بين أردوغان وبوتين.. هل تنجح قمة موسكو في صياغة تفاهمات جديدة؟

Recep Tayyip Erdogan - Vladimir Putin in Berlin- - BERLIN, GERMANY - JANUARY 19: (----EDITORIAL USE ONLY – MANDATORY CREDIT -
بوتين وأردوغان (الأناضول)

زاهر البيك-أنقرة

في ظل توتر العلاقات بين روسيا وتركيا بعد جولة القصف التركي على مواقع النظام السوري وتحذير موسكو لأنقرة من عدم إمكانيتها ضمان سلامة الطائرات التركية فوق إدلب، تأتي قمة الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين المرتقبة غدا الخميس.

وأظهرت التطورات الأخيرة في إدلب خلافاً تركيا روسيا كان قد خفت بعد دخول البلدين في مساري أستانا وسوتشي، وتفاهمهما على عدد من دعوات التهدئة في إدلب خصوصا، كان آخرها في 8 يناير/كانون الثاني الماضي.

وكان الرئيس التركي أكد توجهه إلى موسكو اليوم للقاء نظيره الروسي، من أجل بحث التطورات في إدلب. وقال "آمل هناك أن يتخذ بوتين التدابير الضرورية مثل وقف إطلاق النار، وأن نجد حلا لهذه المسألة".

من جهته، أكد ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين أن بوتين وأردوغان سيجريان محادثات بشأن سوريا في موسكو الخميس، لكنه قال إن بلاده لم تغير موقفها فيما يتعلق بسوريا، وإنها ملتزمة كما كانت دوما إزاء دعم قتال الحكومة السورية ضد مقاتلي المعارضة.

مطالب أنقرة
وفي هذا السياق، صرح القيادي بحزب العدالة والتنمية الحاكم رسول طوسون للجزيرة نت أن بلاده تريد من القمة انسحاب قوات النظام السوري إلى حدود اتفاقية سوتشي ووقف إطلاق النار وكبح روسيا لجماح قوات النظام، مشددا على ضرورة تعهد الرئيس بوتين بالالتزام ببنود اتفاقية سوتشي.

وأضاف النائب السابق بالبرلمان التركي "تريد تركيا أيضا تفعيل قرارات خفض التصعيد، وتفعيل اللجنة الدستورية التي عرقلها أعضاء النظام السوري لأنه لا يريد حلا سياسيا". 

وأعرب طوسون عن عدم تفاؤله بنجاح القمة "كون الجانب الروسي يعتبر المعارضة المعتدلة تنظيمات إرهابية ويرفض مطالبنا بإيقاف استهدافها، وهو ما يتناقض مع الاعتراف القديم بالمعارضة المعتدلة التي تضمنها تركيا".

ولم يستبعد -في الوقت نفسه- التوافق بين الرئيسين، كون العلاقات الوثيقة التي تربط البلدين في مجالات التصنيع الدفاعي والطاقة والسياحة والتجارة البينية، فضلا عن عضوية أنقرة في حلف شمال الأطلسي (ناتو) قد تؤدي إلى تنازل الجانب الروسي.

درع الربيع
من جهته، ذكر المحلل السياسي المقرب من الحكومة التركية حمزة تكين أن الرئيس أردوغان سيشارك في القمة وبيده ورقة عملية درع الربيع العسكرية التي سيضعها على الطاولة.

وقال تكين للجزيرة نت "القمة غدا ستكون معقدة، والكرة في الملعب الروسي لا التركي، لأن الرئيس أردوغان سيطلب من الرئيس بوتين إجبار النظام السوري على الانسحاب من مناطق خفض التصعيد".

وأضاف "الوصول لتفاهمات جديدة أيضا مهمة صعبة، فتركيا متمسكة بمطالبها أمام الجانب الروسي، وتنازلها عن هذه المطالب ليس بالأمر البسيط كونها تتعلق بالأمن القومي التركي الذي أصبح في خطر" مشيرا إلى أن إدلب بالنسبة لتركيا قضية أمن قومي، وبالتالي التنازل في هذا الميدان ستكون له تبعات سلبية على تركيا نفسها.

ويتوقع تكين عدم خروج القمة بتفاهمات، وبالتالي زيادة زخم العملية العسكرية التركية في إدلب على الأرض ومن الجو، خاصة أن بلاده أثبتت تفوقا عسكريا في هذا المجال، معتقدا أن روسيا لن تتدخل بقوة للقتال إلى جانب النظام السوري ضد تركيا، فلو كانت ستدخل عسكريا ضد تركيا لكانت دخلت منذ اليوم الأول للعملية العسكرية التركية.

اتفاق وتفاهمات
لكن الباحث في الشأن التركي سعيد الحاج خالف سابقيه بالقول إن فرصة قمة أردوغان بوتين في التوصل لاتفاق تعتبر أكبر من فرص كل اللقاءات والمحادثات السابقة.

وأضاف للجزيرة نت "مما يدعم وصول الجانبين لتفاهمات: بدء عملية درع الربيع التركية، وتراجع النظام جزئيا، إضافة للموقف الروسي الهادئ نسبيا، وطبيعة التصريحات المتبادلة بين الطرفين، فضلا عن الوفد رفيع المستوى الذي يعد للقمة".

ويرجح الباحث أن يشمل الاتفاق -في حال حدوثه- تراجعا للنظام السوري عن بعض المناطق التي سيطر عليها مؤخرا، لكن دون عودة المعارضة إليها، إما بإدارة روسية منفردة أو روسية تركية مشتركة، وكذلك تأمين نقاط المراقبة التركية، وإنشاء منطقة آمنة بالأمر الواقع، وفتح الطرق الدولية.

وأوضح أن هذا الاتفاق قد لا يصمد طويلا جدا، ولكنه سيكون أقوى مما سبق، وسينزع فتيل الأزمة بين تركيا وروسيا، ويوقف العملية التركية ويحقق مطالب الطرفين إلى حد ما.

ومن جانب آخر ذكرت صحيفة "ملييت" التركية أنه في حال فشل الرئيسان في التوصل لاتفاق فإن أنقرة "قد توسع دائرة عملية درع الربيع شمال سوريا، إلى أن يتراجع النظام السوري حتى حدود اتفاق سوتشي" وستنحو في اتجاه مسألة استخدام طائراتها إلى المجال الجوي المحظور بالشمال السوري.

وعلى الرغم من الخلاف القائم، فإن الطرفين يبدوان بعيدين عن مواجهة مباشرة، إذ صرح الرئيس التركي أنه لا مشكلة له مع روسيا في سوريا، في وقت قال الرئيس الروسي إن بلاده "لا تخطط للدخول في حرب مع أحد".

المصدر : الجزيرة