كورونا في ليبيا.. نقص بالبنية الصحية وتعتيم في مناطق حفتر

سيارة إسعاف تمر على نقطة أمنية في طرابلس
سيارة إسعاف أمام نقطة أمنية في طرابلس (الجزيرة)

محمود ارفيدة-طرابلس

أثار ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) الرأي العام في ليبيا بشأن قدرة المستشفيات والمراكز الصحية على مواجهة الفيروس، في ظل استمرار الحرب التي يشنها اللواء المتقاعد خليفة حفتر على طرابلس.

وقد توفيت سيدة مسنة تبلغ من العمر 85 عاما بعد اكتشاف المركز الوطني لمكافحة الأمراض إصابتها بالفيروس، بعد تحليل معملي أجري لها إثر وفاتها؛ كما ارتفعت الحالات في ليبيا إلى 18 إصابة.

ويرجع مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط أحمد المنظري، سبب قلة رصد حالات الإصابة، إلى ضعف قدرة نظم الرصد والتحليل المعملي.

ويمتلك المركز الوطني لمكافحة الأمراض في طرابلس مختبرا مرجعيا واحدا، يكشف عن جميع العينات التي تصل إليه من بعض المدن، للكشف عن المشتبه في إصابتهم بالفيروس.

كما تعاني بعض المستشفيات والمراكز الصحية الليبية من بنية تحتية ضعيفة، في ظل عدم توفر بعض المستلزمات الأساسية ونقص الكوادر الطبية وتضرر المراكز الصحية في عدد من المناطق بسبب الحرب والفوضى، وفق أطباء متخصصين.

وتسابق المؤسسات الصحية في ليبيا الزمن لتعبئة قدراتها، مع ارتفاع حالات الإصابة والتحديات التي تعصف بالبلاد، في ظل الحرب والانقسام والأزمات الاقتصادية والأمنية.

غموض في الشرق
ويستمر الغموض في أعداد المصابين في مناطق شرق ليبيا التي يسيطر عليها حفتر، الذي شكل لجنة عسكرية بقيادة رئيس أركانه عبد الرزاق الناظوري وبعض العسكريين لإدارة الملف، متجاوزا وزارة الصحة في حكومة عبد الله الثني الموالية له.

ومما أثار الرأي العام بوجود حالات مصابة في شرق ليبيا، تأكيد عضو فريق مكافحة كورونا في بنغازي الدكتور محمد عجرم -على قناة موالية لحفتر- عدم وجود المعدات الأولية لأخذ تحاليل الكشف عن الفيروس لدى المشتبه بإصابتهم به في بنغازي.

وبعد انتقاد عجرم للسلطات في شرق ليبيا لعدم توفير المستلزمات الأولية والأجهزة اللازمة لمواجهة الفيروس، احتجزه مسلحون موالون لحفتر، ونقل للتحقيق معه من قبل عبد الرزاق الناظوري.

وقال الناظوري في مؤتمر صحفي بعد احتجاز عجرم، إن "منتقدي الجهات التي تعمل على مكافحة كورونا خونة"، مضيفا "لا تستمعوا لأي نقد.. أي شخص تسمعونه ينقد اعتبروه خائنا، لأن النقد لا يجوز".

خطة وزارية
في المقابل، اعتبر رئيس مركز العزل الصحي في وزارة الصحة بحكومة الوفاق فوزي ونيس، أن سياسة وزارة الصحة منذ بداية انتشار الفيروس في العالم هو فصل المستشفيات العامة والتخصصية وكل ما يتعلق بعلاج المرضى والجرحى عن المصابين بفيروس كورونا، باعتبار أن المستشفيات العامة تستقبل عددا كبيرا من المدنيين والجرحى.

وأضاف ونيس للجزيرة نت "بدأنا إنشاء مراكز العزل الصحي بعد تحديد 8 مراكز عزل كخطوة أولى، وافتتاح أول المراكز في معيتيقة بطرابلس بسعة أكثر من 50 سريرا، وفي مصراتة أنشأ مركز للعزل يضم عددا كبيرا من الأسرة، والعمل يجري لإنشاء مراكز للعزل في مدن زليتن ونالوت والخمس وغدامس وزوارة والزاوية لافتتاحها قريبا".

وبشأن الإصابات بالفيروس في شرق ليبيا، قال ونيس "لا نملك معلومات عن أعداد الإصابات، وهناك تكتم عن الأخبار الصحيحة وغموض كبير في المعلومات، وحتى فرع مركز مكافحة الأمراض ببنغازي إداريا يتبع للإدارة الرئيسية في طرابلس، لكنه لا يملك أي معلومات خاصة بعد تشكيل لجنة عسكرية بإمرة ضابط. جميع البيانات والمعلومات محتكرة".

وتوقع ونيس حدوث إصابات بين المواطنين، مشيرا إلى أن وزارة الصحة في حكومة الوفاق تتواصل فقط مع مدينة طبرق لإنشاء مركز للعزل الصحي في المدينة، أسوة ببقية مدن ليبيا.

وأشاد ونيس بالتزام المواطنين الليبيين بالبقاء في البيوت حفاظا على أنفسهم، للحد من انتشار الفيروس ومنع الاختلاط والتجمعات وإيقاف جميع المناسبات الاجتماعية.

تكتم غريب
وعبّر رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أحمد حمزة عن استغرابه من التكتم على حالات الإصابة بفيروس كورونا، مما يفقد السلطات الصحية الشفافية في نشر المعلومات الدقيقة عن مدى انتشار الفيروس في ليبيا.

وفي تعليقه على حادثة احتجاز الدكتور محمد عجرم، قال حمزة للجزيرة نت "يجب على السلطات الليبية احترام الأطقم الطبية والطبية المساعدة وضمان سلامتهم وحمايتهم من أي أذى، وتسهيل أعمالهم الطبية الإنسانية في هذه الظروف الاستثنائية".

وشدد حمزة على ضرورة كشف المركز الوطني لمكافحة الأمراض المعلومات بكل شفافية عن انتشار الفيروس في الحالات الجديدة، للحد من الشائعات والمعلومات المغلوطة المنتشرة عن الوباء.

تمويل عسكري
ويرى الخبير العسكري عادل عبد الكافي أن تدخل حفتر في ملف كورونا يأتي من أجل استغلال أي دعم محلي ودولي، وتحويله للإنفاق على حملته العسكرية في طرابلس.

وأضاف عبد الكافي للجزيرة نت "تكليف حفتر لجنة عسكرية جاء من أجل سرقة أي دعم من حكومة الوفاق للقطاعات من أرصدة البنوك في المنطقة الشرقية، إضافة إلى التحكم في ملف كورونا لعدم كشف أي معلومات تؤجج الشارع ضد حفتر في ظل البنية الصحية الضعيفة والمتهالكة في المنطقة الشرقية، وتضرر المستشفيات والمراكز الصحية وعدم توفر المستلزمات الأولية لعلاج المصابين".

واعتبر أن "المرتزقة الروس والسوريين والأفارقة ممن يحملون الفيروس، يمرون على مطار بنينا ببنغازي في الشرق الليبي قادمين على متن طيران أجنحة الشام، ويدخلون ليبيا دون مراقبة أو متابعة صحية لهم، ويتم الدفع بهم إلى جبهات القتال لصالح حفتر في غرب ليبيا".

المصدر : الجزيرة