ليبيا.. حشد "غير مسبوق" لقوات الوفاق غرب سرت ومصر تسعى لتثبيت الوضع على الأرض

Troops loyal to Libya's internationally recognized government are seen in military vehicles as they prepare before heading to Sirte
رتل تابع لقوات حكومة الوفاق في طريقه من مصراتة إلى سرت (رويترز)

تحدثت قوات حكومة الوفاق الوطني الليبية عن حشد غير مسبوق لمقاتليها غرب مدينة سرت استعدادا لعملية عسكرية مرتقبة، في حين أعلنت مصر سعيها لثبيت الوضع الميداني والتزامها بالحل السياسي في ليبيا، بعدما هددت حديثا بتدخل عسكري مباشر في جارتها الغربية بموجب تفويض من معسكر اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

وجاء وصف الحشد العسكري غرب سرت (450 كيلومترا شرق طرابلس) بغير المسبوق على لسان مصطفى المجعي المتحدث باسم عملية بركان الغضب التابعة لحكومة الوفاق اليوم الأحد في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية.

وقال المجعي إن "اندلاع معركة تحرير مدينتي سرت والجفرة أمر محسوم وقريب جدا، وكذلك تحرير الحقول والموانئ الليبية"، مضيفا أن هذه هي مهمة غرفة عمليات سرت الجفرة.

وأضاف أن الهدف الأوسع هو القضاء على ما وصفها بحالة التمرد وبسط السيطرة على كامل التراب الليبي.

وتابع المتحدث الليبي أنه إذا قامت الدول الداعمة لحفتر بتحكيم العقل فلن تكون هناك معركة، لكنه أوضح أنه إذا اختارت تلك الدول القتال، فإن قوات الوفاق مستعدة لها، مؤكدا أن كل الإمكانيات مسخرة لخدمة غرفة عمليات سرت الجفرة.

ورجّح المجعي أن تتخلى روسيا عن حفتر، مضيفا أن الأخير بات يعتمد أكثر على من وصفهم بمرتزقة الجنجويد السودانيين.

تعزيزات عسكرية
وكانت قوات الوفاق أعلنت أمس عن إرسال تعزيزات عسكرية وإمدادات باتجاه مدينة سرت، وأكد المتحدث باسم غرفة عمليات سرت الجفرة أنه تم توزيع المقاتلين والأسلحة والذخائر على محاور القتال استعدادا لتعليمات حكومة الوفاق للتقدم باتجاه سرت وكذلك باتجاه الجفرة التي تقع جنوبا (وسط ليبيا)، وتوجد فيها قاعدة أكدت قيادة القوات الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) أن روسيا نشرت فيها طائرات دعما لحليفها حفتر.

وبثت قناة فبراير الليبية الخاصة أمس صورا لقوات الوفاق التي توجهت إلى سرت من عدة مدن مثل طرابلس ومصراتة والزاوية، كما نشر ناشطون صورا لما قالوا إنها راجمات صواريخ متطورة نشرتها تلك القوات.

وبعد دحر قوات حفتر وداعميها من المرتزقة الروس من ضواحي طرابلس الجنوبية ومدينة ترهونة (80 كيلومترا جنوب شرق طرابلس) مطلع يونيو/حزيران الماضي، توجهات طلائع قوات الوفاق نحو سرت، وخاضت مناوشات مع قوات حفتر، كما تعرضت لضربات جوية اضطرتها للتراجع غربا.

وحديثا، قال وزير الخارجية التركية مولود جاويش أوغلو إن وقف إطلاق النار في ليبيا مشروط بانسحاب قوات حفتر من سرت والجفرة.

وفي منطقة الهلال النفطي قرب سرت، وعلى بعد مئات الأمتار من خزانات نفطية، وقعت أمس اشتباكات بين مجموعتين مسلحين مواليتين لحفتر (قوات الصاعقة وحرس المنشآت النفطية)، وهو ما أثر قلق المؤسسة الوطنية الليبية للنفط، التي سبق أن نددت بوجود مرتزقة داعمين لحفتر في بعض الحقول والموانئ النفطية.

