مأزق سد النهضة.. قمة أفريقية مصغرة مرتقبة والسودان لا يخشى ملء الخزان

Ethiopia's Grand Renaissance Dam seen as it undergoes construction work on the river Nile in Guba Woreda
إثيوبيا أكدت أن دخول المياه بحيرة السد مؤخرا ليس نتيجة بدء التعبئة (رويترز)

أكد السودان أنه لن يتأثر في حال تم ملء خزان سد النهضة بشكل أحادي من قبل إثيوبيا التي تخوض مواجهة ثنائية مع مصر بهذا الشأن، في حين ينتظر عقد قمة أفريقية مصغرة يحضرها قادة الدول الثلاث المعنية مباشرة بالأزمة سعيا إلى تسوية.

فقد قال وزير الري السوداني ياسر عباس في حديث للإذاعة السودانية اليوم السبت، إن بلاده لن تتأثر بخطوات الملء الأحادي لسد النهضة من قبل إثيوبيا.

وأضاف عباس أن بلاده لا تبدأ تخزين حصتها من المياه إلا في شهر سبتمبر/أيلول أو أواخر أغسطس/آب بسبب الطمي الكثيف في يوليو/تموز.

لكنه قال إن بلاده تفضل ألا تتصرف أي دولة بشكل أحادي، خاصة أن هناك مفاوضات جارية.

وأعلن الوزير السوداني أن رئاسة الاتحاد الأفريقي تعكف الآن على دراسة التقارير الختامية التي رفعتها كل من مصر والسودان وإثيوبيا.

وأشار إلى عقد اجتماع لوزراء الري في الدول الثلاث يوم الثلاثاء المقبل، في حين رجحت مصادر أخرى أن يكون الاجتماع على مستوى الرؤساء.

وأكد عباس أن رئيس جنوب أفريقيا رئيس الاتحاد الأفريقي الحالي سيريل رامافوزا سيتخذ الخطوة التالية بناء على نتائج ذلك الاجتماع الوزاري.

القمة المصغرة
وفيما يتعلق بالقمة الأفريقية المرتقبة، قال مصدر حكومي سوداني مطلع للجزيرة إن الاتحاد الأفريقي دعا لعقد قمة مصغرة سيشارك فيها رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الأثيوبي آبي أحمد.

وستناقش القمة القضايا الخلافية بشأن سد النهضة وأبرزها معالجة آثار سنوات الجفاف القصيرة والمتوسطة والطويلة أثناء تعبئة وتشغيل السد، ومدى إلزامية الاتفاقات التي سيتم التوصل إليها بين الدول الثلاث، وكيفية فض النزاعات إذا نشأت حول الاتفاقات.

وقال المصدر الحكومي السوداني للجزيرة إن الخرطوم والقاهرة تتمسكان بضرورة إلزامية ما يتم الاتفاق عليه وإخضاع الخلافات التي قد تظهر لمرجعية محددة.

وأضاف المصدر أن إثيوبيا تقبل بالتفاوض كمرجعية لفض الخلافات.

وفي السياق، قال رئيس اللجنة الفنية السودانية بمفاوضات سد النهضة للجزيرة إن إثيوبيا تريد ألا يحرمها أي اتفاق من بناء سدود أخرى.

من جهته، قال مراسل الجزيرة في السودان الطاهر المرضي إنه ليس هناك حتى الآن حديث عن مشاركة رؤساء في القمة الأفريقية المصغرة.

وأضاف أن الاجتماع المرتقب سيبحث التقارير التي رفعت مؤخرا للاتحاد الأفريقي، بما فيها مقترح اتفاق تقدم به السودان.

وأوضح أنه بعد بلوغ المفاوضات طريقا مسدودا، فإن الكل الآن ينتظر أن تصل القمة الأفريقية المصغرة إلى حلول تجنب الذهاب إلى مجلس الأمن الدولي ليبقى البيت الأفريقي إطارا للتسوية المنشودة.

كما أشار المراسل إلى أن منسوب النيل الأزرق حافظ على مستوى انخفاضه بعد أربعة أيام من إعلان إثيوبيا بدء تعبئة خزان سد النهضة، قبل أن تتراجع عن هذا الإعلان.

جمود بالمواقف
وبعد فشل جولات التفاوض الثلاثية الأخيرة بين إثيوبيا ومصر والسودان، لا تبدو في الأفق أي إشارة لاحتمال انفراج قريب، في ظل تمسك كل من أديس أبابا والقاهرة بموقفيهما، وكان التوتر بين الجانبين قد بلغ حد التلويح بالمواجهة العسكرية.

وقال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أمس إن ملء خزان سد النهضة سيتم وفقا للجدول المقرر، وقد أدى أحمد اليوم زيارة لأسمرة التقى خلالها نظيره الإريتري أسياس أفورقي.

وكانت وسائل إعلام إثيوبية تناقلت الأربعاء الماضي تصريحات لوزير الري الإثيوبي سيليشي بقلي عن بدء بلاده تعبئة بحيرة سد النهضة من مياه النيل الأزرق، لكنه نفى لاحقا أن يكون صرح بذلك، موضحا أنه أكد فقط ما أظهرته صور قمر صناعي أوروبي من تجمع كبير لمياه الأمطار بالبحيرة.

وبعد تداول تصريحات لوزير الري الإثيوبي الأربعاء الماضي عن البدء رسميا في ملء خزان سد النهضة، والتي تم التراجع عنها لاحقا، أفاد المراسل بأن منسوب النيل الأزرق سجل انخفاضا كبيرا عند أول نقطة قياس في محطة الديم خلف بحيرة سد الروصيرص التي تبعد 20 كيلومترا فقط عن سد النهضة.

من جهته، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمس على حتمية بلورة اتفاق قانوني شامل بين كل الأطراف المعنية بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة الذي شيدته إثيوبيا على نهر النيل الأزرق قرب حدودها مع السودان، والذي ترى فيه مصر الآن تهديدا خطيرا لأمنها القومي.

وتخشى مصر أن تؤدي تعبئة خزان سد النهضة قبل التوصل لاتفاق إلى الإضرار بحصتها من المياه التي تتجاوز 55 مليار متر مكعب سنويا، في حين تنفي إثيوبيا أي نية لديها للإضرار بحقوق القاهرة المائية، وتؤكد أن استكمال السد -الذي تصل كلفته لنحو 5 مليارات دولار ويتوقع إنتاجه كمية كبيرة من الكهرباء- سيساهم في دفع مسيرة التنمية بالبلاد.

المصدر : الجزيرة + وكالات