جولة للجزيرة نت.. هكذا تبدو طهران بعد استئناف النشاط الاقتصادي

إثر استئناف الأنشطة الاقتصادیة.. الأزمات المرورية تخنق طهران ومخاوف من تصاعد تفشي كورونا
أحد الشوارع الرئيسية في العاصمة الإيرانية طهران (الأوروبية)

طهران-الجزيرة نت

المتجول في شوارع العاصمة الإيرانية طهران هذه الأيام لا يشعر -في الوهلة الأولى- بأن البلاد تواجه جائحة كورونا، فحركة المرور أصبحت طبيعية وأغلب الأعمال التجارية استأنفت نشاطها، فضلا عن الدوائر الحكومية التي باشرت عملها بثلثي عدد الموظفين.

وبالرغم من إعلان الحكومة الإيرانية أن قرار استئناف الأنشطة الاقتصادية لا يشمل سوى فئة "قليلة المخاطر"، فإن شوارع العاصمة مكتظة بالمارة في ضوء مباشرة أغلب الأنشطة التجارية أعمالها، ناهيك عن تفاقم الأزمات المرورية في طرقها الرئيسية.

وفي مشهد يتناقض مع إرشادات خطة التباعد الاجتماعي، رأينا "مهستي" الخمسينية تشق طريقها إلى محطة قطار الأنفاق في ساحة "هفت تير" وسط العاصمة طهران، وهي تتذمر من اكتظاظ وسائل النقل العام في ظل جائحة كورونا.

‪محلات بطهران تفتح أبوابها للجمهور (الأوروبية)‬ محلات بطهران تفتح أبوابها للجمهور (الأوروبية) 
‪محلات بطهران تفتح أبوابها للجمهور (الأوروبية)‬ محلات بطهران تفتح أبوابها للجمهور (الأوروبية) 

انتقادات للحكومة
وقالت "مهستي" للجزيرة نت "لقد مكثت خلال الأسابيع الثلاثة الماضية في البيت والتزمت مع أفراد أسرتي بتوصيات الحجر المنزلي، لكنني اضطررت منذ يوم أمس للعودة إلى العمل خشية أن أخسر مصدر رزقي، لكن يبدو أن القلق من الإصابة بفيروس كورونا أو نقله إلى أولادي هو الذي سيقضي عليّ".

وأنحت باللائمة على الحكومة لتسرعها باستئناف الأنشطة الاقتصادية وفتح الدوائر الحكومية وعبرت عن خشيتها من أن تذهب متاعب الحجر الصحي أدراج الرياح.

ومن وسط المدينة، واصلت الجزيرة نت تجولها إلى شمالها عبر شارع مدرس الذي أضحى يعاني من أزمة مرورية خانقة كسائر الطرق الرئيسية في طهران حيث منطقة بارك وي ومحطة أستاذ معين لحافلات النقل العام.

ومن هناك لفت دخان سيجارة السائق كامران نقي زاده انتباهنا، وما إن سألناه عن مدى التزام المسافرين بالتوصيات الصحية حتى قال "نعم أغلب المسافرين يستخدمون الأقنعة والقفازات لكن هناك من لا يجد هذه المستلزمات، وآخرون لا يستطيعون اقتناءها بسبب أسعارها الباهظة هذه الأيام".

وتابع حديثه للجزيرة نت بأنه كلما ننحدر باتجاه جنوب المدينة، فإن عدد المسافرين الذين لا يستخدمون المستلزمات الواقية للوباء يزداد بشكل لافت، مستدركا أن الشريحة الثرية لا تستقل وسائل النقل العام أصلا.

‪السلطات الإيرانية حذرت من موجة جديدة من كورونا‬ (الأوروبية)
‪السلطات الإيرانية حذرت من موجة جديدة من كورونا‬ (الأوروبية)

أعداد وأرقام
وعلى وقع اكتظاظ الشوارع والطرق الرئيسية بالسيارات، أعلن رئيس شرطة المرور بالعاصمة طهران محمد رضا مهماندار عن ارتفاع الأزمات المرورية في المدينة خلال فترة تطبيق سياسة التباعد الاجتماعي بنسبة 70%، مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي.

