رغم حظره للتظاهر بمصر.. نظام السيسي يدعو للتظاهر بواشنطن ضد سد النهضة

أزمة سد النهضة تنتقل إلى ساحات دولية
أزمة سدّ النهضة تنتقل إلى ساحات دولية (الجزيرة)
محمد عبد الله-القاهرة 
 
"يا للسخرية..!"، هكذا وصف مراقبون وسياسيون قرار الحكومة المصرية حشد أنصارها للتظاهر أمام البيت الأبيض اليوم الأحد، لحث الإدارة الأميركية على دعم موقف مصر بشأن قضية سد النهضة الإثيوبي.

وأعلنت وزارة الهجرة المصرية تنظيم مظاهرة للجالية المصرية أمام مقر البيت الأبيض بالولايات المتحدة غدا الأحد، لحث الإدارة الأميركية على بذل المزيد من الجهود لدعم مفاوضات سد النهضة، وللمطالبة بحماية حقوق مصر المائية في ظل فشل هذه المفاوضات.

وأشارت وزارة الهجرة المصرية -في بيان- إلى أن وفدا من المهنيين والأكاديميين المصريين في أميركا قدّموا "تقييما شاملا لتأثيرات سد النهضة الإثيوبي على مصر، حيث أكدوا أن الحقيقة الأكثر بروزا وراء السياسة المائية لمصر، أن مناخ مصر شديد الجفاف (95% من مساحتها صحراء)، وتستمد 97% من مياهها من نهر النيل، وليست لديها أي مصادر أخرى للمياه".

كما دشّن مصريون بالولايات المتحدة حملة إلكترونية لجمع التوقيعات وحث الرئيس الأميركي دونالد ترامب على تفعيل مفاوضات سد النهضة، مُطالبين قادة أوروبا بتعليق الاستثمارات في إثيوبيا، بحسب قولهم.

لجوء النظام المصري إلى حق التظاهر الذي يحظره على معارضيه، أثار استغراب مراقبين وسياسيين تحدثوا للجزيرة نت، معتبرين الدعوة سقوطا دبلوماسيا في ملف سد النهضة، ويتناقض مع حظر التظاهر في مصر.

وتحظر السلطات المصرية التظاهر بموجب قانون صدر في نوفمبر/تشرين الثاني 2013، في عهد الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور، واستخدمته في منع الدعوة إلى مظاهرات سواء فئوية من أي نوع كانت أو سياسية، بدعوى تهديد الأمن القومي.

ويأتي تنظيم المظاهرة أيضا ردا على مظاهرة نظمها إثيوبيون في الولايات المتحدة الأميركية نهاية فبراير/شباط الماضي، لمطالبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وإدارته بالتوقف عن ممارسة الضغوط على بلادهم في ملف سد النهضة.

ونقل موقع "صوت أميركا" (Voice of America) عن المتظاهرين أمام وزارة الخارجية الأميركية، غضبهم من "محاباة" الجانب الأميركي لمصر في  مفاوضات سد النهضة، التي يشارك فيها كل من واشنطن والبنك الدولي كوسطاء ومراقبين.

وخلال الأسبوعين الماضيين، تصاعدت أزمة سد النهضة بعد إعلان إثيوبيا انسحابها من المفاوضات مع مصر والسودان برعاية أميركية، مؤكدة حقها في مياه النيل، وأنه لا توجد قوة تمنعها من استغلال مواردها في التنمية، وهو ما رفضته القاهرة واعتبرته تصعيدا غير مبرر.

مشهد عبثي
ووصفت منسقة حركة 6 أبريل في أميركا سوسن غريب، المشهد الذي دعت له الحكومة المصرية بالعبثي، قائلة "وزيرة الهجرة التي تمثل نظام السيسي الانقلابي صاحب قانون التظاهر الذي سجن بسببه الآلاف من الشباب في مصر، تدعو اليوم كل مصري للتظاهر في أميركا، ما يحدث هو عبث وازدواج في المعايير وينم عن قلة الحيلة والهوان".
واتهمت وزارة الهجرة بمحاولة تبييض وجه النظام في مصر، وخداع الشعب المصري بعد فشل مفاوضات سد النهضة في واشنطن الشهر الماضي.

وأضافت كان من الأولى بالحكومة المصرية البحث عن خيارات دبلوماسية أكثر فاعلية، تحترم حق المصريين في المياه.

أما رئيس مركز الحوار بواشنطن عبد الموجود الدرديري، فقد أعرب عن استغربه واستهجانه "لهذا الأسلوب غير المهني وغير المجدي، لأن المظاهرات دور منوط بمنظمات المجتمع المدني لا الحكومات التي تمتلك أدوات دبلوماسية عديدة يمكنها توظيفها من أجل قضاياها المصيرية".

وأضاف للجزيرة نت أن مثل هذا التصرف ينم عن فشل الدبلوماسية المصرية وفقدانها كل أوراق الضغط، قائلا "كان على نظام السيسي أن يكون صادقا ولو لمرة واحدة مع شعبه ويصارحه بعمق الأزمة ويستعين بشعبه لحلها".

بدوره، قال المتحدث باسم الجمعية المصرية الأميركية للديمقراطية وحقوق الإنسان سعيد عباسي إن "قمة التناقض أن يدعو السيسي -الذي يكفر بحرية التظاهر- لمظاهرة أمام البيت الأبيض بشأن سد النهضة!، وكيف يستجيب المصريون لمن صادر حريتهم؟ وكيف يطالب بحماية حقوق مصر المائية وهو من فرط فيها ووقع على اتفاقية المبادئ في 2015 وتنازل عن حق مصر التاريخي في النيل؟".

وتابع في حديثه للجزيرة نت إذا كان السيسي يريد حقا الحفاظ على مياه النيل، فيجب عليه أولا أن ينسحب من اتفاق المبادئ الذي وقعه في الخرطوم عام 2015، وأن يتجه إلى مجلس الأمن، والتهديد باللجوء إلى القوة، ولكنه لا يلجأ إلى القوة إلا في قمع الشعب المصري وليس من أجل الأمن القومي.

ضغط مصري
في المقابل، قالت العضو بالجالية المصرية في الولايات المتحدة شيرين النجار إن "المصريين قرروا تنظيم وقفة احتجاجية أمام البيت الأبيض، اعتراضا على موقف إثيوبيا من أزمة سد النهضة".

وأضافت خلال مداخلة هاتفية مع التلفزيون المصري إن إثيوبيا دأبت خلال خمس سنوات هي عمر المفاوضات الخاصة على المماطلة وإضاعة الوقت لحين الانتهاء من بناء السد.

وأكدت أن المصريين قرروا التظاهر للضغط على الإدارة الأميركية لتتخذ خطوات عملية تجاه أديس أبابا التي انسحبت من المفاوضات، في انتهاك واضح لاتفاقية المبادئ، على حد قولها.

المصدر : الجزيرة