"عصبة الثائرين" تنظيم عراقي شبحي يستهدف المصالح الأميركية.. فما قصته؟

تقرير عن فصيل "عصبة الثائرين" المسلح في العراق
أحد الفصائل المسلحة خلال إطلاق صواريخ (الجزيرة نت)
الجزيرة نت-بغداد
 
من دون توقف، تستمر تداعيات اغتيال قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي على طريق مطار بغداد بغارة أميركية مطلع يناير/كانون الثاني الماضي، وتظهر حينا بصواريخ الكاتيوشا التي تستهدف التواجد الأميركي في العراق، الذي يرد عليها باستهداف مواقع الفصائل المسلحة، ثم تهدأ أياما، وتعود مرة أخرى بهجمات ما زالت تباركها الفصائل المسلحة، وينكرها الحشد الشعبي، وتدينها الحكومة العراقية.
 
"عصبة الثائرين"
ورغم الرد الإيراني على اغتيال سليماني بوابل من الصواريخ التي استهدف القوات الأميركية في قواعد عسكرية بالعراق، ورد عراقي تمثل في قانون بالبرلمان يلزم الحكومة بمطالبة واشنطن بسحب قواتها من البلاد؛ ما زالت الفصائل العراقية مستمرة في بث رسائل التهديد للتواجد الأميركي، حتى ظهر فصيل جديد أعلن حربه على الولايات المتحدة.
 
وعلى غير عادة الفصائل المسلحة العراقية، عرف فصيل "عصبة الثائرين" عن نفسه بإصدار مرئي لاستطلاع يرصد منشآت السفارة الأميركية وسط بغداد بالكامل، وقاعدة عين الأسد التي تتواجد فيها قوات أميركية بمحافظة الأنبار.
 
وقال الفصيل، في بيان اطلعت عليه الجزيرة نت "أيها الشعب العراقي الثائر والمقاوم، هذه سفارة الشر تحت أنظارنا، وفي رحمة صواريخنا، ولو شئنا لجعلناها هباء منثورا، وقد خبرتم بأسنا ودقة ضرباتنا".
(مواقع التواصل)
(مواقع التواصل)
 

غطاء للوكلاء 

لم يتبنَ أي من الفصائل المعروفة في العراق المقربة من إيران الفصيل الجديد، لكن عناصر ضمن الفصائل المسلحة يعرفون من أنشأه ولماذا.
 
يقول عنصر في "كتائب حزب الله" في حديث للجزيرة نت إن قيادات حزب الله ولعدم استمرار التقاطع مع الحكومة العراقية، وتجنب الرد العسكري الأميركي؛ قررت تشكيل "عصبة الثائرين".
 
وأضاف العنصر -الذي اشترط عدم ذكر اسمه- أن كتائب حزب الله أكثر الفصائل تخطيطا، واستحسنت الفصائل المنخرطة في النزاع مع الأميركان، خاصة حركة النجباء وعصائب أهل الحق وغيرهما؛ فكرة إنشاء الفصيل الجديد ليكون غطاء للعمليات ضد الأميركان، مبينا أن "الكتائب لا تنوي وقف استهداف مصالح واشنطن وقواتها في العراق، وجاء الفصيل الجديد لتفادي ردود الأفعال الحكومية".
 
وتابع أن جر الأميركان للرد على الاستهدافات سيكون بمثابة الفخ الذي يزيد الغضب الشعبي ضد تواجد الولايات المتحدة في العراق، ويدفع الجماهير إلى المطالبة بوقف القصف على مواقع الفصائل التي ستستمر في إلقاء الكرة في ملعب "عصبة الثائرين"، لتضليل الأميركان بشأن الرد، وإجبارهم على البحث عن مواقع تابعة للجهة المستهدفة وليس غيرها.
 