حل سياسي
سياسيا، أكد مجلس الدفاع الوطني في مصر اليوم عقب اجتماع ترأسه الرئيس عبد الفتاح السيسي التزام القاهرة بالحل السياسي كسبيل لإنهاء الأزمة الليبية، بما يحافظ على سيادة الدولة الليبية ووحدتها، حسب تعبيره.

وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية إن مجلس الدفاع دعا إلى وضع حد لما وصفها بالتدخلات الخارجية غير المشروعة في ليبيا.

وأضاف أن المجلس أكد سعي مصر لتثبيت الموقف الميداني الراهن في ليبيا وعدم تجاوز "الخطوط المعلنة" بهدف إحلال السلام بين جميع الفرقاء.

كما قال إن الملف الليبي يعتبر إحدى الأوليات القصوى للسياسة الخارجية المصرية.

وكان الرئيس المصري قد لوّح بالتدخل عسكريا في ليبيا، وتحدث عن "تفويض" محتمل بذلك من "القبائل الليبية"، معتبرا أن تقدم قوات الوفاق نحو سرت والجفرة يعد "خطا أحمر".

ونددت حكومة الوفاق بتهديدات السيسي، وأكدت اعتزامها بسط سيطرتها على كل التراب الليبي، محذرة القاهرة من مغبة التدخل في ليبيا.

وفي وقت سابق، نشرت حكومة الوفاق صورا لما قالت إنها إمدادات عسكرية مصرية وصلت إلى مدينة طبرق شرقي ليبيا دعما لحفتر.

وفي عمّان، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري اليوم إن وجود ما وصفها بالمليشيات المسلحة في ليبيا أمر يهدد الأمن المصري، وقد دعا هو ونظيره الأردني أيمن الصفدي إلى إيجاد حل سياسي للنزاع في ليبيا بعيدا عن التدخلات الخارجية.

مواقف منددة
في الأثناء، لا تزال تتوالى المواقف الليبية الرافضة لاجتماع شخصيات قبلية ليبية في القاهرة، ودعوتهم مصر للتدخل عسكريا في ليبيا.

فقد حذر المجلس الأعلى للمدن والقبائل في ليبيا مواطني المنطقة الشرقية من خطورة أي تدخل مصري يؤثر على الطبيعة السكانية في المنطقة.

وطالب المجلس حكومة الوفاق باتخاذ الإجراءات القانونية ضد من طالب بالتدخل المصري بليبيا.

بدوره، طالب مجلس أعيان بلدية مصراتة حكومة الوفاق بمخاطبة النائب العام الليبي لاستصدار أوامر قبض وجلب بحق كل فرد من الوفد الذي التقى الرئيس المصري في القاهرة.

وقال المجلس في بيان له إن من يمثل ليبيا وشعبها هي حكومة الوفاق المعترف بها دوليا والهيئات المنبثقة عن اتفاق الصخيرات السياسي.

كما أعلن مجلس حكماء وأعيان بلدية تاجوراء شرق العاصمة طرابلس رفضه لما وصفها بمهزلة التفويضات التي ابتدعها السيسي وحفتر، وطالب بمحاكمة أفراد الوفد الذي طلب من السيسي التدخل عسكريا في ليبيا.

وفي نفس الإطار، أعلنت قبائل ووجهاء ومشايخ ومؤسسات المجتمع المدني بمدينة ترهونة اليوم التبرؤ من لقاء القاهرة، مؤكدين أن قبائل ترهونة كلها مع وحدة التراب الليبي وضد أي تدخل مصري في ليبيا.

وكانت قد صدرت مواقف مماثلة عن أعيان قبائل ورفلة والمغاربة، فضلا عن مكونات اجتماعية في عدد من المدن على غرار مدينة الزنتان (جنوب غرب طرابلس).

تجنيد المرتزقة
من جهة أخرى، أعلنت اليوم قوات الدعم السريع السودانية في ولاية شمال دارفور (غربي السودان) عن اعتقال 160 شخصا -بينهم أجنبيان- كانوا في طريقهم إلي ليبيا للعمل مرتزقة هناك.

وهذه هي المرة الثالثة خلال أقل من شهر تعلن فيها السلطات السودانية اعتقال العشرات كانوا في طريقهم للعمل مرتزقة في ليبيا.

المصدر : الجزيرة + وكالات