وسط تجاهل حكومي.. أطباء مصر يواجهون كورونا ببدل عدوى 19 جنيها
محمد عبد الله-القاهرة
أعادت أزمة فيروس كورونا طرح قضية بدل العدوى للأطباء في مصر، الذي يبلغ 19 جنيها فقط (الدولار أقل من 16 جنيها)، باعتبارهم "الجيش ذا المعطف الأبيض" في مواجهة الخطر، خاصة داخل مقرات الحجر الصحي والمستشفيات.
وتخوض نقابة الأطباء منذ سنوات أحد أهم معاركها مع الحكومة، للمطالبة بزيادة بدل قيمة العدوى، التي لم تطرأ عليها أي زيادة منذ ربع قرن، حيث إن فئات أخرى ليست معرضة للعدوى -كالقضاة- تحصل على بدل قدره ثلاثة آلاف جنيه.
والمثير أن فئة الأطباء تواجه الفيروس بشجاعة، رغم 19 جنيها، في حين أن القضاة علقوا العمل بالمحاكم لمدة أسبوعين، في إطار الاحتراز من انتشار الفيروس.
وفي أغسطس /آب 2018، أنهت المحكمة اﻹدارية العليا المسار القضائي في ملف بدل العدوى للأطباء، بقبول الطعن المقدّم من هيئة قضايا الدولة، وإلغاء حكم سابق للقضاء الإداري بإلزام الحكومة بزيادة بدل العدوى للأطباء، وهو ما شكّل ضربة قاسية لجهود النقابة ومحاولة إصدار تشريع جديد يتعلق بزيادة بدل العدوى.
وفي منتصف مارس/آذار الجاري، خاطبت النقابة العامة للأطباء الرئاسة والحكومة لرفع قيمة بدل العدوى، خاصة أنهم الأكثر عُرضة للعدوى، لكن من دون استجابة من السلطات المصرية.
وتضامن مع الأطباء بعض نواب البرلمان، حيث طالبت النائبة ثريا الشيخ برفع بدل العدوى للأطباء من 19 جنيها إلى ثلاثة آلاف جنيه، فى مشروع الموازنة العامة الجديدة للدولة للسنة المالية القادمة، خاصة أن ما يتقاضاه الأطباء لا يتناسب مع الأخطار الصحية التي يتعرضون لها بحكم مهنتهم.
ولا يشكو الأطباء فقط من ضعف قيمة بدل العدوى، بل يعانون خلال الأزمة الحالية من عدم توافر إجراءات الفحص السليمة، ونقص الإمكانات اللازمة، وتحولت وسائل التواصل إلى منفذ وحيد يستطيع خلاله الأطباء والممرضون دق ناقوس الخطر للتحذير من المخاطر التي تواجههم، منتقدين وزيرة الصحة هالة زايد، ومتهمين الوزارة بعدم حماية الفرق الطبية من فيروس كورونا.
وفي تعليقه للجزيرة نت، عدّد موسى تلك الأسباب بالقول إن "الأولوية للقطاع العسكري والأمني في الإنفاق لضمان الولاء والسيطرة للنظام، خاصة في ظل الأزمة المالية، وهناك أيضا السياسة الطاردة للأطباء، ودفعهم للعمل في الخارج لضمان تحويل ملايين الدولارات سنويا لخزينة الدولة تحت بند التأمينات، حيث تقدر تحويلات مئة ألف طبيب مصري يعملون بالخارج بنحو ثلاثة مليارات دولار".
وحذر موسى من أن تجاهل المطالبات المتكررة على مدى أكثر من عقدين لإنقاذ المنظومة الصحية في مصر سيلقي بظلال كثيفة على نتائج الوضع الصحي في ظل الجائحة الحالية، مضيفا "ستتوقف تداعيات كارثة كورونا بشكل كبير على قوة المنظومة الصحية لكل دولة، إلى جانب كفاءتها في إدارة الأزمة، وعوامل قدرية أخرى تتعلق بتحور الفيروس لشكل أقل شراسة، أو تأثره بحرارة الصيف، أو اكتشاف اللقاح في زمن قياسي".
وفي حديثه للجزيرة، أكد صالحين أن أولويات النظام تنصب فقط على تدعيم من يدعمون كرسي الحكم؛ كالقضاة والجيش والشرطة، مضيفا "لكن الأطباء وكل العاملين في الحقل الصحي لا يمثلون أي أولوية"، لافتا إلى أن الحكومة تراهن على مرور أزمة كورونا، كما مرت أزمات أخرى غيرها.
وتابع "لو كانت الدولة ترغب في إصلاح النظام الصحي ما كانت تسمح بهجرة آلاف الأطباء والصيادلة وغيرهم، وكانت ستضع الصحة في الأولويات كما فعل برلمان ثورة يناير 2011 في آخر جلساته قبل انقلاب 2013، عندما أقر "كادرا خاصا" للعاملين بالمنظومة الصحية".