من جهته، أوضح عنصر في هيئة الحشد الشعبي الرسمية للجزيرة نت أن قيادات الحشد تعرف جيدا من يقف وراء فصيل "عصبة الثائرين" الجديد، وكذلك عملت فصائل المقاومة على تخليص الحشد الرسمي من تبعات استهداف القوات الأميركية، وتجنب انقسامات أكثر في ظل استمرارها في استهداف الأميركان، رغم الموقف الرسمي للحكومة والحشد الرافض لذلك.
 

حضور "شبحي" 
يقول الخبير الإستراتيجي هشام الهاشمي إن تنظيم "عصبة الثائرين" يعيد منهج الجماعات الخاصة عام 2007، أو التي عرّفتها الأبحاث المختصة "بفرق الموت"، والتي كانت مجموعة من خلايا راديكالية تعتقد أن الحل في المقاومة والسلاح، وقتال القوات الأميركية بوسائل الحرب الهجينة أو حرب العصابات أو قتال الشوارع.
 
وأضاف الهاشمي للجزيرة نت أن استخدام الصواريخ يساعد تنظيم "عصبة الثائرين" على إثبات حضور شبحي، وإعلان مسؤوليتها عن استهداف المعسكرات والقواعد الأميركية المشتركة يحمي الفصائل الأخرى من المطاردة الأميركية.
 
ولفت إلى أن تحليل الشعار الخاص بالفصيل يظهر خليطا من شعار كتائب حزب الله وكتائب النجباء وسيد الشهداء، وابتعادهم عن اللون الأصفر ربما للتمويه.
 
وتابع الخبير الإستراتيجي أن القوات الأميركية تريد أن تبتعد عن الرد العسكري الذي يزيد السخط الشعبي العراقي، وقد تلجأ إلى عمليات شبحية غير معلن عنها تنسب إلى جهات مجهولة، كاستخدام تكتيك صيد الطائرات المسيرة. 
‪الكاظمي تنتظره مهمة شاقة في ظل إصرار الفصائل المسلحة على استهداف المصالح الأميركية‬  الكاظمي تنتظره مهمة شاقة في ظل إصرار الفصائل المسلحة على استهداف المصالح الأميركية (رويترز)
‪الكاظمي تنتظره مهمة شاقة في ظل إصرار الفصائل المسلحة على استهداف المصالح الأميركية‬  الكاظمي تنتظره مهمة شاقة في ظل إصرار الفصائل المسلحة على استهداف المصالح الأميركية (رويترز)

مهمة صعبة

من جانبه، اعتبر رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري أن استمرار استهداف المصالح الأميركية في العراق مثل البعثات الدبلوماسية والمعسكرات التي تتواجد فيها قوات أميركية؛ سيعقد المشهد أكثر أمام الحكومة المقبلة، ويدفع باتجاه المزيد من الانقسام الداخلي.
 
وأضاف الشمري في حديث للجزيرة نت أن تطورات الأحداث ستدفع المكلف بتشكيل الحكومة مصطفى الكاظمي إلى الحوار مع الأجنحة السياسية لما تسمى فصائل المقاومة، لأن الفصيل الجديد الذي نشأ لا يخرج من حاضنة الفصائل المسلحة الحالية دون شك، مبينا أن الكاظمي تنتظره مهمة شاقة للوصول إلى توافق مع القوى السياسية بخصوص الاستهدافات وحتى تكوين فصائل جديدة.
 
وفي ظل الأوضاع الأمنية الهشة والصراع السياسي الذي تشهده البلاد، ما تزال الحكومة العراقية تقف حائرة وسط الصراعات الدائرة بين الولايات المتحدة والفصائل المقربة من إيران، وتبدو الحكومة العراقية مع تشكيل الفصيل الجديد غير قادرة على فرض سيطرتها على الفصائل المسلحة وحصر السلاح بيد الدولة، في وقت تعمل فيه تلك الفصائل في إطار شبه رسمي تحت قيادة المنظومة الأمنية العراقية.
المصدر : الجزيرة