دون أن "يستخدم البرلمان أهم وسائل الرقابة، وهو الاستجواب، رغم انتشار الفساد في كل جنبات الحياة في مصر، وكذلك التفريط في الأمن القومي المصري ببيع جزيرتي تيران وصنافير، وتجريف سيناء وتهجير أهلها، وارتفاع الدين العام إلى أكثر من 4 تريليونات جنيه".

وأضاف عزب للجزيرة نت أنه لم يسبق هذا التفريط في أي برلمان سابق، "على سبيل المثال، ناقشت في برلمان 2005-2010 أكثر من 12 استجوابا، لكن هذا البرلمان لم يقم بتقديم طلب مناقشة رغم المشاكل الاجتماعية التي لا تحصى، وخالف العديد من مواد الدستور في العديد من القوانين".

وأشار إلى أن نواب البرلمان هم عبارة عن موظفين عند رئيس السلطة التنفيذية، يأتمرون بأمره كما صرّح سابقا قبل سنوات رئيس ائتلاف "دعم مصر" سامح سيف اليزل، أن مجلس النواب جاء لمساعدة السلطة التنفيذية، ضاربا بوظيفته الرئيسية عرض الحائط ألا وهي مراقبتها.

فشل اقتصادي

على المستوى الاقتصادي، يقول الخبير الاقتصادي رجل الأعمال المصري الأميركي محمد رزق، "إذا احتكمنا إلى لغة الأرقام بعيدا عن المواقف السياسية، نجد أن البرلمان المذكور قد ساهم في تمكين قبضة المؤسسات العسكرية على مفاصل الاقتصاد المصري، فضلا عن توريط مصر في ديون ضخمة لم تعرفها البلاد من قبل في تاريخها، ولن تستطيع عوائد ميزانيتها العليلة الوفاء بأقساطها وفوائدها المرتفعة، ناهيك عن خدمة الدين المحلي".

ومما زاد الطين بلة -بحسب رزق- أن تلك الأعباء تلتهم جزءا كبيرا من ميزانية الدولة السنوية، والتي وصلت إلى 121%؜ من الناتج القومي بحسب أرقام البنك المركزي، أو 187%؜ بحسب أرقام المؤسسات المالية الدولية التي تراقب أداء الاقتصاد المصري، وإذا زاد الفقر وتكدست الثروة في يد فئة قليلة فإنه يعكس فشلا اقتصاديا حقيقيا.

وحذر رزق -في حديثه للجزيرة نت- من أن الخطير في الأمر هو ارتفاع تكلفة المعيشة على المواطن نتيجة الضرائب والرسوم وارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة الجنيه مقابل ثبات الأجور، وزيادة نسبة العاطلين، ومن ثم فقد هبطت شريحة حددتها بعض المؤسسات الدولية بـ20%؜ من الطبقة الوسطى إلى الطبقة الفقيرة، في ظل غياب تام لبرنامج حكومي معقول لخلق فرص عمل أو معالجة المشكلة، مشيرا إلى أن خلاصة القول هي أن هذا البرلمان كان مجرد ختم لدمغ ما تقدمه الحكومة إليه.

 

 

المصدر : الجزيرة + الجزيرة + وكالات