في غضون ذلك، حذر قائد عمليات مكافحة فيروس كورونا في طهران علي رضا زالي- في تصريح صحفي- من موجة جديدة من الإصابات بفيروس كورونا ولا سيما أن إحصاءات وزارة الصحة الإيرانية تشير إلى استئناف مليون ومئتي ألف من الأنشطة الاقتصادية منخفضة المخاطر حتى يوم أمس السبت 18 أبريل/نيسان الجاري.

ويرى مراقبون إيرانيون أن إيعاز الرئيس الإيراني حسن روحاني باستئناف الأنشطة الاقتصادية المصنفة بأنها متوسطة المخاطر سيضاعف عدد المشاغل التي ستباشر عملها بشكل نهائي ما يرفع عدد مستخدمي وسائل النقل العام في المدن الكبرى.

وعن تداعيات اكتظاظ وسائل النقل العام على وتيرة تفشي كورونا في إيران، أوضح نائب وزير الصحة الإيراني إيرج حريرجي في تصريح صحفي أن 26% من العدوى تحدث عبر وسائل النقل العام وأن تداعيات عودة الأنشطة الاقتصادية على الوباء ستظهر خلال الأسابيع المقبلة.

‪مواطنة إيرانية داخل أحد المحلات التجارية بالعاصمة‬  (الأوروبية) 
‪مواطنة إيرانية داخل أحد المحلات التجارية بالعاصمة‬ (الأوروبية) 

تفاؤل باحتواء كورونا
وعما إذا كانت التوقعات بعودة موجة جديدة من الإصابات بفيروس كورونا في إيران، يرى المختص في الأمراض المعدية شهاب يوسفي فر أن "نسبة الإصابات ستقل خلال بداية الصيف حتی إذا ارتفعت خلال الأسابيع المقبلة ولا سيما أن الفيروس لا يستطيع مقاومة الحرارة"، مستشهدا بتراجع الوباء في المحافظات الجنوبية مقارنة مع المناطق الباردة.

وأشار في حديث للجزيرة نت إلى تدهور الاقتصاد الوطني جراء العقوبات الأميركية، مضيفا أن الحكومة الإيرانية كانت مضطرة على المجازفة والاختيار بين الموت جوعا أو بكورونا، على حد تعبيره.

وخلص إلى أن فرصة احتواء جائحة كورونا خلال فترة الصيف أكبر بكثير من فترة الخريف والشتاء، ما يؤكد ضرورة تفعيل الأنشطة خلال الفترة الراهنة، مؤكدا ضرورة تطبيق الإرشادات الصحیة من قبل المواطنين للوصول إلى مرحلة السيطرة على الجائحة.

من ناحيته، أكد الباحث في مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية عباس أصلاني أن حكومة روحاني ستقيّم تداعيات الاستئناف الجزئي للنشاط الاقتصادي على وباء كورونا بعد أسبوعين من تطبيقه، وأنها ستواصل خطتها طالما كانت التداعيات تحت السيطرة.

وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن جائحة كورونا ستخلف تداعيات وخيمة على الكثير من اقتصادات العالم وعزا سبب تسرع بلاده في استئناف أنشطتها الاقتصادية إلى تدارك آثار الوباء على اقتصادها الوطني، مشيرا إلى أن بعض التقديرات الإيرانية ترجح استمرار الجائحة عدة أشهر.

ونفى أي علاقة بين قرار السلطات الإيرانية استئناف الأنشطة الاقتصادية والعقوبات الأميركية، وختم بأنه "بالرغم من المساعي الحثيثة التي يبذلها المسؤولون في إيران لاحتواء تداعيات الجائحة السلبية، فإن نتيجتها النهائية لن تكون لصالح حكومة روحاني".

المصدر : الجزيرة